لم يمر العراق في تاريخه القديم والحديث بعصابات تحكمه كما هو حاله اليوم، وحتى نظام صدام لم يكن بمستوى فساد وتبعية هؤلاء القاطنين في دهاليز الحكم في العراق اليوم، لم يمر يوم من الأيام إلا ونسمع عن مليارات تتقاذف بين هذا البنك أو ذاك ولحساب هذا المتنفذ أو ذاك وبمباركة وتعاون هذا السياسي أو ذاك، تحول العراق من سارق واحد إلى مئات السرّاق ولكن الفرق بين ذلك السارق وهؤلاء إن الأول قد بنى العراق حتى ولو بالشيء البسيط، صدام بنى العراق وكل القصور التي يعيش فيها الآن أعضاء حكومة الشراكة الوطنية هي من بناء صدام وكل الطرق التي تسير عليها سيارات الدفع الرباعي والخماسي والسداسي لهؤلاء هي من بناء صدام وكل الأنظمة والقوانين التي تسهل لهؤلاء سرقة أموال العراق وشعبه بالباطل هي من إقرار مؤسسات صدام وكل العقارات والأملاك التي استولى عليها هؤلاء هي من بناء صدام سواء أكانت داخل العراق أو خارجه وكل المصانع والبنى التحتية التي يستخدمها هؤلاء هي من بناء صدام، فبالأمس كنا نعرف بان السارق هو صدام وزبانيته ولكننا اليوم لا نعرف من هو السارق ومن هم زبانيته، فالكل يتحدث بالوطنية والشرف والمصلحة العليا للعراق، والكل يتحدث عن ملفات فساد ومليارات تسرقها هذه الجهة أو تلك، والكل يتحدث عن تبعيه خصومه للغير ولهذه الدولة أو تلك، والكل يتحدث عن أجندات خارجية تنفذها هذه الجهة السياسية أو تلك والكل يتحدث عن تاريخه العريق في مقارعه نظام صدام !!!! والكل يتحدث عن وطنيته المفرطة حتى أصبحنا نشك في إن من بقي في العراق قبل عام 2003 هو عراقي غير شريف على وطنه وان العراق لم ينجب شرفاء غير هؤلاء الشلة القابعة في سراديب المنطقة الخضراء!!!!!.
ولكن لا نعرف كيف تقاس الوطنية عند هؤلاء … هل إن الوطنية تقاس بعدد سنوات التسكع والضياع في أزقة وشوارع طهران أو دمشق أو بيروت أو غيرها من العواصم الأوربية والغربية؟؟ أم إنها تقاس على أساس لون وشكل وموديل اللحية؟؟؟ أم إنها تقاس على شكل ولون العمامة؟؟ أم أنها تقاس على أساس المذهب والعرق والطائفة؟؟؟ أم أنها تقاس على أساس الانتماء الفكري والعقائدي؟؟؟ أم أنها تقاس على أساس أرصدة البنوك والسمسرة والسحت الحرام؟؟؟ كم من عظماء وشرفاء ماتوا في سبيل أوطانهم ولم يكن لديهم سوى قوت يومهم أو ما زاد بقليل، إذا ما الفرق بين هؤلاء وبين من يدعون الوطنية والشرف من ساسة العراق الجديد؟؟؟ الفرق كبير وفي ذات الوقت بسيط وهو إن غيرة هؤلاء وشرفهم على أبناء بلدهم كان نابعا من وطنيتهم وعراقيتهم، لم يطلقوا شعارات الوطنية الزائفة وعملوا بما تقوله الحكمة (( اعمل بصمت ودع عملك يتلكم)) على عكس ساستنا اليوم الذين يعملون بمبدأ ((اصرخ ودع صراخك يتكلم)) فالكل تعوي وتتهم وتتهجم على بعضها البعض والنتيجة واحدة وهي دمار في دمار في دمار والعراق من سيء إلى أسوأ، والادهى من ذلك تراهم عندما يتحدثون كمن يتحدث متناولا شريطا كاملا من حبوب الهلوسة لا يعرف ما يقول ولا يوجد على ارض الواقع أي تقارب بين ما يقوله وبين الواقع المرير الذي يعيشه العراق وأبناءه من شماله إلى جنوبه، تمنينا لو أن مسؤولاً واحدا خرج إلى الناس ليقول لهم إن الواقع هو هذا رغم مرارته وقسوته، الكل يخرج وينثر مشاريعه الفلكية وملياراته الخيالية ليخدع أبناء شعبه بان هذا المشروع أو ذاك سيرى النور قريبا ولا نعرف متى سيتحقق هذا القريب؟ والعراق لم تبنى فيه طابوقة واحده منذ عام 2003 ولحد الآن سوى بعض المشاريع التي كانت بمثابة ذر الرماد في العيون والتي أوصلت أصحاب القرار فيها إلى امتلاك المليارات والفلل والقصور، والمضحك في كل هذا إن من يتابع نشرات الأخبار الموجهة من الحكومة يقول بان العراق سيتحول إلى دبي الشرق الأوسط الجديد في غضون سنتين أو ثلاثة متناسيا إن الازبال والجيف والقاذورات لا تبعد سوى أمتار عن مكان بث هذه النشرات.
كفاكم كذبا ودجلا واستهتارا … كفاكم نهبا وسرقة … كفاكم ضحكا … كفاكم تعاليا واستخفافا … ومن كان منكم شريفا فليرمنا بحجر!!!!