23 ديسمبر، 2024 9:50 ص

إلى اين تسير ياعراق ولمن ستشكو

إلى اين تسير ياعراق ولمن ستشكو

من تابع وقائع جلسات مجلس النواب العراقي الرابع لايخرج الا بنتيجة مؤلمة ومثيرة للرثاء وهي ان البيت السياسي الشيعي بات متشظيا متهلهلا كما ان الدعوة المباركة التي انبتتها دماء طاهرة وشيدتها شخصيات مضحية انقسمت هي الاخرى ما بين ابو يسر (حيدر العبادي) وابو اسراء (نوري المالكي ) مما يعكس في كل الاحوال صورة سلبية للمشهدين الشيعي من جهة وحزب الدعوة الاسلامية من جهة اخرى والاكثر ايلاما هو مراهنة الكتلتيين الكبيرتين على اشخاص نكرات ودواعش مازالت ايديهم ملطخة بدماء ابناء شعبنا .انا لاادري لمصلحة من هذا الانقسام ولماذا لايوجد رجل رشيد او جهة صادقة تشد الازر وتوحد الصف وتمنع الانحدار .
كانت الحكومة العلوية – الجعفرية هي حلم غالبية الشعب العراقي وكانت هي الهدف الذي من اجله سقطت كواكب مخلصة ومتميزة من الشهداء والعلماء الذين كانوا يمثلون حالة الوعي المتقدم للامة واليوم لو استفتيت الشعب لوجدت ان الغالبية لاتريد سوى رحيل هؤلاء ولو تابعتم مواقع التواصل الاجتماعي لوجدتم السب والشتم واللعن لهذه الثلة الحاكمة التي باتت منبوذة بنظر الناس ولقد نجح الامريكان تماما عندما سمحوا لهم بالتسلق للحكم من اجل تلويث البيئة الشيعية بهذه القناعات وتاكيد مقولة ان الشيعة لايعرفون غير اللطم والندب وشج الرؤوس .
من المسؤول عن هذا التشظي الشيعي – الشيعي والدعوتي – الدعوتي , هل هي المرجعية كما يحلو للبعض , ام هي حركة الواقع ومساراته اليومية . ام هي النظرية الشيعية المتهمة بالتقية والاغراق في الماضي , ام انه (الانا ) الحاكم والمعشعش في رؤوس بعض القادة واصحاب الحل والعقد , ام انه الصراع الدولي والمخطط الصهيو – امريكي والصراع الدولي الاقليمي على العراق .
تساؤلات مهمة واساسية من اجل تكوين رؤية واضحة لاكتشاف الذات والهوية والاطلاع على معميات ومجاهيل الواقع المؤلم الذي يعيشه الشعب العراقي اليوم الذي يشرب الماء المالح غير المصفى وياكل الطعام المنتهي المدد والقادم من كل اصقاع العالم دون ان ياكل مما ينتج او يزرع .
تساؤلات ضرورية يمكن طرحها بطريقة اخرى هل المشكلة في الشعب اساسا ام في الطبقة الحاكمة ام في طبيعة التكالب الدولي والاقليمي على العراق , ولماذا يعامل الشعب العراقي المعطاء كسلة من المهملات او طبقة بيض فاسد فيما تكرس الطبقة الحاكمة كل المكاسب لصالحها دون ان تاخذ بنظر الاهتمام مصير هذا الشعب او مطالبه او طموحاته او ارادته .
اين يكمن الخلل في هذا الواقع الماساوي الذي تمر به الامة العراقية التي هي نتاج المصائب وجرائم الانظمة الحاكمة العبودية وضحية الحكومات العميقة والعقيمة ولماذا تغيب الخدمات عن هذا البلد وتتربص به الحروب والدواعش والمافيات الارهابية والعقول المتخلفة والضمائر العفنة .
الحديث ذو شجون والتساؤلات لاتتوقف طالما ان هناك مخطط تدميري للعراق وان بعض العراقيين هم شركاء في هذا المخطط التدميري الذي سيفتح باب الفتنة على مصراعيها في القادم من الايام , اتذكر ان الشهيد السعيد ابو حسن السبيتي (هادي السبيتي ) الذي اغتاله النظام الصدامي في الاردن وهو احد قادة الدعوة الاصلاء كان يؤكد على الهوية في الفكر والاعتقاد والانتماء دون ان تكون الهوية مجالا مغناطيسيا لجغرافية التحزب او جغرافية التموطن او التمذهب , وهذا ما نفتقده اليوم تماما رغم الادعاء بالمواطنة العراقية الشكلية او الانتماء للحركة الاسلامية او العلمانية , كما اتذكر المفكر القائد الشهيد ابو ياسين (عز الدين سليم ) الذي كان يقول ان عقلية التخلف تساوي عقلية التحزب او بالعكس وان سبب ماسي العراق هو الاهتمام بالمظهر الخارجي دون المظهر الانساني وان مشكلة الانسان العراقي هو انه ينقاد بسهولة للمظاهر الشكلية – النفاقية دون ان يعي حقائق الواقع ويدرك مظاهر الاشخاص اي ان طبيعة الانسان العراقي الطيب والوديع هي السبب في ارتهانه لاناس متكسبيين لاتهمهم الا مصالحهم ولاهم لهم سوى الصعود على اكتاف وجماجم الاخرين .
وعندما كنت التقي بشباب الاخوان المسلمين العراقيين ايام زمان كانوا ينتقدون الواقع السياسي للحركة الاسلامية الشيعية لاعتبار انها اسيرة المؤثرات التاريخية والغيبية والشخصية ورغم اني كنت في ذلك الوقت اناقشهم وارد اقوالهم الا اني ومع مرور الايام اكتشفت ان الحركة الاسلامية الشيعية مصابة الى حد كبير بظاهرة اللاانتماء حيث انها اتخمت بعناصر تسلقية لاتاريخ ولاعلاقة لها بجهاد الحركة فيما تجاهلت العناصر الاصيلة – المجاهدة التي ضحت بكل شئ من اجل العمل الحركي الشمولي , ولكنها لم تحصل ايام الحصاد على اي شئ سوى مرضاة الباري والخروج من وحل المكاسب والمغانم .
وما نشهده اليوم من انقسام وتشظي بين اخوة الجهاد والبيت الواحد ماهو الا هو نتاج للظواهر والمظاهر التي اشرنا اليها وهي انعكاس للمظاهر الدنيوية الرخيصة التي حكمت هذه الشخصيات والمسميات التي تاجرت في القضية وتاجرت في الدين وفي الوطن لتكون وبالا على نفسها وعلى حزبها وعلى شعبها وعلى امتها , فالى اين تسير ياعراق؟ والى من ستشكو ؟.