23 ديسمبر، 2024 7:18 م

إلى من يعنيهم الأمر .. العطل طريقة للخراب وليست حلا لكل المشكلات

إلى من يعنيهم الأمر .. العطل طريقة للخراب وليست حلا لكل المشكلات

بسبب الأمطار الغزيرة التي اجتاحت مدينة بغداد فقد أصدرت أمانة مجلس الوزراء بيانا أعلنت فيه يوم الخميس الماضي عطلة رسمية ، وكان المسوغ لمنح هذه العطلة هو لتعذر وصول الموظفين إلى مقرات العمل نظرا لانقطاع اغلب الطرق بعد غرقها أو لانشغال البعض بترتيب أمورهم الخاصة بعد أن طالتهم أضرار الأمطار ، ورغم إن هذا القرار كرس لمراعاة الجوانب الإنسانية إلا انه لم تراع فيه المصالح العليا لأسباب عديدة ، أبرزها إذا كان الموظف رب أسرة أو احد أبنائها وقد تم منحه العطلة لمراعاة ظروف أسرته فمن سيراعي ظروف دائرته أو وزارته في ظروف الأمطار ؟ ، فبعد 2003 انيطت مهمة حراسة المقرات الحكومية إلى FBS إذ تم تحويل ملاك الموظفين بعنوان ( حارس ) إلى ملاك وزارة الداخلية ، أي إنهم أصبحوا من أفراد الشرطة ومهمتهم الحماية فحسب ، حيث لا يسمح لهم بحراسة الدوائر والوزارات من الداخل باعتبار أنهم من عناصر الحماية من الاعتداءات ، ومن الناحية العملية فان الدوائر الحكومية لا تتم حراستها من الداخل لان حماية المنشآت لا تسلم لهم ( المفاتيح ) أو Master Key ولهذا حين حصول حادث كالحريق أو الاشتباه بوجود حركة غير اعتيادية فانه يتم الاتصال برئيس الدائرة أو مسؤول الأمن لتقديم التسهيلات الممكنة ، وفي بعض الحالات يتم اللجوء إلى الدفاع المدني لاطفاء الحرائق أو الاضطرار لكسر الأبواب عند وجود حوادث أو حالات اشتباه ، وقد تم الوصول إلى هذه النتائج بعد أن ألغيت أو أهملت خفارات الدفاع المدني للموظفين باعتبارها من مخلفات النظام البائد ! .

لقد اضطررت لسرد هذه المقدمة بعد أن اطلعنا على بعض مقرات الدوائر أثناء تجوالنا في بعض مناطق بغداد في نهار ( السبت ) ، حيث شاهدنا دمارا كبيرا قد حصل في الأبنية والأثاث وأدوات العمل والممتلكات العامة والتي ربما طالت حقوق ومعاملات الناس ، وبسبب عطلة الخميس التي أعلنتها أمانة مجلس الوزراء وعطلتي الجمعة والسبت الأسبوعية ، فقد امتدت العطلة إلى ثلاثة أيام مما أبقى تلك الدوائر بدون اهتمام أو معالجة وإيقاف التداعيات عدا تلك التي زارها مدرائها من باب الحرص وليس الواجب ( باعتبار إنهم بعطلة رسمية ) ، وأجزم بأنه لو كان الخميس يوم دوام ووصل إلى المقرات الحكومية من يستطيع الوصول لتم تفادي العديد من الخسائر بان تكون الخسائر بسيطة بدلا من تحولها إلى خسائر جسيمة ، ولعل العديد من المخلصين سيتفاجئون عند مباشرتهم بما حصل في مقرات عملهم من خراب أحدثته الأمطار واستمر بالتدهور من بداية الأمطار في الأربعاء ، وقد يقول أحدا لماذا لم يتخذ أفراد الحماية إجراءات لتقليل الضرر ؟ ، ولهم نقول إن هذه المسالة ليست من مهامهم الأساسية كما إنهم لا يمتلكون الوسائل للدخول والمعالجة كما إن بعضهم لا يعرفون أرقام الهواتف للمسؤولين في تلك المقرات لأنها تعود إلى وزارات أخرى وليس وزارتهم فضلا عن إنهم يعملون بأسلوب ( الشفتات ) ، كما إن الانطباع العام بان البلد يتعرض إلى موجات من الأمطار يعطي التبرير لعدم المبادرة باعتبار إن الحادث هو غرق وليس حريق ، رغم إن معظم الأضرار التي تحدثها الأمطار قد تكون أكثر ضررا من الحرائق في بعض الأحيان ، والبعض منهم لا يستطيع تقدير قيمة الضرر الذي يحدث لأنه ليس جزءا من منظومة العمل التي يتولى حمايتها .

إن من حق الموظف أن لا يكون عرضة للحوادث والأضرار في بعض المواقف الخطرة ، وهو ما يدعو الدولة لتعطيل الدوام لتقليل الخسائر الفردية إلى أدنى حد ممكن ، ولكن من حق المال العام على إدارة الدولة والعاملين في الأجهزة الإدارية الحكومية ومؤسسات الدولة بذل الجهود الممكنة للحيلولة دون حدوث خسائر جسيمة ، ويمكن أن يتم ذلك بحسن التدبير والتنظيم وذلك بإيجاد نظام الاستدعاء الفوري من خلال التنسيق بين عناصر حماية المنشآت عن طريق تزويدهم بنظام معلومات لاستدعاء المسؤولين عند وجود ما يتطلب الاستدعاء ، وهذا النظام لا يمكن أن يعمل بالشكل المطلوب في ظل فوضى الوظيفة العامة السائدة في بعض المواقع وضعف الوعي لدى بعض العاملين ، ونعتقد بان البديل لذلك هو إعادة العمل بجداول الخفارات لا سيما في الدوائر المهمة والحيوية ويكون أدائهم لواجب الخفارة بعد تدريبهم على الأولويات وتزويدهم بأنظمة معلومات واتصالات تعينهم بهذا الخصوص ، ومن الممكن أن يتم تخصيص كوادر للتواجد بعد الدوام من الموجود حاليا حيث إن هناك العديد من الموظفين ممن لا واجبات لديهم ، كما انه من الممكن بان يتم انجاز هذه الواجبات من خلال جداول تكليفات غير مرهقة كأن يتم التكليف مرة كل شهر ويتم تعويضهم باستراحة عن يوم الخفارة , أو أن تتم دراسة هذا الموضوع لإيجاد الطريقة الملائمة التي تعطي الوقاية اللازمة للمقرات الحكومية في الأوقات الحرجة وبشكل يقلل الخسائر بتطبيق نظام وقائي فعال وغير مكلف ، لان الكرم في منح العطل وبدون إجراء حسابات دقيقة لكل الاحتمالات ، ليس الحل الأمثل لمعالجة كل المشكلات سيما وان سعر النفط أصبح اقل من سعر قنينة الماء وعلبة الكوكا كولا .

في سياق العطلات : أعلن مجلس محافظة بغداد قبل قليل إن هذا اليوم ( الأحد ) سيكون دواما رسميا وليس عطلة !!