السلام، رسالة جميع الإنبياء والمصلحين الإجتماعيين، الذين ضحوا بأنفسهم من أجل إبلاغ تلك الرسالة، إنتظاراً منهم ليومٍ يعمُ فيه السلام جميع أرجاء العالم، فهل سيأتي ذلك اليوم الموعود؟
على مدى عصور التاريخ وفتراته المتعاقبة، كان الحكماء والفلاسفة والمفكرين والعلماء، هم المستضعفون في الأرض، لأنهم لا يلجئون إلى السلاح المدمر أبداً، بل إلى الحوار وترسيخ مبادئ المجتمع الإنساني، وكان الواحد منهم يحسب ألف حسابٍ، قبل أن يُطلق نظريتهُ أو رأيهُ في موضوع ما، وصولاً إلى عصرنا هذا؛ في مجتمعنا الآن نرى ما يعرفون بالتكفيريين والعنصريين والمَصلحيين والوصوليين الإنتهازيين……إلخ، يفتكون بالمفكرين والعلماء أشر الفتك، كما فعلت بني اسرائيل بأنبيائها، وهو تجسيداً لقول الرسول: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل؛ فما أن يُستَدلُ اليوم على أحدهم حتى يُقتل.
ليست أحلاماً، تلك التي أطلقها الحكماء والفلاسفة والعلماء والإنبياء، وبشّرَ بها المرسلون، بل حتى ما حاكهُ أصحاب الأساطير والمعتقدات، من خرافات وخوارق لإشخاصٍ عاشوا في زمانهم؛ تلك الأساطير التي حاكت الطبيعة آنذاك، فقد كان الصراع بادئ الأمر، هو صراع الإنسان مع الطبيعة، ومحاولته وسعيهِ للتحكم فيها، وهذا الصراع هو مَنْ أنتج الحضارة، على خلاف ما يقولهُ بعض المفكرين، بأن صراع الإنسان مع أخيه الانسان هو مَنْ أنتج الحضارة!
ليست أحلاماً أبداً، إنهُ التطور الكبير الذي حصل للإدراك الإنساني، بعدما نجحت محاولته، وجنى ثمار سعيه في إرضاخ الطبيعة، ونزولها لتحقيق رغباته، إنَّ نهاية التاريخ التي يتنبأ بها العلماء الفيزيائين، وقبلهم الفلاسفة، أو الوراثة التي أكد عليها الإنبياء، شيءٌ لا بُدَّ من حصوله، كما برهنت عليه الفلسفة والأديان السماوية، وأن (دولة العلماء) سوف تأتي، وأطلقُ عليها تسمية (دولة اللا حكومة)، حيث يكون الإنسان حاكمٌ نفسه، من خلال معرفته للقوانين وروحها، فيقوم بتطبيقها، وبهذا تُؤدى الواجبات ولا تُستلبُ الحقوق، وهو ما تسعى إليه الفلسفة والأديان السماوية.
إن التطور التكنلوجي الحاضر، ساهم بشكل كبير في التطور الفكري والمعرفي، والذي بدوره يؤدي قطعاً بالإنسان، إلى فهم معنى الحياة، فهماً بعيداً عن حب الذات، أو التعامل بلغة الغاب، اليوم نرى أغلب الناس، عرفوا معنى الدين الحق، الذي ضحى من أجله الإمام الحسين بن علي، والدين الباطل، الذي أراد يزيد وكهنة المعبد أن تتبناه الناس، اليوم نرى مقتاً شديداً لما تقوم بهِ الجماعات التكفيرية العنصرية، والفكر الجاهل الذي تتبناه هذه الجماعات، مما يُنبأُنا بأن اليوم الموعود بات قريباً جداً، ونحن نعيش معهُ بداية النهاية لصراع الإنسان مع أخيه الإنسان.
لم يتبق سوى ظهور المصلح الأكبر، الذي سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً، بعدما مُلئت ظلماً وجورا، وإن الصبحَ لناظرهِ لقريب.