23 ديسمبر، 2024 4:26 ص

إليك أيها المختال الفخور…

إليك أيها المختال الفخور…

في سلك التعليم نسمع الكثير من الأسئلة والكثير من الأجوبة في آن واحد، وآخر شيء لفت انتباهي قول أحدهم: من هو المختال الفخور؟ فجاءت إجابة شخص آخر كالآتي: هو ذلك الثري المعجب بنفسه من يدوس على المستضعفين من حوله حيث يكسب سيارة فخمة وهاتف نقال آخر موديل ووو…

يجدر بنا قبل كل ما سبق ذكره الرجوع إلى القرآن الكريم لنجيب عن ذلك السؤال بقوله تعالى: “إن الله لا يحب كل مختال فخور” (سورة لقمان، الآية 18). والمختال هو المتكبر الذي يباهي بما أوتي، وللأسف هذه الفئة من الناس موجودة بكثرة في آخر الزمان الذي نعيشه اليوم من نساء ورجال، حيث نرى من يفتخر بماله وحسبه ومركزه الاجتماعي بل وينظر إلى من هو أدنى منه بإحتقار وسخرية متناسيا قوله عز وجل: “من عمل

صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد” (سورة فصلت، الآية 64).

قصة المختال الفخور تذكرنا بوصايا “لقمان” الحكيم لإبنه، فهو لم يكن نبيا أو رسولا لكن ذكره القادر عز وجل لحكمة إلهية بالغة في القرآن العظيم فأثنى عليه وحكى لنا من كلامه فيما وعظ به ولده ومن ذلك ما قال: “ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور” وهنا يغلب النهي على ذلك حيث يجعلنا نتذكر قوله تعالى: “وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع” (سورة الرعد، الآية 26) أين نرى اليوم الكثير من الأغنياء الذين أعطاهم عز وجل من الدنيا ما لا يمكن إحصاؤه لكنهم منشغلون بذلك عنه، بل يلهثون كالكلاب حول ملذات الدنيا ويبيعون أعمارهم بثمن بخس في سبيل ذلك، بل ويسعون لتربية أبنائهم وبناتهم على نفس المنهج للأسف الشديد.

ما يفزع الموتى في قبورهم هو أن هذه الفئة تسعى لإرساء “معالم السلام” في وطننا العربي اليوم بخطاب أو أغنية مصورة أو فيلم سينمائي أو تصوير الإعلانات وغيرها، فتتولد في نفوسهم حالة تسمى الفرح والسرور لكن كل ذلك مبني على نفاق اجتماعي فهم تناسوا قوله تعالى: “حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون” (سورة الأنعام، الآية 44).

المختال الفخور مريض قلبه لا محالة بل هو كقبر الميت ظاهره الزرع المخضر وباطنه الجيف، وهذا يذكرنا بحديث المصطفى صلى الله عليه و سلم: “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى أعمالكم وقلوبكم”، فلا عبرة إذن بحسن الظاهر مع خبث الباطن.

إليك أيها المختال الفخور: فلا المال ينفع ولا العمل يشفع، بل المفتاح الحقيقي للإنسان سلامة قلبه لذا كان غرض كل العبادات من صلاة وزكاة وصيام وحج في شريعة الإسلام الوصول إلى القلب السليم وهذا ما قاله

نبينا الحبيب عليه أزكى الصلاة والتسليم: “التقوى ها هنا” مشيرا إلى صدره، علامة على أن مكان التقوى هو القلب والله أعلم.