كتبت ضمن موقع كتابات الموقر في يوم الثلاثاء الموافق 22 تموز 2014 مقالا عنوانه (إلى جلالة ملك الأردن … أقيلوا وزير خارجيتكم يرحمكم الله ) وقد بينت في مقالي ذاك الخطل الذي تعيشه وزارة الخارجية في بلد جار للعراق تربطه به علاقات سياسية وإقتصادية محورية ، إلا إنّ القائمين على السياسة الخارجية الأردنية ومنذ أن سقط نظام الطاغية صدام عام 2003 لم يتوانوا في سعيهم الحثيث والعمل على إضعاف العملية السياسية الناشئة الجديدة في العراق لإعتبارات شتى ولعلّ أولها وليس آخرها ( الخشية من إمتداد تأثيرات الوضع الجديد في العراق إلى الأردن ) .
لذلك بدأت حلقات التآمر من دول الجوار على التجربة الناشئة الجديدة في العراق وشكل الأردن رأس النفيضة في تلك الحلقات ، وقد ركزت في مقالي ذاك وحذرت من الدور الخبيث الذي تلعبه رغد إبنة المأفون صدام التي كانت ولاتزال تدير حركات التآمر على العراق من الأردن بل إن هذه المرأة أبدت في كل وقت فرحها وسرورها عن كل أنهار الدماء التي سالت في العراق بفعل الحركات الإرهابية ، وباركت لداعش إستيلائها على الموصل وباقي أجزاء العراق ، ومنذ اليوم الأول لسقوط الطاغية فإن حدود الأردن أصبحت مدخلا لعتاة الإرهابين من مختلف دول العالم إلى العراق بل إنّ قيادة التنظيمات الإرهابية التي عملت في العراق كانت أردنية بأمتياز ، إذ بقي ( أبو مصعب الزرقاوي ) الأردني قائدا لتنظيم القاعدة الإرهابي وأدار حتى مقتله كل عمليات الذبح والتفجيرات في مختلف أنحاء العراق ، وكان ( رائد البنا ) المجرم الإرهابي سفاح الحلة أردنيا بامتياز ، وعندما أعدم جرذ العوجة ، أوذهب أبومصعب الزرقاوي ورائد البنا ومن لفّ لفهم الى الجحيم ، أقام الأردنيون مجالس العزاء لهذه الحثالات .
وظلت الأردن على طول الخط محطة إعلامية معادية للعملية السياسية في العراق عبر إيوائها لأغلب وسائل الإعلام المعادية للعراق من فضائيات وصحف ومجلات ووكالات أنباء لاهمّ لها سوى الكيد للعراق والعراقيين ، وفي ذات الوقت أصبحت الأردن ملاذا ومأوى لكل القتلة والمجرمين العاملين على إضعاف العملية السياسية وإسقاطها من الهاربين من العراق سواء أكانوا سياسيين أو من البعثيين السابقين ، وأصبحت عمّان مقرا لكلّ مؤتمر يريد الشرّ بالعراق والعراقيين .
ورغم إنّ الإرهاب الأعمى طال الأراضي الأردنية في وقت مبكر في تفجيرات الفنادق بعمّان فإن ( ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي ) اللذان قاما بتلك العمليات الإرهابية لم ينالا العقاب العادل جراء فعلتهما الشنيعة تلك رغم صدور حكم الإعدام بحقهما ، بل ظلّ هذان المجرمان يتمتعان بالحياة لسنوات طويلة لم تفكر الحكومة الأردنية فيها بدماء الضحايا وهم أردنيون ، ولم يتم تسليم هؤلاء المجرمين الى الحكومة العراقية رغم أنهم عراقيون ، في الوقت الذي لم تترك الأردن مناسبة إلا وطالبت فيها العراق في أي مباحثات تجري بين الطرفين بتسليم مجرميها الذين أرتكبوا عمليات إرهابية على الأراضي العراقية .
وعلى الرغم من أنّ العراق منح الأردن نفطا بأسعار تفضيلية يحلم بها الأردنيون ، كما سعت الحكومة العراقية وعلى مختلف الصعد في إثبات حسن النية ودعم الأردن حكومة وشعبا في مختلف المجالات ، إلا إنّ الأراضي الأردنية بقيت مأوى لكل من يريد بالعراقيين سوءا من أركان النظام المقبور وعوائلهم (الذين بقوا ضيوفا على جلالة الملك ) أومن عتاة البعثيين وشكلّ هؤلاء الظهير الإستراتيجي لقوى الإرهاب التي تعيث في الأرض فسادا ، وبقيت المؤامرات ومؤتمرات الخونة تعقد في الأردن ، وبقي بهائم القاعدة والتكفيريون من الأردنيين يدخلون العراق من دول الجوار الأخرى لينشروا الرعب والموت والقتل والدمار في مختلف مدن العراق ، والسجون العراقية تحوي على أعداد يعتدّ بها من هؤلاء المجرمين .
