الخميني جاء برسالة وعقيدة شيعية هدفها عقائدي ديني معروف، ونحن مصرون على أنهم فرس مجوس وعنصريون. ماذا لو كانوا مؤمنين بالتشيع حقاً؟
الخراف التي سلبها الحشد الشيعي من مزارع تكريت وصلت أسواق بغداد وتُباع بـ 60 دولار على عجل رغم أن السعر الحقيقي لها 250 دولار، وعلى مدخل جامعة صلاح الدين كتابة باللغة الفارسية تعلن انتصار الشيعة على الإرهابيين. كما تم بنجاح حرق بنايات في جامعة تكريت، حرق ونهب مستشفى صلاح الدين العام، وحرق ونهب مستشفى دجلة للتأهيل، وحرق ونهب الجامع الكبير الذي بناه الرئيس السابق وكتابة “يا زهراء” كبيرة على جدرانه، وحرق ونهب عشرات العمارات والمحال التجارية، وحرق ونهب المنازل في تكريت وحي القادسية.
لم تسلم حتى بيوت الضباط السنة الذين يقاتلون مع الميليشيات، فقد انتشرت صورة لأحد هؤلاء الضباط وسط بيته المنهوب والمحترق. وهناك أنباء عن اشتباكات بين حماية محافظ صلاح الدين د. رائد الجبوري ورئيس مجلس المحافظة احمد الكريم من جهة وعناصر من الحشد الشعبي في تكريت من جهة أخرى، بعد اعتراضهم على عمليات الحرق والنهب في تكريت وعناصر الحشد يصفونهم بالبعثيين، وفي رواية أخرى للصفويين أن الإشتباكات على خلفية استيلاء ميليشيات الخراساني على معرض سيارات في قضاء بلد التابع لمحافظة صلاح الدين.
المهم أن النهب الجماعي لتكريت هو ذاته الفرهود الذي حدث ليهود العراق ببغداد عام 1941 أيام الفوضى التي أعقبت سقوط حكومة رشيد عالي الگيلاني، وراح ضحيتها حوالي 175 قتيلا و1000 جريح يهودي، كما تم تدمير حوالي 900 منزل تابع لليهود. وهو الفرهود نفسه الذي حدث لمدينة المحمرة الإيرانية عام 1981 على يد الجنود العراقيين. وهو ذاته الفرهود الذي حدث لدولة الكويت عام 1990. وهو ذاته الفرهود الذي حدث لمؤسسات الدولة العراقية في التمرد الشيعي عام 1991 وفي سقوط بغداد عام 2003.
لم يحدث نهب وسلب للبيوت واغتصاب حين قام الحرس الجمهوري بقمع التمرد الشيعي، مما يجعلنا متأكدين اليوم بأن كل حوادث الفرهود هذه قد تمت على يد أبناء الأحياء الشعبية والقرى الشيعية، التي تعاني الفقر والإهمال منذ العهد العثماني. الحرس الجمهوري العراقي لم ينهب كربلاء، وداعش لم تنهب الموصل، ولو يدخل الحرس الثوري الإيراني أو حزب الله اللبناني مدينة الموصل فإنه لن ينهب المدينة. النهب والفرهود ظاهرة شعبية عراقية بسبب إهمال التعليم والقيم الدينية للأحياء الشعبية والقرى لقرون طويلة.
الإيرانيون يعلمون بأنهم يقودون حشدا من عديمي الأخلاق والضمير، وفي حديث قديم لي مع أحد أساتذة قم الإيرانية، صرح لي بأنه متأثر جداً من بعض الشيعة العراقيين الذين كان عندهم استعداد لقتال الإمام الخميني، والوشاية بالمحبين للجمهورية الإسلامية، أو العمل لدى المخابرات العراقية في سبيل المال وليس لقناعة أو عقيدة. وحين سألته عن مصير العراق؟ فتح يديه إلى السماء وقال بأن على العراق “دعوة الإمام الحسين” بالخراب والدمار. إيران تستفيد من الحشد الشيعي رغم أنها تعلم بأن الحشد الشيعي العراقي ليس بعقيدة وأخلاق حزب الله اللبناني مثلا، ولا يصلحون إلا للأعمال القذرة.
الذين ينهبون الغسالات والخرفان ويحرقون البيوت بتكريت الآن، ماذا يفعلون لو وجدوا ثلاث فتيات جميلات بأحد البيوت؟ ماذا فعلوا بالعوائل التي فصلوها عن الرجال بجرف الصخر؟ وماذا فعلوا بمئة عائلة مختطفة بقضاء الدور؟ أليس واضحا أنه بسبب التقاليد القبلية والإسلام، فإننا نسمع فقط عن الغسالة والخروف ولا نسمع بأنين النساء هذه الليلة تحت الحشد الوحشي؟
هل يتبادل أفراد حماية محافظ صلاح الدين الرصاص مع الحشد الشعبي لأجل دجاجة أو خروف؟ أم أن هناك شيئا لم نسمع به متعلقا بالأعراض والأعراف القبلية؟ هناك شيخ اسمه ابو عبدالرحمن كتب على التواصل الإجتماعي بأن الحشد قد قتل رجلا مع ابن أخيه ثم اعتقلوا النساء والأطفال بحي القادسية من العوائل التي بقيت بتكريت.
سنة العراق مسؤولون عن الذي يحدث لهم اليوم، تجنيد الشيعة تحت فرق الإعدام، لقتال قائد تاريخي محبوب مثل الخميني، يجعلهم اليوم يشعرون بالذنب، فقد ساهموا بقتل مليون متطوع إيراني من حرس (الإمام الخميني) دون رغبة حقيقية بالقتال. لقد تجاهلنا مشاعر الشيعة الحقيقية تجاه الخميني تحت ضغط التحريض الأميركي والعالمي في ذلك الوقت. لقد قاتلوا إمامهم الذي يرفعون صوره ببغداد اليوم وفي مجلس رئاسة الوزراء لأغراض متعلقة بالخوف والرواتب والحياة. وها هي النتيجة تظهر بعد ثلاثين سنة.
ومَن يكون هادي العامري قائد الحشد الشعبي؟ أليس هو قائد التوابين العراقيين الذين قاتلوا الجيش العراقي تحت راية الخميني. أليس التاريخ يسخر من الإعلام العربي كله حين يرفع هادي العامري اليوم العلم العراقي فوق مبنى مدينة تكريت؟
ثمان سنوات حاربنا إيران، قدمنا نصف مليون قتيل لم نفعل شيئا خلالها، بينما إيران شكلت أحزابا عراقية، وطبعت مؤلفات، وفتحت إذاعة وتلفزيون عربي، ومراكز بحوث استراتيجية، ونحن لم نفهم سوى “الله يخلي الريس” أو الفرس المجوس. وفي النهاية شنق الشيعة العرب صدام حسين بعيد الأضحى على هتافات مذهبية تمجد الشيعي العربي مقتدى الصدر، ما علاقة الفرس المجوس بالقضية؟
الطائفة الزرادشتية المجوسية مازالت أقلية بإيران، وهم جماعة مسالمة، وملامح فتياتهم في غاية الجمال، تعرفت عليهم بكندا وكانوا رائعين حقاً، أما القوميون الفرس فمعجبون بغطرسة صدام حسين لأنه مثلهم، وقد كتب الأستاذ ميشال عفلق بكتابه في سبيل البعث بأن القومي يحب القومي ويعجب به، حتى لو كان من قومية معادية. يبدو أن صدام حسين لا يقرأ ميشال عفلق جيدا. هذا صراع مذهبي وملل ونحل وحوزات ومراجع وثارات دينية. أي فرس مجوس؟ الفارسي القومي لا يسمي أبناءه علي وفاطمة وزينب، يعتبرها أسماء عربية وغزوا ثقافيا بل يسميهم مهسا وهرمز ومهراب وجمشيد. القومي الفارسي بإيران مثله مثل العربي والكردي في السجون.
