23 نوفمبر، 2024 4:02 ص
Search
Close this search box.

إلى متى تبقى (الكرادة) رخوة أمنيا ؟

إلى متى تبقى (الكرادة) رخوة أمنيا ؟

في الواقع ، إن البلد بأكمله رخوٌ أمنيا ، فبسبب الإجراءات الأمنية المتخلفة للغاية ، والبعيدة عن المهنية ، وتحت ظل كوادر أمنية لم تستفد ولو قيد شعرة من دروس دموية لا تُعد ، اصبحنا على يقين ، إن بإمكان الأرهاب أن يضرب في أي مكان وبأي وقت ، حتى صار للبلد رقم قياسي في عدد الضحايا ، ونحن نعرف من الناحية المبدئية ، أن كل دول العالم مرشحة للنشاطات الإرهابية ، ولكن ليست بمقاس شلالات من الدماء ، تلك التي تُراق في العراق ، فلماذا ؟ ، المنطق يقول أن هنالك سببان ، أحدهما التقصير الأمني وهو واضح كالشمس ، بإجراءات تخنق المواطن وتضيق عليه إلى درجة إزهاق روحه من خلال كثرة السيطرات التي أثبتت مرارا عدم جدواها ، وما تسببه من إختناقات مرورية ، والثاني أن هنالك جهات حكومية متنفذة مستفيدة من هذه الظاهرة التي تعود على هؤلاء بمنافع لا تُعد ولا تُحصى ، منها إشغال المواطن ، بجعل مجرد الإبقاء على حياته شغله الشاغل ، وبالتالي إصابته بالشلل التام ، بشكل يغنيه عن المطالبة بحقوقه الأساسية ومحاسبة الفاسدين ، وإشغاله عن المطالبة بحقوقه الأساسية المسلوبة التي لا تُعد ، الأمر ليس مجرد شرطي فاسد عديم الضمير سمح بعبور المفخخة ، وحتى لو كان كذلك ، فلا بد أن وراءه عصابة كبيرة متنفذة ، لدينا أكثر لجان أمنية ودفاعية في العالم ، نيابية ومجالس محافظات ، وعدد كبير من أجهزة قوى الأمن ، من شرطة وطنية ومحلية وإتحادية ومكافحة الإرهاب وأمن وطني ومخابرات ، وحماية منشآت ونجدة إلى آخرها من أجهزة ، تراها عديمة النفع عندما نحتاجها ، كل واحدة منها تمثل دولة داخل دولة مترهلة إلى درجة التعفن والورم السرطاني ! ، ونسمع تصريحات بمنطق مريض من مسؤولين ، أن سبب هذه الهجمات هي ترجمة لإندحار داعش في ميادين القتال ، فأية عقلية متخلفة هذه التي تدير أمن البلد ؟!.
لقد أصبح هذا المسلسل الدموي يومي ، إلى درجة إعتدنا عليه فلم تعد فضائياتنا تضع مجرد وشاح أسود على شاشاتها ، وبالمقابل ننظر إلى حادث (مانتشستر) الذي لا يزال صداه يدوي في ألأرجاء ، وفي اليوم التالي أطفأ (برج إيفل) الباريسي أنواره حزنا على ضحايانا ، وبالمقابل لم نشهد أحد المسؤولين ، وهو يضع مجرد ربطة عنق سوداء !.
عند حدوث أي خرق أمني في أي دولة من دول العالم وحتى المتخلفة منها ، نشهد تحقيقات دؤوبة وجمع للأدلة الجنائية ، وتصريحات للمسؤولين المعنيين ، وغالبا ما يشهد هذا التحقيق إستقالة شخص ما معني بالأمن ، أو على الأقل أن يقدم ككبش محرقة بسبب التقصير ، لأنه عيب خطير وعار وشنار على الدولة أن يحدث فيها مثل هذا الخرق ، وتُقدّم الإعتذارات والمواساة ، وزيارات ميدانية للمنطقة المنكوبة لمسؤولين على أعلى المستويات وتقوم الدنيا ولا تقعد ، وبعد بضع ساعات ، تعلن الواجهات الإعلامية الأمنية ، سيناريو وافٍ جدا ودقيق للعملية الإرهابية وأسلوبها وحيثياتها وتنقلاتها بالتفصيل ، ويُعلن عن أسماء المتورطين ، فتضيق بهم الأرض بما رحبت ، وما هي إلا سويعات أو أيام ، حتى نجد هؤلاء المجرمين في قبضة العدالة ولو هربوا للمريخ ! ، ثم معالجة نقاط الضعف ، لضمان منع هذا الخرق ثانية ، إلا في العراق بمسؤوليه الذين لا يجيدون إلا أن (يطمطموا) على الحوادث ، ربما لأنهم ملّوا من كثرتها القياسية !.
كل الجرائم الإرهابية بحق البلد قد تظهر على شكل خبر لا يستغرق سوى ثوان ، لكن تفجير (الكرادة) لم يكن كذلك ، والسبب إن إحدى ضحاياه (زينب) الأسترالية وليست العراقية ، تلك الفتاة سيئة الحظ ذات الأتني عشر ربيعا ، والمولودة في أستراليا وتحمل جنسيتها ، والتي زارت البلد لأجل جدّها ، فثار بلدها (أستراليا) ، وتداولها إعلاميا بكثرة ، كيف لا وإحدى رعاياه سقطت ضحية في هذا البلد الذي صار مقبرة ، فكم نحن رخاص في نظر دولتنا ، بحيث لم نمسح عن وجوه مسؤوليها حتى إبتسامتهم الصفراء !.

أحدث المقالات

أحدث المقالات