23 ديسمبر، 2024 5:25 ص

إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق تطال بيت الفنان التشكيلي غالب المنصوري في بغداد !

إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق تطال بيت الفنان التشكيلي غالب المنصوري في بغداد !

كثيرة هي المظاهر الطارئة التي أقحمت على المشهد العراقي في أعقاب التغيير السياسي الذي سقط بموجبه النظام الدكتاتوري البائد في العراق ، فبينما كانت مختلف شرائح المجتمع تتطلع  لإقامة نظام ديمقراطي تعددي تُحترم فيه الحقوق والحريات المدنية ، تلك المبادئ التي لطالما تغنت بها أحزاب المنطقة الخضراء بالامس القريب ، واليوم وبعد أن تمكنت من السيطرة على مقاليد الحكم بموجب نظام المحاصصة المقيت الذي أوصل من أوصل إلى مواقع ومراكز حكومية من لا علاقة له بهذا الأختصاص أو ذاك وذلك ينطبق على مختلف مفاصل الحياة في العراق ، وبما إن اليوم يصادف مناسبة إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حريٌ بنا أن نراجع سجل حقوق الإنسان العراقي وما تم تقديمه له خلال الفترة من 2003 حتى الآن من حقوق مدنية وخدمات وأسباب الحياة الكريمة ، والثقافة بوصفها العنوان الأبرز لإرتقاء الشعوب والأمم عانت من تلك المظاهر الطارئة التي شهدها الواقع العراقي في ظل وجود ثلة من الأحزاب جُلها لايؤمن بالثقافة ودورها ، الامر الذي جعل هذا القطاع الحيوي يتعرض لأشرس هجمة من أصحاب التوجهات الظلامية التي تريد حجب نور الثقافة وتغرق البلاد والعباد في غياهب ثقافة جديدة مستوردة لغرض تحقيق مكاسب سياسية لاسيما مع إقتراب موسم الانتخابات ، ولاشك أن الوسط الثقافي الذي بدأ العديد من المشتغلين به في مغادرة العراق بسبب السياسات الخاطئة التي تنتهجها المؤسسات الثقافية الحكومية من أكثر القطاعات التي ما زالت تعيش بين مطرقة الجهاز الحكومي من خلال وضع الأشخاص في غير أماكنهم المناسبة بدء ً من الوزير الذي مع إحترامنا له فهو لا يمت للثقافة بصلة ، ونراه تارة وزيرا ً للدفاع وتارة أخرى وزيرا ً للثقافة والبون شاسع بين الوزارتين ، فضلا ً عن مواقع حكومية مختلفة الامر الذي إنعكس على واقع إدارة هذه الوزارة فالتعثر والتلكؤ هما السمات الأبرز في المشهد الثقافي العراقي ، لذلك نشهد بين الفينة والأخرى ردود أفعال تندد بسوء التخطيط والإدارة لتلك الوزارة وآخرها بيان الشعراء والأدباء الذي أطلق على خلفية إقامة المهرجان الشعري العربي الذي أفتتح اليوم على أيدي موظفي الوزارة المذكورة علما ً أن معظم الشعراء الذين أصدروا بيانهم بضرورة مقاطعة هذا المهرجان الشعري الذي إتخذ صيغة مشابهة لمهرجان المربد الذي كان يقام أيام حكم النظام البائد ( أصحاب الزيتوني ) الذين إمتلأت كروشهم بالسحت الحرام  ، ومن أكثر ما يثير علامات الإستفهام اليوم هو تدخل الأحزاب في تفاصيل المشهد الثقافي ومحاولة إقحمام خطابهم الثقافي على المجتمع سواء بالترغيب أو الترهيب ، فضلا ً عن تجازواتهم على الفنانين والمثقفين ، ولعل الحادث الذي تعرض له بيت الفنان التشكيلي غالب المنصوري في بغداد يشيء