18 ديسمبر، 2024 7:21 م

إلى مراسل شبكة (سي بي أس) ، بلا تحية !

إلى مراسل شبكة (سي بي أس) ، بلا تحية !

(المرء مخبوءٌ تحت لسانه) ، قاعدة ذهبية صاغها الإمام علي ، ومن فلتات لسانك ، أفصحت عن تفاهتك وسطحيتك وعنصريتك ، من خلال تصريحك أن أوكرانيا بلد قريب من أوربا ، ولاجئوه مميزين متحضرين وليسوا مثل لاجئو الشرق الأوسط (يقصد العراق وسوريا وأفغانستان) ، وقيل أنك إعتذرت عن (شطحة) لسانك التي أفصحت عن الكثير وبعد فوات الأوان ، لكن شبكتك الإخبارية لم تعتذر عن هذا الهراء العنصري ، فتعابيرك أفصحت عن سطحية لا يجب أن تعتري الصحفي الإستقصائي ، لأنك لم (تتقمّص) دور اللاجئين ولا معايشتهم ، تعال يا سيّد (تشارلي) ، أعرّفُك كيف تكون لاجئا .

كيف تتصور أنك تركتَ بيتَك ومنطقتك وبلادك مكرها بسبب الجحيم الذي حوّل منطقتك حرفيا إلى غابة ملأى بالوحوش والمسوخ ، أرست دعائمها حكومتك من خلال عشرات الحروب الرعناء والعبثية بإدّعاءات ومسوغاتٍ كاذبةٍ ، ويصير الإسقرار والعيش الآمن (وهو حق) حلما غير قابل للتحقيق .

أن تسير مشيا حتى تتورم قدماك وأنت تحث خطىً لا يمكنك إحصائها نحو المجهول وقد تحولت السماء فوقك إلى جحيم ، محدودب الظهر من كثرة أثقالك ، وقلب هو الآخر مثقل بهموم وطن بملايين اللاجثين من أبناء جلدتك ، باحثا عن ملجأ في أرضٍ غريبةٍ ، وفوق ذلك تصارع نظرات الشفقة في البلدان التي تعبرها وآلاف العدسات التي ترصد حالك المزري ، وتشعر أن كرامتك قد أهدرتها منذ أن تركت بيتك ، عليك أن تحارب الجوع والشعور بالخوف من المجهول والقلق مما سيأتي ، متّقيا عوامل الجو وحتى الصواريخ وحمم السماء والرصاص الطائش بأوراق الجرائد ، وأن تتعلم فن (أداء) الشجاعة كي لا تنهار أسرتك ، يائسا لأنك ترى نفسك وحيدا وقد إنفض كل العالم (المتحضر) من حولك ، وهو السبب المباشر لمأساتك ، مضطرا لتقبل الصدقات من هنا ومن هناك كالمتسولين ، ويكون همك البحث عن مأوى ، تماطل فيه المنظمات الأممية المشبوهة ، لتنعم عليك إن كنت محظوظا بمجرد خيمة حقيرة بعد طول إنتظار ، تتجمّد ملامحك لأنك نسيت الإبتسامة منذ زمن طويل ، وتطلب مني أن أكون متحضرا وقد سلبتَ كرامتي وأرضي ووطني وأصحابي وكل ما أملك ، بسبب حروب شنتها بلدانكم لا ناقة لي بها ولا جمل ، ألا لعنة الله على حروبكم ، فهي أخس إختراعات البشر ! .

تعال يا سيد (تشارلي) ، أريك كيف تكون الهمجية ، الهمجية هي الحكم المطلق بمنطق القوة ، أساس سياسة بلدك ، الهمجية هي ممارسة بلادك للعربدة والبلطجة والعبث والفوضى والتدخل وسلوك شرطي العالم ، الهمجية هي بإستسهال بلدك بقتل الملايين ، من القنبلة الذرية على اليابان (وقد كان في نيتها الإستسلام) ، لا لشيء سوى لإخافة الروس ! ، مرورا بتنصيب كل دكتاتوريات العالم ودعمها ، إلى حرب الإبادة التي مارسته دولتكم على (فييتنام) بالنابالم وتسميمها لأرضهم (بالعامل البرتقالي) الكيمياوي ، ولا تزال لا تصلح للزراعة ، الهمجية هي ضربة ملجأ العامرية ، وتسبيبكم لأمراض سرطان الطفولة بإستخدامكم اليورانيوم المنضّب ، وحصار مجرم على بلادنا قتل مليون طفل ، لا لشيء إلا لإطالة فترة تسلط النظام المقبور على رقابنا ، الهمجية يا هذا هي بممارسة سياسة التجويع والحصارات التي لسعتْ نصف العالم ، حتى حصلت بلادكم على لقب (عدوة الشعوب) ، هذه هي الهمجية بجدارة ، جربت أمريكا كل الأسلحة على البشر ، النووية منها والكيمياوية وسائر الأسلحة المحرمة ، وبنفس الوقت حرّمَتْها ! ، فمن أنتم حتى تضعوا معاييرا للهمجية والتحضر ؟!.

أنت وأمثالك ، تعرفون كيف تلبسون الحق بالباطل وممارسة الكذب ، إبتداءً من رؤساء دولتكم ، تبررون هزائمكم النكراء ، على الأقل في (فييتنام وأفغانستان والعراق) ، فهذا هو عملكم الحقيقي ، أنتم وببغاوات (أوربا) ، فلسنا مع هذا أوذاك .

لسنا همجا يا هذا ، فما يزيد عن السبعة آلاف عام ، إنبثقت عندنا أول حضارة من العدم على هذا الكوكب ، بشكل حيّر العلماء ، فيها قضاة وتعليم ومحامون ، نحن أول من سنّ القوانين ، من أرضنا ظهر أول حرف ، وأول سنبلة قمح ، وأول مدينة على وجه (وجر الذئاب) الذي يسمونه الأرض ! ، لكني أعترف لك ، أن حالنا منذ ذاك ، ربما كان أفضل ، وإذا شَهِدتَ تصرفا ، فسّرتْهُ بصيرتك العمياء على إنه همجي ، فأنتم من سلّط علينا الخونة والمجرمين واللصوص والتافهين ، فقادوا البلد للهاوية وسلّموه بإشرافكم إلى دول الجوار على طبق من (تنك) ، حتى صار بلدا ، يقتل فيه القاضي ، ويعفي عن عتاة المجرمين ، بمرسوم رئاسي !.