23 ديسمبر، 2024 6:50 ص

إليوت يدقق الزمنَ في رباعياته إليوت يدقق الزمنَ في رباعياته

إليوت يدقق الزمنَ في رباعياته إليوت يدقق الزمنَ في رباعياته

يقدم إليوت جملة من التصورات التي يُطابق بها قضية الزمن عبر تجريد خصوصيات الزمن الثلاث ويميل الى جعل الأشياء التي تتحرك الى العزلة والباطنية ليكون الشعرُ مسمىً للزمان وبديلاً له، لم يتقاطع إليوت رغم هذه الرؤية مع ما يشكل الزمن من طاقة استثنائية سواء تلك الطاقة الايجابية الخلاقة او تلك الطاقة المحددة بعوامل الخيبة والانكسار، فالزمن يحيا بالسحر ويتقاطع ويشكل تماسكا في ظواهر الأشياء التي تعيد تشكيل زمنها وفق ما يترِك من تأثيرات في هذه الظواهر وليس ذلك فحسب وإنما دورة الانحلال هي دورة الرجوع ودورة الرجوع تعني اللحظة

التي تنبعث من خيط مرئي عبر نزق ملاك اكتسب صفات الأبدية المطلقة ليتم الانبعاث بالشكل الغيبي حيث لاعودة الى نقطة الانطلاق.

بتقديرنا أن إليوت يرى أن هناك ظلاما غير مقروء وعرضا متوالياً لأي فكرة إنطلاق وهذا المفهوم ساعده الى أن يذهب بعيدا في فكرة التقصي الذي يرى أن لانهاية لها في أي شيء فهناك إذابة للحظات الكبرى واللحظات الصغرى وهناك خليط من زمن بعيد وزمن قريب كلاهما لا يحملان مدلولهما وكذلك اشتباك بين اللامتوافقات لتكون تلك الافعال بدون غاية وبدون قصد فالتدقيق بالزمن يعني لدى إليوت التركيز على (لحظة الإفتداء) التي تعني معاينة تأثير القوى النفسية عبر رمزها واشاراتها التي تُطرق بها أبواب المخيلة:

التحرر الباطني من الرغبة العملية

الإضطرار الداخلي والخارجي

ضوء أبيض ساكن ومتحرك

ارتقاء من دون حذف

لا استطيع ان أقول

كم استدمنا

لأن ذلك

يضعها

في حيز الزمان

إن تكثيف المدلولات الشعورية مقابل اختصار المشاهد العينية رغم هول هذه المشاهد (الحرب العالمية الثانية) جعل من غير الممكن أن تكون هناك لحظة زمانية متأنية يستطاع بها أن يوضع لكل شيء خصائصه. وليس من شك إن مخادعة المشهد أي الظفر بغير الواقع للوصول الى ذروة الفعل العكسي يؤمن ذروة الإنفعال الفريد والذي يخلق الطقس المطلوب لتدارك المشاهد المكررة التي تحفل بها ويلات الحرب، فالأشياء لدى إليوت لا تصبح تراثاً إلا بعد أن تكشف عن لحظاتها التي ستؤثر في فعالية الماضي وقد أتت صوره المختصرة والعنيفة بما يشير لطبيعة فهمه لمفهوم

المفارقة والإختيار والأسرار إذ لم يمد يدا للعلاقات الطبيعية ما بين الأشياء وأن ذكر البعض منها لكنه يشير الى العلاقات المجهولة والتي تحتاج وكما ذكرنا الى المزيد من التقصي للوصول الى المزيد من التقصي دونما أي ذكر للوصول الى الإكتشاف لأن الإكتشاف يعني لديه تحجيم ونهاية:

كيما تمتلك ما لست تمتلك

عليك أن تذهب في طريق التجرد

كيما تصل الى ما لست إياه

عليك أن تذهب عن الطريق الذي لست فيها أنت

ومالست تعرف

هو الشيء الوحيد الذي تعرف

وما تمتلك

هو ما لست تمتلك

وحيث أنت

هو لست أنت

من المفيد ملاحظته أن هناك شكلا عاما ينحو الى الخاصية التي تتطابق في رسم الصور الشعرية يتم بكشف المألوف أي تسليط الضوء على كميات مكونات اللغة المستخدمة التي تتهيأ بموجبها العبارات، بعد أن تتم إقامة علاقات متباينة بين مشهد وآخر ولاشك بأن هناك أنقاضاً ما في مجاهل الغيب يراد منها وضع الزمان أمام دوائر إستفهامية ليكون موقف إليوت من الجمال موقفا يخضع الى التساؤل، وهذا يعني أن مثير العاطفة واقع تحت تأثير الصور الحسية السردية التي تبهر المتلقي بالتدرج وبشكل يوحي ان لا خاتمة فيه سوى تكرار الصعود والهبوط في مجاهل ما يترك لإعادة إستقرائه من جديد، ولعل هذه الجدية في إدامة تصوير الأبعاد وتنظيم هندستها وإحلال الممكنات بدلا من تنصيب الفعل الأحادي ربما يؤشر الإرتباط الوثيق مع اللحظة الزمكانية التي تظهر كمستكشف هنا وهناك.

ثمة المزيد الاخير

الواهنة, الإمتعاض لوهن القوى

الولاء لـلا احد

في قارب منجرف يدلف الماء فيه ببطء

الإصغاء الصامت للغطِ الأكيد

لجرس الإعلان الأخير

إن عدوى النقل العاطفي المحدد للأفكار يشغل بنيان الأشياء المحسوسة خاصة تلك التي لها بناءاتها في الفكر الفلسفي وأغلبها ما يشيع به الكون، بدءا من الطبيعة وملحقاتها والتي يبث الزمن فيها رسائله السرية حيث تقدم لنا زمانا لا نعيشه بل نتخيله بدليل أن إليوت وجده في أي عرض مبهم أو أي إطار مفتوح.

[email protected]