برؤية مفادها أن المثقف والفنان بات على مرمى حجر من أهداف هذه الأحزاب التي أثبتت خلال أكثر من عقد من الزمن أنها لا تختلف كثيرا ً عن سلوك نظام صدام الدكتاتوري والأدلة كثيرة على ذلك ، فحملة تحطيم النصب والتماثيل التي تعد جزءا ً  من إبداع الفنانين الذين قدموا محاكاة من خلال إبداعهم النحتي عن واقعة تاريخية معينة أو تقديم صورعن معاناة وهموم الفرد العرقي على مر العصور ، علما ً أن هذه النصب قد أنجزت بأنامل فنانين له ثقلهم على المستوى العربي والعالمي ، كما أن صدرور القانون الأخير   (الأخلاق) المثير للجدل هو دليل آخر على تخلف تلك الأحزاب الظلامية ، ولم يقف تجاوز أحزاب المنطقة الخضراء عند هذا الحد فهم يحابورن الجمال بمختلف تجلياته لأن الجمال لايعرف طريقا ً لهم بسبب تغلل
( الزنجار ) في قلوبهم الصدئة الأمر الذي جعلهم يحولوا العراق بلد الفن والثقافة والأدب بدون موسيقى وغناء ، وأذكر هذه الحادثة حينما كنت أزور العراق في العام الماضي حيث كان يستضيف الصحفيين العرب ضمن مؤتمر الصحافة العربي الذي إنقعد في بغداد حيث كانت قد أدرجت ضمن فعاليات الإفتتاح التي أقيمت على فندق الرشيد في المنطقة اللاّ  خضراء فقرة للفنون الشعبية التي يشرف عليها الأستاذ الفنان فؤاد ذنون وحينما قدمها عريف الحفل رفض نوري المالكي وتابعه علي الدباغ الملقلب بعراب صفقة السلاح الفاسدة وفق ما تم تسريبه ، الأمر الذي ولد نوعا ً من الاعتراض الممزوج بالدهشة من مصادرة فقرتهم الفنية ، واليوم لأن سلطتهم أصبحت مطلقة في ظل السيطرة على القضاء ، سولّت لهم أنفسهم في الهجوم على بيت الفنان العراقي المعروف غالب المنصوري حيث إنقضت مجموعة من ذوي الاحزاب الدينية التي تسيطر على منطقة الكرادة على بيت الفنان المذكور لتعيث به فسادا ً تحت ذرائع واهية حيث تم إتلاف جميع اللوحات وحرقها والعبث بها ومهاجمة أولاده الذين تعرضوا للضرب والإهانة ، فهل أصحبت اللوحة التشكيلية مخيفة إلى هذا الحد في زمن الجميع يتغنى بالديمقراطية بينما الإرهاب مازال يحصد أرواح أبناءنا في مختلف ربوع العراق والحكومة تغرق في وحل الفساد والصراع على المناصب ، والتقارير الدولية ما زالت تصنف العراق في المراتب العشرة الأولى في البلدان التي يتم فيها مما رسة الفساد الحكومي وفق تقرير منظمة الشفافية العالمية الأخير ، وحتى نحن المنفيين لم نتخلص من أياديهم الملوثة بالدم والسحت الحرام ، فالبعض بدأ يقرع الأبواب بحثا ً عن حملات إنتخابية مبكرة من خلال ندوات تغلفها عناوين ثقافية وتنظمها منظمات بعناوين شتى تحت بند حقوق الإنسان ، فهل إختلطت المفاهيم لتنشغل منظمات حقوق بالثقافة وتترك دورها في تكريس مفاهيم حقوق الإنسان فبعد أكثر من عشرة أعوام على التغيير مازال قاموس حقوق الإنسان في العراق خاضعا ً لسلطة الأحزاب النافذة في المشهد السياسي لذلك تستمر التجاوزات بحق الإنسان العراقي ، ولعل ما تعرضت عائلة الفنان المنصوري ومرسمه الشخصي خير دليل على أن لا جود لحقوق الإنسان في العراق ولا ننسى ما تعرض له الفنان والناشط هادي المهدي وآخرون .