السيد عمّار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة السيد عمّار … قبل الحديث عن مبادرتكم التي اعلنتموها خلال الحفل الذي أقيم بمناسبة ميلاد الأمام علي ( ع ) والتي دعوتم فيها إلى اجتماع رمزي يطمئن المواطنين ويصدر من خلاله بيان يتحول إلى ميثاق شرف وطني ضدّ الإرهاب والطائفية , ويكون رسالة لمواجهة الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب العراقي من قبل قوى الإرهاب والطائفية , لا بدّ من الإشادة أولا بهذه الدعوة وهذا التوجه في حقن دماء العراقيين وتحذيرهم من الانزلاق في براثن الفتنة الطائفية والحرب الأهلية .
لكنّ هذه الدعوة يا سماحة السيد عمّار لم تبتعد عن الاطار العاطفي بالرغم من أهميتها في هذا الوقت العصيب الذي يمر به بلدنا وشعبنا , فالمشاكل التي يعاني منها البلد اليوم ليست محصورة بالإرهاب والفساد فحسب , بل هنالك مشاكل جدّية وحقيقية نجمت من خلال بنية العملية السياسية نفسها وأخرى نجمت عن تطبيق الدستور الذي كتبناه بإيدينا وصوّتنا عليه , حيث أنّ هذه المشاكل جميعا هي السبب الحقيقي وراء هذا التشنج في العلاقات بين القوى السياسية الرئيسية في البلد , والتي بدورها وفرّت الفرصة للإرهاب والطائفية بالتغلغل والفتك بالمجتمع .
سماحة السيد .. إنّ الوضع المتأزم في البلد والتدهور الأمني الخطير لا يعالج من خلال الدعوة لاجتماع رمزي يتبادل فيه المجتمعون التحايا والابتسامات الصفراء , ويتناولون فيه ما لذّ وطاب من الطعام والشراب , ويستعرضون فيه بدلاتهم الفاخرة وأربطتهم الأنيقة أمام عدسات القتوات الفضائية , ليصدر في الختام بيان خجول يستنكر ويشجب الإرهاب والقتل ويدعو للوحدة والأخوة , فقد صدرت العشرات من هذه البيانات في السابق , لكنّها جميعا لم تتمكن من إيقاف القتل وسفك الدماء ولن تردع الفساد والفاسدين .
سماحة السيد .. إنّ السبب الحقيقي وراء هذا الوضع السياسي المتأزم والتدهور الأمني الخطير يعود إلى التناقضات الحادة في الأهداف والتطلعات بين مكوّنات الشعب العراقي الرئيسية , ولعلّ والدكم المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم هو من السياسيين العراقيين القلائل الذين تنبّهوا لهذا التناقض الحاد في الأهداف والتطلعات بين هذه المكوّنات , ولهذا فإنّ دعوته رحمه الله في إقامة إقليم الوسط والجنوب نابعة من هذا الفهم الصائب لهذه التناقضات بين مكوّنات المجتمع العراقي الرئيسية .
سماحة السيد .. إنّ الوضع الخطير والمتأزم الذي يمر به بلدنا يدعونا جميعا أن نكون بمستوى المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقنا , وأن نكون شجعانا في التأشير على أخطائنا التي رافقتنا في بناء العملية السياسية , وإعادة بنائها من جديد من خلال الإقرار بالواقع القومي والمذهبي في العراق , فحقيقة العراق إنه يتكوّن من ثلاث مكونات رئيسية , وهذه المكوّنات قد عجزت عن التعايش والانسجام فيما بينها , ولعلّ تراكمات الماضي وإرهاصات الوضع الدولي واستقطاباته , هي الأخرى عوامل قد ساهمت في زيادة حدّة التناقضات بين هذه المكونات .
سماحة السيد .. إنّ الدعوة لثلاث كونفدراليات مستقلّة هو الخلاص الحقيقي لهذا الوضع المتأزم والخطير , وأنا أدعوك لاعادة مشروع أبيك المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم وتطويره من فيدرالية إلى كونفدرالية , وأنت أكثر القادة السياسيين المؤهلين لحمل راية هذا المشروع , بحكم الإرث الكبير والتأريخ الجهادي الحافل لاسرة آل الحكيم على المستويين الوطني والديني , وتيّقن إنّ حملك لهذا المشروع سيكون ثورة حقيقية باتجاه تصحيح المسارات الخاطئة للعملية السياسية وسيمكن كل مكوّن من مكوّنات الشعب العراقي من حكم نفسه وإدارة ثرواته بالطريقة التي يراها مناسبة .
في الختام أقول وفقتّم وسددّ الله خطاكم لخدمة بلدكم