أنزلت مئذنتي وجئتك تائباً، يا طاووس الملائكة إقبل توبتي، هذه يدي مُدت إليك ألم تر لي من توبة، عفوك سيدي ان تأخر مقدمي، لم أكن أعرف قدرك كالآخرين، فقد تجلى الغموض والضبابية عن صورة الحوار الذي دار بينك وبين الرب العظيم في بداية صنع الخليقة، وتبين وضوح موقفك الأبي، عبدت الله ملايين السنين لم تعصه طرفة عين، تقف معترضاً على أمرٍ من مولاك المقدس (وإذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة) وكنت أنت الناطق الرسمي باسمهم (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)، وكأنكم عرفتم ذلك بعلمٍ خاص، وبمكاشفة استباقية على الفطرة بدون الإعتماد على الأسس المنطقية في الإستقراء والإستنباط، أطعتم الله فكنتم مثله، فعلمتم ما يكون من ذرية هؤلاء على أرض الأنبياء، فنطقتم بما فهمتموه من الطبيعة البشرية (فسادٌ وسفك دماء).
أمر الله الملائكة بالسجود لهذا الخليفة الآدمي، فسجدوا إلاّ أنت يا سيد إبليس أبيت أن تحترم هؤلاء الموجودين في صلب أبونا آدم (ع). ويرى جميع علماء المسلمين بأن السجود لآدم هو سجود تكريم واحترام وتوقير فقط، لأن سجود العبودية لا يجوز إلا لله، فأبيت واستكبرت عليهم التكريم والتوقير.
ولأهمية هذه الواقعة وتثميناً لموقفكم، فقد ذكرها الله في خمسة مواقع مختلفة بكتابه المقدس (إلا ابليس أبى واستكبر/ البقرة 34)، (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس لم يكن من الساجدين/ الأعراف 11)، (فسجدوا إلا ابليس كان من الجن/ الكهف 50)، (اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس قال أأسجد لمن خلقت طينا/ الإسراء 61)، (وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس أبى/ طه 116)، فأنت أبي فأبيت، وكبير فاستكبرت وترفعت ان تسجد لغير الله لعلمك بأن هذا (الطين الحقير سيصول تيهاً ويعربد)، فترفعت واستخفيت كما ذكر القرآن (أأسجد لمن خلقت طينا) كما اعترضت سابقاً كونه (من يفسد فيها ويسفك الدماء).
وسرعان ما حدث تصديقاً لموقفك (وعصى آدم ربه فغوى/ طه 121)، من اجل غريزة معدوية فأنزلهما الله من الجنة إلى الأرض، وبدأ الفساد الأكبر سريعاً في عهد التكاثر الآدمي من قبل
الغدار قابيل، ولغرض مضاجعة فاتنة حسناء سجل باسمه براءة اختراع القتل حينما قتل أخيه هابيل ظلماً وعدواناً، وخلف من اوقد ناراً ذات لهب، وقذفوا فيها خليل الرحمن بمنجنيق القسوة والحقد. وأنجب من شرّبوا يسوع المسيح كأس العذابات والألم، وسلط فرعونهم القوابل على بني اسرائيل فقتل عشرين الف طفل ذكر، حتى لا يهلكهم الغلام موسى، ومن ثم اخرجوه خائفاً يترقب.
أليس أنت يا سيدي ابليس أعظم ممن خالف وصية الوحي وتخلف عن جيش اسامة وبرزية يوم الخميس تركوا حبيب الله مسجى يلفظ انفاسه الأخيرة، ولم يميز منه لون وجهه من العصابة الصفراء على جبينه الطاهر.
أنت يا سيد ابليس ارفع واطهر ممن تجمّع في سقيفة العهر، واغتصبوا فيها بكارة تاريخ الإسلام بسيف اعرض است بشري، الذي أنبت المسمار بصدر الإيمان بعد أن اضرموا ناراً بباب الله، فتقمصها الأول وهو يعلم محل القسورة منها محل القطب من الرحى، حيث تلاقفوها أبناء الشجرة الملعونة، وحكموا بشبق السلطة على قاعدة (لا خبر جاء ولا وحي نزل)، وأبت نفسك وكرهت واستكبرت السجود لآدمي بصُلبه من شج رأس الكوفة في محراب الله وقت السحر، ورفعوا الرأس الذبيح من كربلاء إلى الشام، وقادوا بنات أم أبيها سبايا.
أنت أنبل يا سيد أبليس من الذين يريدون اقامة دولتهم اللا اسلامية بشعار السيف واراقة الدماء وظلموا ونهبوا وتجاوزوا الحدود الآدمية والحيوانية في سلوك ماشيوسي، بمجزرة سبايكرية ارتكبها أبناء آكلة الأكباد والبوال على عقبيه وقتلوا قطيع المسلمين الأسرى على مرأى ومسمع من الشيوخ المارقين رؤساء عشائر الخوارج على الحكومة المركزية الخاوية، وهي تشاهد ضحالة الأعراب وغرز الأنياب بدماء الشعب من على شاشة شركائهم البزازين والتجار، وهم متكئين على أرائك الجياع في المنطقة الخضراء ولم لن يحركوا ساكناً (وما اهتزت الشوارب) لأن قادة الوطن عادوا من الخارج بضمائر مصنوعة في الصين أو تايوان (وعطلن بأول عقد).
يا سيد ابليس انت انزك من هذا الخنا المتصابي وهو في نهاية عقده الستيني، وجل اهتمامه وطموحه وحديثه تعاطيه حبوب الصلابة وشراب قوة الحصان لتحفزه للعبث بحمالات نجمات
الشاشة الفضية، التي حولها إلى تكية مديح أولياء النعمة، وقد أمن العقاب فاساء الأدب، وبدأ ينفش ريشه ويتفقد كتاكيته كل صباح، بجولة لا تخلوا من نقر الصيصان المجهزة من قبل المدجنين، مقابل مخصصات المنصب، ويفرغ هلوسته بكلام جرايد بدون رصيد، كونه ينه عن فعلٍ ويأتي مثله، ولا يهمه العار العظيم، لأن (جلدة ادبّغ) كما يقول.
ما ذُكر جزءٌ من عناوين بسيطة من بطش واستبداد الإنسان، وأخيراً يا سيد ابليس انت أخطأت وعليك أن تتوب إلى الله ولا تقعدن على صراطنا المستقيم، ولا تأتينا من بين أيدينا او من خلفنا، ارجع الى رشدك، واستغفر الله انه يحب التوابين، ونحن نعوذ بالله من اغوائك، ونصبر على ما اصابنا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.