23 ديسمبر، 2024 3:52 ص

الولايات المتحدة الامريكية تحاول بشتى الوسائل والطرق؛ جر روسيا الى سباق تسلح جديد، لا طاقة وامكانية للاخيرة بتحمل كلفته، من الغاء معاهدة الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، الى محاولة الغاء او عدم تجديد معاهدة ستارت 3، والتى ينتهي العمل بها في العام القادم. فقد عقدت اجتماعات بين الروس والامريكيين في فينا قبل ايام، للبحث في امكانية تجديد المعاهدة سابقة الذكر، وتم الاتفاق بين الجانبين على عقد اجتماعات بين الخبراء الروس والامريكيين في نهاية الشهر المقبل. الامريكيون وجهوا الدعوة الى الصين للمشاركة في هذه الاجتماعات، لكن الصين رفضتها جملة وتفصيلا. المارشال بيلينغسلي الذي يرأس الخبراء الامريكين في الاجتماعات، اتهم روسيا بانها تحاول شق حلف الناتو وهذا لن يحدث، بالاضافة الى انها وهو يقصد هنا روسيا تصرف النظر عن محاولة الصين تراكم الاسلحة الهجومية الاسترتيجية في الخفاء. الامريكيون يريدون الخروج من معاهدة ستارت 3 باي طريقة وحجة، لذا يحاولون اشتراك الصين في المعاهدة السالفة الذكر، وهم يعلمون ويدركون تماما بان الصين لن تشترك في هذه المعاهدة او اي معاهدة اخرى تحد من طموحها وحركتها في الوصول بالحجم والنوعية الى مستوى ونوع وحجم ما عند الاثنين، روسيا وإمريكا. عليه فهي لعبة امريكية لجر روسيا والصين الى سباق تسلح جديد. الهدف هو الصين بالدرجة الاولى وبالدرجة الثانية روسيا، لجعل الاولى تنفق جزءا كبيرا من امكانياتها المادية الضخمة على التسلح، في البحث والاختراع والابتكار والتصنيع، مما يقود بالنتيجة الى الحد من قدراتها المالية، على المنافسة مع الولايات المتحدة، في الصعد الاقتصادية والمالية والتجارية والاستثمارية في دول العالم الثالث على ظهر المعمورة. وبالاستناد الى نية وهدف الولايات المتحدة من اجراء مناقشة وبحث تجديد ستارت 3، فأن المعاهدة وبكل تأكيد سوف لن يتم تجديدها. مما يدفع الجانبين، الروس والصينيين الى زيادة التعاون والشراكات الاقتصادية والتجارية والمالية والسياسية والعسكرية، لخلق جبهة صلبة وقوية ورصينة في مواجهة الولايات المتحدة الامريكية، التى تتراجع قدراتها وامكانياتها وتاثيرها في العالم بصورة واضحة لالبس فيها، حتى مع اقرب حلفائها الاوربيين. المانيا وعلى لسان ميركل، هددت باجراء حاسم ضد الولايات المتحدة، في حال فرضت الاخيرة، عقوبات على السيل الشمالي الثاني، الذي يزود الماينا بالغاز الروسي. دول الاتحاد الاوربي على حافة الدخول بحرب تجارية مع الولايات المتحدة، سوف تنعكس لاحقا على طبيعة العلاقة بينهما. الولايات المتحدة تخسر تباعا ثقة حلفائها بها. في الجانب الثاني يحقق الصينيون تقدما مذهلا وفي جميع المجالات وكذلك الروس، يزداد تاثيرهما في العالم، وتزداد مع الزمن ثقة دول العالم الثالث بهما، اضافة الى التكتلات الاقتصادية، والتى لهما فيها تاثيرا فعالا، البريكس، واوراسيا وغيرهما. مما يعني زياد نشاطهم الاقتصادي والتجاري والمالي في عدد كبير جدا