23 ديسمبر، 2024 6:25 م

إنتصار الديمقراطية

إنتصار الديمقراطية

في خطوطها العامة، تؤمن الديمقراطية بالتداول السلمي للسلطة وبوجود رابح وخاسر فيها، والحكم في ذلك صندوق الإقتراع الذي يذهب إليه المواطن ليدلي بصوته للشخص أو الحزب الذي يعتقد أنه يلبي طموحاته وينجز ما وعد به جمهوره.
لأول مرة منذ عشر سنوات بعد التغيير في العراق، والذي أطاح بالنظام الدكتاتوري السابق بعد أن حكم العراق بالحديد والنار لمدة قاربت الخمسة والثلاثين عاما، نرى من يشيد بالعملية الإنتخابية (بالرغم من خسارته في الإنتخابات) ونقصد به الدكتور برهم صالح القيادي في الإتحاد الوطني الكوردستاني، ولم يكتف السيد صالح بذلك، بل أنه نبه على المفوضية العليا للإنتخابات بتوخي الدقة خلال مراجعتها للطعون وعدم المحاباة أثناء عملها (( فأن يخسر المرشح في إنتخابات نزيهة، خير من فشل العملية الديمقراطية من خلال تزوير نتائج هذه الإنتخابات)).
موقف السيد الدكتور برهم ينم عن إيمان عميق بالعملية الديمقراطية، التي تسير بخطى حثيثة نحو إرساء جذورها بعد عشر سنوات من التغيير، بالرغم من المعوقات التي تعترضها بين الفينة والأخرى، ورسالة الى جميع السياسيين، بأن الخسارة لا تعني نهاية الطريق بالنسبة للسياسي، فعمله لا ينتهي لأنه لم يدخل الى قبة البرلمان ويمارس عمله التنفيذي بمراقبة عمل السلطات التنفيذية، بل أنه عندما يكون خارج قبة البرلمان يكون عمله أدق وأعمق كونه لا يتعرض لضغوط من قبل السلطة التنفيذية وإغراءاتها التي تحاول أن تثنيه عن أداء عمله الرقابي بصورة صحيحة.
قبل الدكتور برهم صالح، وتحديدا في إنتخابات عام 2010 خرج تيار شهيد المحراب بعدد قليل من المقاعد النيابية في مجلس النواب ((17 مقعد)) وهو رقم لا يوازي ثقل هذا التيار في الشارع العراقي، وهذا لا يعني أن جمهوره خذله وتركه وحده يواجه المخاطر المحدقة بالعراق، كما أن ذلك لا يعني إنكسارا، بقدر ما هي أخطاء سبقت الإنتخابات إستغلها البعض في محاولة تسقيط لكوادر التيار، ومع هذا فلم يفت كل الذي جرى في عضد قيادة تيار شهيد المحراب، لأن التيار وبعد أن خرج من الإنتخابات النيابية السابقة أخذ يلملم أوراقه من جديد ويرتب الأولويات بالنسبة إليه، وهو ما يمكن أن نعبر عنه بثورة إدارية قام بها السيد عمار الحكيم من خلال تنظيمه لتشكيلات التيار، وتأسيس تجمع الأمل والذي يظم كوادر شبابية مثقفة، تؤمن بأن العراق لا يمكن أن يدار إلا من قبل أبناءه، ويجب أن يكون هؤلاء متسلحين بالعلم والخبرات كل في مجال عمله وإختصاصه، مع مراعاة مسألة جوهرية؛ وهي عدم تهميش الآخر مهما كانت إلإختلافات والتقاطعات معه، فبالضرورة يجب أن تكون هناك مشتركات فيما بين الجميع ويتم البناء على أساس هذه المشتركات.
إذا ليست الخسارة في الإنتخابات نهاية المطاف بالنسبة للسياسي، بل يجب أن تكون نقطة إنطلاق لمعرفة نقاط الضعف خلال المرحلة السابقة، وهو ما فعله عمار الحكيم؛ وقد بدأ يجني ثماره؛ أو بدأ جني الثمار والذي كانت باكورته في إنتخابات مجالس المحافظات في 20 نيسان من هذا العام، والذي نأمل أن يتوجها بفوز لا يقل ألقا من فوزه في الإنتخابات المحلية ليعبر بالمواطن الى الضفة التي يمكن من خلالها أن يستشرف مستقبل زاهر للبلد وللمواطن على حد سواء، ليؤسس لدولة عصرية عادلة يعيش فيها الجميع بما يضمن حقوقهم بعيدا عن المحسوبية والقبلية .