19 ديسمبر، 2024 12:55 ص

إمام البلاغة و إمام الدين

إمام البلاغة و إمام الدين

(و الله لو اُعطيت الاقاليمَ السبعة بما تحت افلاكها على ان اعصيَّ الله في اُنملةٍ اسلبها جُلب شعير ما فعلت) هذه الكلمات الرائعة قالها إمام البلاغة و إمام الدين و سيد المتقين علي بن ابي طالب (ع) قبل 14 قرنا، قالها تلميذ الحبيب المصطفى محمد (ص) فكيف تكون كلمات من درسَ في مدينة العلم و تتلمذ على يد خير المعلمين و خاتم النبيين؟ انها جملة قصيرة، لكنها كبيرة، و بالقراءة و الحفظ جديرة. و المدقق فيها يرى انها تحتوي على علوم عدة، فعلم الجغرافية واضح فيها و علم الجيولوجي ثانيها و علم اللغة ثم علم الاخلاق و منظم الحياة (الدين).
          هذا الرجل القادم من الصحراء تجد الثورة في خياله و وهج الصحراء في عينيه و النداوة في قلبه و العدل على يديه و سيف الحق على كفيه و الصراحة على شفتيه قلبه مملوء بالرفق و الحنان. لن اتكلم عن العلوم التي ذُكرت في الجملة الرائعة و لن اصف إمام المتقين فاقلام الكون كله تعجز عن وصفه. لكن هذا الرجل الذي بشره الله بالجنة و رغم التبشير بالجنة يقف مصفرا مرتجفا عند الوضوء، و هو الذي صال و جال و كرَّ و لم يفر ابدا و شهدت له بذلك كل غزوات الرسول (ص) يقول انه يغشى ان يسلب انملة قشة شعير لانها معصية بالنسبة له.
          فيالصغرنا و يالوضاعتنا أمام إمام الدين و سيد المتقين فليحفظ الوزير هذه الجملة و ليحفظها المدير العام و المفتش العام و الوكيل الاداري و العلمي و ليحفظها الاستاذ و العميد و معاون العميد ليحفظها الضابط و الجندي، المفوض و الشرطي و ليحفظها السائق و الراكب، و ليحفظها التاجر و البائع و المشتري فليحفظها الخياط و الزبون، فليحفظها الحداد و النجار، فليحفظها المعلم و المعلمة، الطبيب و الطبيبة، الممرض و الممرضة، الطالب و الاستاذ و الكل عبيد لرب العباد.         

ليطبق الجميع كلمات إمام البلاغة و إمام الدين و سيد الغر الميامين و إمام المتقين, و لندقق اعمالنا و اقوالنا لندقق في بيعنا و شرائنا في اوزاننا في كيلنا و مكيالنا فسلب القشة من انملة معصية بالنسبة لإمام المتقين!!! فما الذي سيقوله سارق اموال الشعب؟! و ما الذي سيقوله المزور؟! و ما الذي سيقوله الغشاش و النمام و الكذاب و الراشي؟! ما الذي سيقوله القاتل ما الذي سيقوله آكل اموال السحت؟! ما الذي سيقوله مثيروا الفتن؟! ما الذي سيقوله المعتدي على اموال و اعراض الشعوب و تهجير الملايين و ترميل النساء؟! ما الذي سيقوله من قاده الوسواس الخناس يوم تتقطع الانفاس؟! ما الذي سيقوله من اباد الشعوب يوم تلتف الساق بالساق  ؟!
          فلنبطئ في سيرنا و لنخفض صوتنا قبل ان ياتي اليوم الذي لا تنفع فيه اموالنا ولا اولادنا، (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم). 

[email protected]