7 أبريل، 2024 2:35 م
Search
Close this search box.

إمتيازات أُسَرِ الشهداء … وفوضى التشريعات ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم الأول
على الرغم من أن أسماء الأحياء عند ربهم يرزقون لم يطلع عليها أحد منكم ، إلا إن سجلات أنظمة الحكم الجائرة في كل عصر وزمان ، مليئة بأسماء المتشابه منهم تقليدا سياسيا ، من شدة بأس ما بين رموزها ، وترجمة لقاعدة ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) ، ومن ثم للتغطية على شواهد ظلمها بهلاك أنفس غيرها من غير ذنب أو خطيئة بشكل عام ، حتى بات القول عرفا بيننا ، أن كل الشعب العراقي شهداء ، أموات وأحياء ، ولكن لا نصيب له من قدر المعنى والمقصود ، غير الهم والغم المتكرر في أزمنة من تولى أمره بدون حق ، ولم يؤد الذي عليه في مسؤوليته عنه ؟!، لقد قرأت ما ورد في ديباجة الدستور ، فوقفت عند مقطع المشترك من عدم التسامح والنسيان ( مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ، ومستلهمين فجائع شهداء العراق شيعة وسنة ، عربا وكوردا وتركمانا ، ومن مكونات الشعب جميعها ، ومستوحين من ظلامة إستباحة المدن المقدسة والجنوب في الإنتفاضة الشعبانية ، ومكتوين بلظى شجن المقابر الجماعية والأهوار والدجيل وغيرها ، ومستنطقين عذابات القمع القومي في مجازر حلبجة وبارزان والأنفال والكورد الفيليين ، ومسترجعين مآسي التركمان في بشير ، ومعاناة أهالي المنطقة الغربية كبقية مناطق العراق ، من تصفية قياداتها ورموزها وشيوخها ، وتشريد كفاءاتها ، وتجفيف منابعها الفكرية والثقافية ، فسعينا يدا بيد ، وكتفا بكتف ، لنصنع عراقنا الجديد ، عراق المستقبل ، من دون نعرة طائفية ، ولا نزعة عنصرية ، ولا عقد مناطقية ، ولا تمييز ، ولا إقصاء ، لم يثننا التكفير والإرهاب من أن نمضي قدما لبناء دولة القانون ، ولم توقفنا الطائفية والعنصرية من أن نسير معا لتعزيز الوحدة الوطنية ، وإنتهاج سبل التداول السلمي للسلطة ، وتبني أسلوب التوزيع العادل للثروة ، ومنح تكافؤ الفرص للجميع ) . فتأكد لي بأن ذلك تمهيد للعمل بخلافه ، ووقائع الأحداث بعد الإحتلال دليل حق وعين يقين لا يمكن لمنصف نكرانه ، بسند مخالفة نص المادة (14) منه ، بأن العراقيين ليسو على قلب رجل واحد وغير متساوين ( أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الإقتصادي أو الإجتماعي ) ، ومن ثم بنص المادة (104) منه ، الذي كان التوجه فيه إلى أن ( تؤسس هيئة تسمى مؤسسة الشهداء ، ترتبط بمجلس الوزراء ، وينظم عملها وإختصاصاتها بقانون ) ، ولكني ومع كل عدم الإعتراف بمعظم ما تضمنه الدستور ، لم أتوقع أن يكون القانون الصادر حينها وبالإستناد إليه ، أداة دفع بإتجاه التمييز المخل بين من يعتقد أن الشهداء نوعان ، أحدهما كان من أنصار نظام الحكم السابق ، والآخر من مؤيدي النظام القائم ، المستحقة أُسرهم فيض الطوفان من المنح والعطايا والهبات المادية والمعنوية ، غير المنسجمة مع حق من عند الله أحياء يرزقون ، لأن تكرار صياغة الأسباب الموجبة للتشريع بإختلاف اللفظ وتطابق المعنى السياسي ، مع تقاطع المقاصد والنوايا والتوجهات ، والتشابه في الوصف المعتمد على مشتركات فن الكذب والتلاعب بالألفاظ وخلط الأوراق ، المبتدئ عند أول وآخر القول المتعاهد سياسيا : ( لقد مر العراق بفترة عصيبة قلما شهد التأريخ لها مثيلا ، حيث شهد تسلط حفنة من المجرمين ، يتزعمهم أعتى دكتاتور شهده التأريخ الإنساني ، ولقد تمخض عن ذلك سقوط مئات الآلاف من العراقيين شهداء ، قدموا أنفسهم فداءا للوطن والمبادئ الإنسانية . وقد ترتب على ذلك إلحاق أبلغ الضرر بعوائل الشهداء الذين تحملوا مصاعب مركبة ، ومن أجل الإيفاء بجزء بسيط مما قدموا فداءا للعراق ، وتضحية في سبيل المبادئ الإنسانية السامية ) ، وذلك ما كنا نسمع شبيهه في البيان رقم (1) عند كل ثورة أو إنقلاب ، ومن ثم ليصبح من الأسباب الموجبة لكل تشريع ، ومنها قانون مؤسسة الشهداء رقم (3) لسنة 2006 النافذ إعتبارا من 6/3/2006 ، المعدل بالقانون رقم (22) لسنة 2009 ( لوجود ثغرات ولتلافي النقص الذي افرزه التطبيق ولرفع الحيف وتحقيق العدالة ، في منح الحقوق والامتيازات لذوي الشهداء بما يتناسب وحجم التضحيات التي قدمها الشهداء ) إعتبارا من 11/1/2010 , ومن ثم إحلال بديلهما قانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016 ، ( لتحقيق العدالة في منح الحقوق والإمتيازات لذوي الشهداء من ضحايا النظام البائد ، من خلال رفع مستواهم المادي والعلمي والصحي والثقافي ، وبما يتناسب وحجم تضحياتهم ، وتثمينا لشهداء مجاهدي الحشد الشعبي في الحفاظ على أرض ومقدسات العراق ، شملوا بذات الحقوق والإمتيازات الممنوحة لشهداء النظام البائد ، وتكريما وإنصافا لشهداء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية ، ولغرض إيصال الحقوق لذويهم ) إعتبارا من 25/1/2016 ، الذي نورد بعض أحكامهما للدلالة على منح ما يتضمنه كل منهما من الإمتيازات غير المسبوقة ، للمشمولين بهما إعتبارا من تأريخ نفاذ كل منهما ، مستذكرين تحوطا نص المادة (17/ ثانيا) من القانون الأخير والنافذ حاليا ، خشية تفسير البعض لما سيرد في المقال من آراء قد لا تتوافق ورغبة ومصلحة المعنيين ( سلطة ومستفيدين ) ، ومن ثم خضوعنا لحكم نص غير متطابق مع وقائع الحال ، ولكنه قابل للتأويل الخبيث سياسيا ، بأن ( يعاقب كل من يسئ إلى حرمة ومكانة الشهداء أو ينكر تضحياتهم بالعقوبات المنصوص عليها وفق أحكام المادة (372) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 وتعديلاته ) . وإن كان ذلك مخالفا لنص المادة (38/أولا وثانيا) من الدستور حيث ( تكفل الدولة ، بما لا يخل بالنظام العام والآداب ، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل . وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر ) . مع إن مقالتنا ستتناول إمتيازات أُسر الشهداء التي ما أنزل الله بها من سلطان ، ولا علاقة لها بمكانة وحرمة من هم أكرم منا جميعا ، وليس لنص المادة (372) من القانون المذكور أية صلة بالموضوع ، غير ترجمة سياسة لتكميم الأفواه ومنع الرأي والنشر المتصدي لحالات الفساد الإداري والمالي والتربوي ، الذي لم ولن يوقفه حكم النص على أن :-

1- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات :-

أ- من إعتدى بأحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية أو حقر من شعائرها .

ب‌- من تعمد التشويش على إقامة شعائر طائفة دينية أو على حفل أو إجتماع ديني أو تعمد منع أو تعطيل إقامة شيء من ذلك .

ج‌- من خرب أو أتلف أو شوه أو دنس بناء معدا لإقامة شعائر طائفة دينية أو رمزا أو شيئا آخر له حرمة دينية .

د- من طبع أو نشر كتابا مقدسا عند طائفة دينية إذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه أو إذا إستخف بحكم من أحكامه أو شيء من تعاليمه .

هـ- من أهان علنا رمزا أو شخصا هو موضع تقديس أو تمجيد أو إحترام لدى طائفة دينية .

و- من قلد علنا نسكا أو حفلا دينيا بقصد السخرية منه .

2- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من تعرض بإحدى طرق العلانية للفظ الجلالة سبا أو قذفا بأية صيغة كانت .

لقد مارس البعض كل ما نصت عليه المادة (372) من سيئات السلوك والتصرفات ، والسلطات على علم وإطلاع تام بما يجري ، ولربما كان البعض من عناصرها داعما ومؤيدا لذلك ، ولكنها تمتنع عن تطبيق العقوبة ، لعدم توافقها مع ما تؤمن به وتروج له بأي شكل كان ، مع التهديد بنص القانون بفرض عقوبة السجن على من يلتزم إحتراما بقواعد السلوك السوي ؟!. ويدعو إلى منح حقوق المواطنين بمعايير ومكاييل وموازين الحق والعدل والإنصاف ؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب