ومَن مِنّا لا يستخدم الإنترنيت ، لقد تفوّق على الكهرباء من ناحية الحاجة إليه ، يستخدم الإنترنيت شبكة عنكبوتية ، أصبح بالإمكان الإتصال من أي بقعة في العالم إلى أية قرية صغيرة في مجاهل هذه الأرض ، نعلم جيدا ، أن إدارة هذه الشبكة تتجسس على كل كلمة وكبسة زر ، وتصدر ملفا خاصا لكل مُستخدم ، الغرض منه دراسة التوجهات العامة والخاصة ، الغرض المُعلن هو تسويق الدعايات والإعلانات المختلفة الخاصة لكل مُستخدم ، لغرض تمويل هذه الشبكة من الإعلانات ، وطبعا لا يمكن لشخص ، أو حتى لجيش من العاملين على الشبكة تكوين هذه الحصيلة الخاصة بكل مستخدم ، لهذا تُستخدم معادلات رياضية ضخمة في غاية التعقيد والذكاء والسرعة وأحيانا الشيطانية تسمى (الخوارزميات Algorithms) أشبه بالروبوتات المتنصتة ، فتقوم بتحديد عمر الشخص وجنسه من خلال بصمة صوته ، أما الكاميرات الملحقة خصوصا بالآيباد ، فثمة خوارزميات تحدد صورة كل شخص تُرفق بملفه ، وكثيرا ما سمعنا فضيحة هنا وهناك حول إدعاآت للتجسس على شخصيات سياسية كبيرة ، ولكن هذا غيض من فيض .
فلا تتوقع أن مايكروفون أو كاميرا الهاتف النقال معطلتان وهاتفك على الرف ، فكل شيء يعمل فيه ، فليس من المصادفة أن أتحدّث مع إبني بما يشبه الهمس عن أنواع بطاريات الليثيوم الخاصة بالهواتف ، وهاتفي متوقف ولكنه غير مغلق ، وعندما أشغل هاتفي ، أجد سيلا لا ينتهي من إعلانات بطاريات الليثيوم ، وحصل مع إحدى قريباتي تتحدث بالهاتف عن مشكلتها عن خلاط فواكه عاطل مع جارتها وباللغة العربية ، لتجد كما كبيرا من مختلف الإعلانات لخلاطات فواكه ، كل ذلك ليس محض صدفة إطلاقا .
كل ذلك قد يبدو بريئا ، لكن المشكلة تكمن في إستخدام تطبيق العاب الأطفال في أجهزة التابلت (الآيباد) ، وللأسف كثيرا ما نرضخ لمطالب الأطفال للتخلص من إلحاحهم وصراخهم بإلهائهم بهذا الجهاز ، فقد تفاجأت عائلة أمريكية عندما تطلع ابٌ شاب خلسة إلى شاشة الآيباد الذي تستخدمه طفلته التي لا تتجاوز السابعة مستخدمة تطبيق ألعاب به ، فوجد العجب العجاب من إعلانات لبالغين غير أخلاقية ، أو ترويج للمثلية ، ومشاهد عارية وتحريض على التمرد وقلة الأدب وتطاولهم على ذويهم وغير ذلك من الأمور التي تُغرس في عقليات الأطفال وتحطيم نفسياتهم وتحويلهم إلى قنابل موقوتة ، فأوقف الجهاز لكنه إستأنف اللعبة شخصيا ، فلم يظهر له أي إعلان مُخدّش ، قام بوضع صورة إبنته أمام وجهه لخداع الكاميرا ، ولا شيء ،أعطى الجهاز إلى إبنته مرة أخرى ، فأنهالت الإعلانات غير الأخلاقية مرة أخرى ، والسبب كما يدعي ، وكما هو واضح ، أن الخوارزمية تهمل الوجوه ذات الملامح الجامدة ، وتميزها على إنها صور ، فلا تنطلي عليها هذه الحيلة ، هذه الخوارزمية (تستمع) أيضا إلى بصمة الصوت لتمييزه بين أصوات الأطفال أو أصوات البالغين ، والرابط هو :
خطر التابلت على الاطفال_زوجين أمريكيين يشاركون العالم قصتهم مع طفلتهم ذات السبع سنوات
خطر التابلت على الاطفال_زوجين أمريكيين يشاركون العالم قصتهم مع طفلتهم ذا…
وأخيرا قرر وضع شريط لاصق أسود على عدسة الكاميرا ، وأيقاف تطبيق المايكروفون وهو غير مجدٍ ، اللهم إلا إذا قمت بقطع اسلاكه الموصولة بالجهاز ، عندها فلا فائدة من التلفون !.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة ، فما دامت نصف ثروات الكرة الأرضية مكدّسة بيد 26 شخص فقط حسب تصريح الأمم المتحدة ، وهؤلاء بلا ضمير ، وكل همهم جمع المال ، ومن مصلحتهم إفتعال الحروب والتدمير الأخلاقي للبشر بإعتباره أهم مقوم من مقومات السيطرة على البشر ، فعلينا أن لا نستبعد ذلك ، نصيحتي التفكير مرّات قبل الإذعان للأطفال بتداول هذه الأجهزة ، وأضعف الإيمان ، وضع شريط لاصق أسود على عدسة الكاميرا ، ومن الله الستر إزاء هذا الطوفان اللاأخلاقي الذي جاءت به التكنولوجيا ، وكل يوم تصدق رواية (1984) تنبؤاتها للكاتب الكبير (جورج أورويل) عام 1949 ، فالديمقراطية قد جائت على يد من طالما إستعبد الشعوب ونهبهم وأبادهم ، فتحولت إلى مأزق لا بد من التملّص منه ، وفي هذه الحالة ، ستتولى التكنولوجيا مسألة تآكل هذه الديمقراطية ! .
وكل عام وأنتم بخير