ومع بداية التظاهرات التي عمت بعض مدن العراق والتي أسماها البعض ب(الحراك السلمي أو إنتفاضة أهل السنة أو حراك المدن الست المنتفضة ) أو ما الى ذلك من تسميات فإنّ الأردن رجع إلى واجهة أحداث العراق عندما بدأ قادة هذه الحركات بإدارة عملهم من الأردن،بل إنّ قيادة العمل الديني ( أو الشرعي إن كان شرعيا حقا ) والمتمثل بشيخ الفتنة وإمام القتلة ( عبد الملك السعدي ) الذي اتخذ من الأردن ملاذا آمنا له ، وبدأ الحراك السياسي المعادي للعراق يدار إنطلاقا من الأرض الأردنية ، وأتخذ شيوخ الإرهاب من أمثال ( علي حاتم السليمان – رافع الرفاعي – محمد طه حمدون – خميس الخنجر ) وعشرات آخرين من عتاة المجرمين والإرهابيين ممن يزعمون بإنهم شيوخ عشائر وعشائر العراق منهم براء ، إتخذوا من الأراضي الأردنية ملاذات آمنة ومنطلقا للإساءة إلى العراق والعراقيين.
والعجيب في الأمر إنّ وزارة الخارجية الأردنية كانت على الدوام تحاول تبرير أعمالها العدوانية إتجاه العراق ، وظلّ الأمر على هذا المنوال حتى أقترفت داعش جريمتها البشعة بقتل الشهيد الطيار الأردني ( معاذ الكساسبة) رحمه الله حرقا ، حتى ظهرت الى العيان خطل السياسة الخارجية الأردنية في إيوائها للسرطان ( البعثيداعشي) كما وصفه الكاتب أحمد طابور من على موقع كتابات بالأمس .
إنّ دم الكساسبة (ياجلالة الملك ) كدم عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء اللذين سقطوا جراء العمليات الإرهابية وإذا كان الكساسبة طيارا ذهب لقصف مواقع داعش بكل شجاعة ، فإنّ آلاف العراقيين قتلوا في الأسواق والمدارس والمستشفيات والطرقات العامة لالشيء ولا لذنب إقترفوه إلا لأنهم عراقيون حرروا بلدهم وأنفسهم من ربقة الدكتاتورية البغيضة ، ولكن كما يقول الشاعر :
قتل أمرء في غابة جريمة لاتغتفر
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر
لقد نبهت في مقالتي التي أشرت إليها على إنّ الأردن ليس ببعيد عما يجري على الساحة العراقية والإقليمية وإنّ الخطوة القادمة بعد العراق لعصابات داعش ستكون الأردن لإنها الحلقة الأضعف وفيها الخلايا النائمة من السرطان ( البعثيداعشي) من الحثالات التي هربت من العراق وأستقرت في الأردن .
وكما قلت في رسالتي تلك أن لايغرنّك (ياجلالة الملك ) إتفاقياتك مع أمريكا ، فلدى العراق مع أمريكا إتفاقيات تفوق مابينكما ، لكنّ أمريكا لم تحرك ساكنا وهي ترى بأم عينيها إنّ داعش إحتلت ثلث العراق وتهدد أمن الباقي ، فـ(ياجلالة الملك) العراق والعراقيون هم سندك وظهير دولتك المضمون وليس مجرمي القاعدة وداعش والبعثيين من أزلام الطاغية صدام ممن هلل لأفعال داعش وهؤلاء ( ومع شديد أسفنا ) أسماهم وزير خارجيتك بـ( ثوار العشائر ) يوم عقدوا مؤتمر الخيبة والخيانة على أرضك (ياجلالة الملك ) .
وأخيرا أقول إن خطوة إعدام ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي جاءت متأخرة وكانت ردة فعل على قتل الشهيد (الكساسبة) حرقا ، وعيب على دولة مثل الأردن أن تدار سياستها بردود الأفعال ، أو بإجراءات إنتقامية ، لقد كان من الواجب على الخارجية والداخلية الأردنية أن تعي الخطر الماثل أمامها والمتمثل بخلايا الإرهاب النائمة في الأردن وظهيرها من البعثيين الذين لاشرف ولاضمير لهم ، فإذا أراد (جلالتكم ) أن يسير بالأردن الى بر الأمان فأطرد رغد صدام حسين والبعثيين من أرض الأردن لأنهم رأس الأفعى وهم أول من هلل لأعمال داعش في العراق وباركها ، إنها خطوة تمنح فيها شعبك الأمان من خطر السرطان ( البعثيداعشي ) الذي عشعش في بلادكم ، قال تعالى في محكم كتابه الكريم ( فذكر إن نفعت الذكرى ) اللهم هل بلغت … اللهم فآشهد …