آن للعرب أن يفيقوا ولا يكرروا خطأ صدام حسين الثقافي. هل العرب العباقرة ناقمون لأن الجمهورية الإسلامية تدرس الأحوازيين اللغة الفارسية أم في الحقيقة هم ناقمون لأنها تفرض تعليم اللغة العربية على الأطفال الفرس في المدارس؟
النائب العراقي مثال الآلوسي يقول نحن عراقيون لا نتبع الفارسي خامنئي بل نتبع السيستاني، بينما خامنئي أذزبيجاني وليس فارسيا ومؤلفاته تهاجم القوميين الفرس، الفارسي الحقيقي هو السيستاني فأي جهل هذا الذي نحن فيه؟
خامنئي أذري وليس فارسيا. وزير الدفاع الإيراني السابق ورئيس الأمن القومي الإيراني علي شامخاني عربي وليس فارسيا. مرجع حزب الدعوة العراقي الجنسية محمود الشاهرودي، هو عضو بتشخيص مصلحة النظام الإيراني، وشغل منصب رئيس القضاء الأعلى في إيران. الجنرال حميد تقوي الذي قتلته داعش بسامراء هو عربي وليس فارسيا. الزعيم أبو مهدي المهندس نائب سليماني هو عربي من البصرة. وحسن نصرالله اللبناني عربي مخلص لخامنئي، فأين هو الصراع القومي المزعوم؟
كاتب شيعي أرسل لي رسالة مليئة بالتهكم. يقول العرب ينسون سنة دمشق، وحلب، وحمص، والرقة، والموصل، وبغداد، وتكريت، والأنبار، وسامراء ويتحدثون اليوم عن دعم الشيعة العرب في الأحواز. هل هذا عن إيمان أم مجرد مناكفة سياسية؟ إيمان بماذا؟
العرب جاؤوا في الماضي برسالة قاتل تحت رايتها العربي، والفارسي، والتركي، والحبشي. حتى الدولة العثمانية استمرت لقرون طويلة قاتل تحت رايتها قوميات كثيرة. والخميني جاء برسالة وعقيدة شيعية هدفها عقائدي ديني معروف، ونحن مصرون على أنهم فرس مجوس وعنصريون. ماذا لو كانوا مؤمنين بالتشيع حقاً؟ ماذا لو كان معظم الشيعة العرب معهم؟ هل طلب الشيعة العرب مساعدتكم من الظلم الفارسي المجوسي؟ أم يقولون لكم نقتلع عيون الذي يمس السيد السيستاني؟
ألا ترون معي بأن النظام السابق قد حارب الخميني بالتجنيد الإلزامي، وبفرق الإعدام خلف الخطوط الأمامية، وبإعدام الفارين من الخدمة العسكرية، بينما الحشد الشيعي هو من المتطوعين فقط، وبكلمة واحدة من السيستاني الإيراني؟
إلى متى ينفي العرب الأهمية الخطيرة للمعتقد الديني. نحن السنة اخترنا محاربة الإسلام السياسي، ومكافحة الإرهاب، هذه قناعتنا ومشكلتنا، لا نستطيع تصديرها للشيعة. خصوصا بعد نجاح الخميني ببناء مرتكز قوي لمشروع المذهب الشيعي في إيران. وهذا المشروع يستفيد حتى من السوقة وأراذل الناس للقيام بالمهمات الديموغرافية وإبادة السنة، إلا أنه أيضاً يستفيد من العلماء في المشاريع العلمية والنووية .
الحشد الشيعي المتوحش يتقدم نحو مدينة الموصل، وهو يقوم في تكريت الآن بما يسمى باللهجة العراقية “كسر العين”، والعراقي يعرف معنى هذه الكلمة، التي لا تتحقق إلا بهتك الأعراض.