17 نوفمبر، 2024 1:36 م
Search
Close this search box.

إلى شينة السلطة في العراق,هكذا يفكر العراقيون

إلى شينة السلطة في العراق,هكذا يفكر العراقيون

الشينة، كلمة مرفوضة يستخدمها العراقيون للتعبير عن الفعل السيء. وانا استعير هنا مبناها اللغوي لأعبر عن شيعة وسنة(الحرفين الاولين من شيعه والاخيرين من سنة) السلطة في العراق الذين تبنوا (مظلومية) الطائفة مرتكزاً لسلوكهم السياسي وهم أبعد ما يكونون عن الطائفة ومظلوميتها. كما اني هنا استعير معناها الاصطلاحي للتعبير عن الفعل السيء لهؤلاء السياسيين الذين كانوا حجر عثرة بل وسد منيع في وجه كل محاولات الوئام والسلم للعراقيين.
يدرك العراقيون ان (شينة) السلطة هم السبب الرئيسي وراء ما حاق بالعراق واهله بكل طوائفهم وقومياتهم وأديانهم. وليس أدلّ على ذلك من اجابة العراقيين في آخر استطلاع للرأي أجري لهم حول السبب الرئيس الذي يعتقدونه حائلاً دون تقدم العراق. لقد أعطي العراقيين مجموعة من الأسباب المحتملة فكانت الغالبية منهم تعتقد ان سياسيي العراق (شينته) هم المعوّق الرئيس لتقدمه. لا بل ان السياسيين تفوقوا في نظر العراقيين حسب هذا الاستطلاع على داعش وعلى إنخفاض أسعار النفط كمعوقات محتملة للتقدم.
وأود هنا ان ألخص لشينة السلطة ممن يتباكون على مظلومية الشيعة أو السنة ويتخذونها ذريعة لسياساتهم العقيمة التي أدت الى هلاك الحرث والنسل بعض الأرقام التي تلخص كيفية تفكير العراقيين بالمسألة الطائفية وكيف ان العراقي البسيط تقدم في تفكيره على تفكير السياسيين الذين يقودونه.
فعند سؤال العراقيين إذا ما كانوا يؤيدون الزيجات المشتركة بين السنة والشيعة كانت نسبة من يرفضون مثل هذه الزيجات من الشيعة 11% فقط ومن السنة 10% فقط. فإذا كان العراقيون يؤيدون الشراكة بينهم في أهم شؤون حياتهم وهو الزواج فلماذا يرفضون الشراكة في السلطة؟ وانا هنا أشير الى الدور السلبي المدمّر الذي لعبه ساسة العراق وأبواقهم الاعلامية في التأثير على مدركات الشارع العراقي للترويج لبضاعتهم الطائفية السيئة. واعترف هنا ان دور (شينة) السلطة وأجهزتهم الاعلامية المريضة أثر على مدركات كثير من العراقيين. لكن الخبر الجيد هو أن هذا التأثير سطحي وسرعان ما يزول اذا تعاملنا مع المسألة الطائفية ضمن الاطار العراقي الصحيح.
وللتدليل على ما أقول فقد سألنا العراقيين عن أي من المجموعات الطائفية هي الأكثر تأثراً سلباً من العملية السياسية فأجاب 17% فقط من الشيعة بان السنة هم أكثر المتضررين من العملية السياسية. وقد كانت المفاجأة كبيرة عندما غيّرنا منطوق السؤال واستخدمنا لغة عراقية بدلاً من اللغة الطائفية في تعريف العراقيين. فقد طرحنا السؤال ذاته على نفس العينة لكن بصيغة أين يقطن الذين تأثروا سلباً أكثر من العملية السياسية؟ فتضاعفت نسبة الشيعة الذين يعتقدون ان أبناء المنطقة الغربية ( وهم سنة طبعا) هم المتضررين لتصبح حوالي 35% وهو رقم كبير في ظل هذه ظروف الشحن الطائفي حاليا. فمجرد تغيير خطابنا من الخطاب الطائفي بتسمية المتضررين بالسنة الى تسميتهم بأبناء المنطقة الغربية تضاعفت اعداد الشيعة ممن يؤيدون ان أبناء تلك المناطق والذين هم سنة بالضرورة قد تأثروا سلباً بالعملية السياسية.
بقيت رسالة واحدة وأخيرة أود إرسالها الى السياسيين السنة الذين باتوا يتكتلون طائفياً اكثر من ذي قبل ويصرحون بأنه لا خلاص للسنة الّا بإنشاء اقليم سني أو بالانفصال عن العراق. أقول لهؤلاء وانا أعلم ان منهم مخلصين للعراق لكن كثرة الضغوط أجبرتهم على ان يظلوا طريقهم ويفقدوا بوصلة الاتجاه الصحيح، ان هذا الاستطلاع الاخير أظهر ان السنة سيكونون اكثر المتضررين من الفيدرالية او الانفصال. ففي الوقت الذي افاد فقط 37% من الشيعة و38% من الكرد انهم يسكنون مناطق مختلطة طائفياً وعرقياً فإن حوالي 75% من السنة افادوا انهم يسكنون مناطق مختلطة طائفياً (فيها شيعة أيضاً) والسؤال هنا لسياسيي السنة ماذا ستفعلون بثلاثة ارباع السنة ممن يعيشون جنباً الى جنب مع الشيعة اذا أقمتم اقليمكم او دولتكم السنية؟ هل ستهجرونهم من بيوتهم وتقتلعوهم من جذورهم أم ستقنعوهم بالهجرة خارج العراق كما فعل الملايين من قبلهم؟
 أتقوا الله فينا ايها (الشينة) واعلموا إننا جميعاً عراقيين في مركب واحد وان أي خرق في أي جزء من هذا المركب سيغرق الجميع معه.غيروا خطابكم ليصبح عراقي فقط فنحن ابناء شعب واحد ولسنا ابناء طوائف او مكونات كما تسموننا انتم ودستوركم المشين.

أحدث المقالات