من دول العالم الثالث والدول متوسطة القوة وحتى البعض من الدول الكبرى، الهند مثلا، فيما الولايات المتحدة تفقد وتخسر بأطراد مواقع تاثيرها في كوكب الارض، بفعل استخدامها لقدراتها الاقتصادية والتجارية، وتحكمها بالمال العالمي بواسطة الدولار، على اقتصادات دول عظمى وكبرى ودول من العالم الثالث، لأجبارها على الانصياع للسياسة الامريكية في السيطرة على حكومات دول العالم او الأتيان باخرى بديلا عنها، وتابعة لها، تحت تاثير الضغط الاقتصادي القاسي، والشرس واللانساني. الصين من جهتها وحسب ما تنقالته الاخبار من انها تراكم كميات كبيرة من الذهب، عبر استثمارتها في دول غنية بمناجم الذهب، كي تجعل احتياطاتها من الذهب بدل الدولار، كما فعلت وتفعل الى الآن روسيا، واذا ما نجحتا في هذا المنحى، سوف تغريان، وتجران، دول كثيرة وبالذات الدول الكبرى، للتخلص من هيمنة الدولار، مما يعني توجيه ضربة قاتلة لهيمنة الاقتصاد الامريكي على الاقتصاد العالمي. عليه، فان سباق التسلح الذي بدأ فعليا بين روسيا والولايات المتحدة والصين؛ سوف يضر بالاقتصاد الامريكي اكثر مما يضر بالاقتصاد الصيني او الروسي، بفعل سبيين، اولا؛ الصين لها قدرة مالية واقتصادية ضخمة، تتحمل كلفة سباق التسلح، فالصين ليس لها، كما الولايات المتحدة لها، قوات منتشرة في بقاع كثيرة من الكرة الارضية، تضطر للانفاق الهائل، عليها. روسيا وكما يقول الرئيس الروسي، سوف تقوم بصناعة اسلحة، واطئة الكلفة وفي نفس الوقت، ضاربة وستراتيجية، توازي الاسلحة الامريكية، في بعضها، وفي الاخرى تتفوق عليها، ويقصد الصواريخ فرط صوتية. ثانيا؛ زيادة تاثير الدولتين في العالم، وزيادة المساحة في الاقتصاد والتجارة والمال التى تفتح لهما، من خلال التكتلات سالفة الذكر، اضافة الى ان الدول الاعضاء في المجموعات المشار إليها، اتفقت او في الطريق الى الاتفاق على استخدام العملة المحلية في التداول. ان الزمن الذي تربعت فيها امريكا على كرسي قيادة العالم، قد مات ولاتجود قوة في الكون بقادرة على اعادته الى الحياة. جميع المعطيات الواقعية والموضوعية، تؤشر وبوضوح؛ ان دنيا العالم تعيش مرحلة انتقالية، تمهد الطريق لعالم جديد، سوف يحل محل هذا العالم الذي نعيش في اتون حروبه وصراعاته. ان العالم قد شهد؛ تحولان، الاول بعد الحرب الكونية الاولى، والثاني بعد الحرب الكونية الثانية، في الحالتين، تم اعادة صياغة القوانيين التى تنظم العلاقات الدولية؛ أما في القوت الحاضر سوف يتم اعادة صياغة القوانيين التى تنظم العلاقات الدولية، مستبقلا، بلا حرب كونية كارثية، بل حرب من نوع اخر، حرب في الاقتصاد والتجارة والمال، اولا، وثانيا، حرب في ثورة الاتصالات والمعلوماتية، وفي الحرب السيبرانية.. بفعل تاثير الشبكة العنكبوتية، تم تثوير الشعوب الامريكية بعد مقتل جورج فلويد، بطريقة بشعة ووحشية، شاهدها الامريكيون في لحظتها؛ في تظاهرات صاخبة عمت اغلب المدن والولايات الامريكية، كشفت للدنيا كلها؛ الوجه القبيح للامبريالية الامريكية، وعنصريتها.