لا نريد الخوض في عراق ما قبل 9/4/2003 ، لأنها مرحلة مضت وولت ويلاتها ، لكننا لابد أن نخوض مرحلتنا الحالية التي حبست العراق في عنق الزجاجة منذ ذلك التاريخ حتى اليوم .
اليوم ؛ تتكرر الوجوه النيابية .. تتكرر الرئاسات الثلاث .. برلمان يحمل وجهاً سنيّاً .. رئاسة حكومة تحمل وجهاً شيعياً .. رئاسة جمهورية تحمل وجهاً كردياً .. أكراد .. عرب .. تركمان .. مسيحيون .. سنّة .. شيعة ؛ مسميات عراقية الجنسية مبعثرة الإنتماءات والولاءات ، الكل يتهم الكل ، لم يقدم أحد منهم أي تغيير خلال مرحلتين برلمانيتين ، فكيف نتوقع أن يقدم هؤلاء شيئاً جديداً لعراق محصور في عنق زجاجة !!!؟
ألا ترون هذا العراق العريق محصوراً في عنق زجاجة .. أيها الناس إسمعوا وعوا ، إن من عاش مات ومن مات فات ،أفبرلمان ذو أكراش ومأساة ذات أدعاش لا يدلان على أن العراق في عنق زجاجة ؟!!!
العراق المحصور في عنق زجاجة ؛ لم يستطيع أحد من أعضاء البرلمان إخراجه بثمان سنين فكيف يستطيع أحدهم أن يخرجه بأربع ؟!!!
العراق سيبقى في عنق الزجاجة حتى يبيض الديك وتصحيح الدجاجة !
في سنوات الستين من القرن الماضي كنا نقرأ في منهجنا المدرسي (القراءة الخلدونية) ( إلى متى يبقى البعيرُ على التل ِ؟!!!) بقي هذا السؤال وتغيرت المناهج الدراسية .. تحوّل شعر رأسي الحريري الأشقر إلى ليل ٍ موشّح بأسراب ٍ من نجوم وسُحُب ٍ مكتظة من الأوجاع والهموم ، وما زال البعيرُ على التل ِ!
لا نزال نرى الدكتور إبراهيم الجعفري يتمنطق بلغة البلاغة ، ولانزال نرى الأستاذ نوري المالكي يجهر بالقول جهارا.. ليلاً ونهارا .. لا نزال نرى الدكتور أحمد الجلبي بعنفوانه المتجدد .. ولانزال نرى حيدر العبادي يلملم مكبوتاته ويطلقها من حنجرته المحتقنة .. لانزال نرى برهم صالح يتحرك كثيراً بكتفيه المهندمين بالبدلات الجميلة الزرقاء متفائلاً بالزي الرئاسي الرسمي .. لانزال نرى الشيخ الدكتور همام حمودي بعمامته البيضاء وكأنه شاب في الثلاثين يتأنق ببنطلون الجينز والتيشيرت .. بقسمات الكرّادي البغدادي المتباهي .. لانزال نرى السيد مقتدى الصدر بعيداً عن البرلمان ولايحب أن يخلق العداوات مع داعش ويوصم غيره بالوقاحة وهو الطيب جداً .. لانزال نرى عصائب أهل الحق يخوضون المعركة نيابة عن الله ونرى حزب الله يخوضها نيابة عن قمربني هاشم أبي الفضل العباس(ع) .. لانزال نرى القاعدة تفرّخ الداعشين والجبهات والخلافات والإمارات والولايات باسم الإطاحة باللآت القبليات العصبيات .. ولانزال نرى أنفسنا نلوّن سباباتنا البنفسجية لأكفنا التي يقطعها الخليفة في نينوى بأمر من أبي أيمن الظاهري ووعاظ آل سعود وأمراء قطر ولوجستيات الكيان الصهيوني ؛ والعراق مازال في عنق الزجاجة !
مَنْ يُخرِجُ عراقنا من عنق زجاجتنا التي تورّطنا فيها .. تماماً ؛ كما تورّط (تراره) في مطلع سبعينات القرن الماضي عندما تورّط بـ(البستوكة)!!! (تراره) الذي تطوّر اليوم ؛ ليصبح (توفي) في مسلسله الرمضاني ( أنا والمجنون) ، ولم يتطوّر البرلمان العراقي ، لأن البعير باق ٍ على التل ِ إلى يوم القيامة ، مالم يَخرج العراقُ من عنق الزجاجة !