لم تكد اقدام المحتل الامريكي تطأ ارض العراق حتى انطلقت المشاريع الداخلية والخارجية في البلد, فكل الفرقاء كشفوا عن اوراقهم التي كانت مخفية واخذا الجميع بالعمل على تحقيق اهدافهم التي عملوا لها منذ سنوات او عقود, فالمكون الكردي عزز اقليمه دستوريا وواقعيا, والمكون الشيعي افصح عن رغبته بقيادة البلاد وفق رؤية عمل عليها وحشد من اجلها جيوش العالم, فيما ظل المكون السني يرفع شعار الوطنية ويعمل على لملمة ما تناثر من اجزاء الوطن الجريح.
وبعد ان يأس السنة من عودة البلد الى سابق عهده, وتاكدوا من ان المحاصصة التي فرضت على بلادهم صارت امرا واقعا, وانه لا بد من الدخول بالعملية السياسية من اجل ضمان حقوقهم, دخل ممثلو هذا المكون بالعملية السياسية وشكلوا واجهات سياسية دخلت الانتخابات وتبأوت مناصب مختلفة في الدولة.
ابتدأت الحكاية مع جبهة التوافق التي دخلت المعترك السياسي في وقت كان فيه السنة يعانون من اقصاء واضطهاد كبيرين برعاية دعاة الديمقراطية والحرية, ثم جاءت القائمة العراقية التي رفعت شعارا وطنيا جامعا على الرغم من ان معظم اعضائها كانوا من قيادات السنية, رافق ذلك احزاب وتجمعات سنية اخرى تنوعت بين الاسلامية والليبرالية والعشائرية, حتى وصنا اليوم تحالف القوى العراقية الذي تشكل عقب الانتخابات الاخيرة بهدف توحيد الخطاب السني والجهود السنية في العملية السياسية.
ان التجارب السابقة تشير الى غياب الوحدة الحقيقية داخل البيت السني وان نوعا من التنازع واحيانا التشظي قد طغى على القرار السني هذا على الصعيد السياسي لاسباب مختلفة لامجال لذكرها, الامر الذي اعطى الاخرين فرصة للتلاعب بمقدرات هذا المكون, وهذا ما لمسناه في عدم تنفيذ وزراء القائمة العراقية لقرار قياداتها بالانسحاب من حكومة المالكي السابقة ومقدار السخط الشعبي التي تولد في الشارع السني تجاه اولئك الوزراء, ولذا فان من اولى الامور التي يجب ان يضطلع بها تحالف القوى هو زيادة التجانس بين اعضائه رفع مستوى التفاهم بين ممثليه في مجلس النواب ووزرائه في الحكومة, بغية تحقيق الاهداف التي يسعى اليها والوصول الى الغايات التي تعلقها عليه جماهيره .
ان الخطوة التي تبناها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بدعم لقاءات التحالف والوزراء تعبر عن رؤية استوعبت اخطاء الماضي واستشرفت خطورة المرحلة الحالية التي تتطلب تقديم نموذج مميز للتحالف يحمل رؤية واضحة بخطاب موحد, تجمعه مصلحة اهله ولا تفرقه المناصب التي لم تدم لمن حاول ان يستعلي على قومه وان يختصرهم بشخصه, تحالف يعيش لامال اهله ويحمل الامهم ويدرك حجم معاناتتهم, يمثلهم بقوة وامانة, لان الاخر لايمكننا ان يحترم الا من كان قويا, والجماهير لاتعطي ثقتها الا لمن كان امينا..
كونوا جميعا يا بني اذا اعترى خطبا ولا تتفرقوا افرادا
تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسرا واذا افترقن تكسرت احادا