23 ديسمبر، 2024 10:09 ص

إنبطاح طنبورة في البرلمان

إنبطاح طنبورة في البرلمان

الطبيعية العدوانية عند البشر، من آثار القوة الحيوانية في منظور فلسفة القوى المتصارعة داخل النفس؛ تؤدي الى الظلم والعدوان والكراهية وممارسة النزوات، ومنها تمتد اليد الى متاع الأخ ويسود منهج الأخذ، ويطول لسان لا يصده وازع.
طبيعة الإنسان: مجبول على الخير والشر، تمنعه سلطة الضمير ومفاهيم الإنسانية، لقيام الحياة الإجتماعية، فكيف إذا كان لايملك وازع وبيده سلطة وضعية؟!
ينطق الإنسان من طبيعة تفكيره، والظروف التي يتعرضها، وهنالك عوامل أساسية، تحدد شخصية يتفرد بها وتقرُّ طبيعة تعامله وهي: البيئة والتربية والوراثة، وهنا أما أن يكون متلون فيقصد غير ما يقول، أو يتكلم بفرطته.
حينما دخل شاعر أبن بادية على أحد ملوك بغداد، وصفه بأبيات شاعر قال فيها: أنت كلبٌ في الوفاءِ، وأنت دلوٌ في العطاءِ، وأنت تيسٌ في الكبرياءِ، إستلَّ الحراس سيوفهم عليه، وقال الملك إتركوه أنه يتكلم البداوة، وعندهم الكلب قمة الوفاء وهو الحارس، والدلو للعطاء وبدونه لا يشربون الماء ويعني الموت، والتيس في قمة الكبرياء،ويقال المعني بقلب الشاعر، حتى أسكنه قصر في الرصافة على جانب دجلة، فكتب أجمل مقدمة غزلية مطلعها: عيون المها بين الرصافة والجسر.
الشاعر سرعان ما يتأثر بالبيئة، ولا يتكلم إلاّ بالشعور، وليس مثل حكاية المثل العراقي(عرب وين طنبورة وين)، تلك الخرساء التي لا تسمع ولا تعرف ما يدور حولها، ولم تفكر تلك اللحظة والقوم يتعرضون لكارثة، سوى الإنبطاح في فعلها، ويمكن لنا أن نعذرها؛ لأن دلالات فعلها إعتادت عليها بمجرد الإشارة؟!
بعض الناس خرج من دهاليز البيئة النتنة، ودخل عالم السياسة والرفاهية والسلطة، وتخلص من تاريخ العوز والتعبد والصنمية، ولم يتحول مع البيئة الجديدة ويتخلص من أفعاله الّلأخلاقية، إمتطى عالم السياسية المليئة بالألفاظ الغربية، الغريبة عن الناس، ودون فهم تلقفتها ألسنة الأفاعي الرقطاء، كملمعات خطابة، مرة يتحدثون بالديموقراطية واللوجستية والبرجوازية والديموغرافية، ولم يستخدموا حتى قشورها، وترجموها الى صناعة بدائل عراقية: عنق الزجاجة والمربع الأول والفرقاء والمكونات والإنبطاح وغيرها.
الفرقاء لتفريق وحدة العراق، والمكونات لتكوين إمبراطوريات شخصية، تخنق الجمهور في عنق زجاجة جارحة، وألسنة بألفاظ قادحة لا أخلاقية؟!
تتداول عند نساء السياسة مصطلح الإنبطاح، على خط الأزمة هذه الأيام، تعبيراً عن نتائج خلاصة التفكير والممارسات، والإختلاجات النفسية التي تدل عن إنحراف قيمي وإجتماعي، وأن كانت الأمثال تضرب ولا تُقاس، هناك من يفكر بما تفهمه (طنبورة)، وقد عرفنا في عالم السياسة الغرائب، ومعظم أموال الفساد تتحول الى الليالي الحمراء، ونعرف جواز تعدد الزوجات للرجال، ويقال العراقي حينما تكثر أمواله أول ما يفكر به الزواج وشراء السلاح، ولم نعرف تعدد الأزواج للنساء، ويبدو أن الإنبطاح يتلذذ بعضهم بترديدها، إنطلاقاً من الماضي وإستثمار سلطة الحاضر؟! فما بالك إذا كانت طنبورة، (يلعع) لسانها داخل وخارج البرلمان؟! والمعنى بقلب الشاعر؟!