بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على انطلاق تظاهرات الأحرار من أبناء وسط و جنوب العراق و بمختلف طبقاتهم لم تكن استجابة الحكومة لها من جهة من خلال سرعة اتخاذها ما يسمى بحملة الإصلاحات و إن كانت شكلية و ظاهرية و ليس جذرية و من جهة أخرى دخول السيستاني على خط التظاهرات حيث وجد نفسه بعد شهرين من اندلاعها مضطرا” إلى تأييدها ظاهرا وفق مفهوم ركوب الموجة ,لم تكن تلك الاستجابة من الحكومة و السيستاني قضية عفوية بل فرضتها المنهجية المتطورة في خطاب المتظاهرين و شعاراتهم و أهدافهم و التي تدرجت بشكل سريع و ملفت للنظر بعد أن أدركوا أن مطالبتهم بالخدمات كالكهرباء و الماء و الخدمات البلدية إنما هي بالأصل قضية عرضية و جزئية ناشئة من قضية اكبر و هي الخلل في المنظومة السياسية و العملية السياسية برمتها و بكل مفاصلها و التي هي بالأصل ناشئة من تأثير جهتين رئيسيتين حددهما المتظاهرين في شعاراتهم و هتافاتهم و لافتاتهم ((باسم الدين باكونه الحرامية …. قشمرتنه المرجعية و انتخبنه السرسرية …. إيران بره بره بغداد تبقه حرة… وغيرها ))الأولى هي مؤسسة النجف الدينية و على رأسها السيستاني التي كانت و مازالت الراعية لأحزاب الإسلام السياسي الفاسدة من خلال سلاح الفتوى و الثانية هي الهيمنة الإيرانية المطلقة و العلنية على المشهد و القرار الديني و السياسي في العراق تلك الأمور التي انتبه لها السيستاني فخفف من خطابه المؤيد للتظاهرات إلى درجة الميوعة و كذلك إيران و أذنابها من أحزاب السلطة الذين بادروا إلى إعلان دعمهم لأفسد مؤسسة في البلاد راعية للفساد و طالبت الجماهير بتطهيرها و هي مؤسسة القضاء و كبيرها مدحت المحمود فضلا عن حملات الخطف و التعذيب و القتل لعشرات الناشطين المدنيين في عدة محافظات في محاولة منهما((أي إيران و السيستاني )) للقضاء على التظاهرات أو تجييرها لصالح مشروعهم و هو ما نبه إليه و حذر منه المرجع الصرخي في إحدى فقرات بيانه ((من الحكم الديني (اللاديني )…إلى الحكم المدني )) بتاريخ 12/8/2015 بقوله ((….لابدّ أن نُحذّر المؤسسةَ الدينية ومن ورائها إيران بان أيَّ محاولةٍ للانتهازية واستغلال جهود وتضحيات المتظاهرين وإرجاع الأمور إلى المربع الأول بتسليط نفس المؤسسة الدينية الكهنوتية وإفرازاتها الفاسدة المُفسِدة ، نحذرهم بأننا سنغيّر توجّهات وأولويات التظاهر فسنطالبُ أولاً وقَبْل كلِّ شيء بل سنؤسس حشدا مدنيا لتطهير المؤسسة الدينية من قُبْحِها الفاحش وفسادِها المُستَشري بأضعاف أضعاف قبحِ وفسادِ السياسيين ورجال السلطة ، فنحذِّرُهم من ركوبِ الموجِ ومحاولةِ الخداع والتغرير من جديد فنقول لهم عليكم تطهير أنفسِكم ومؤسساتِكم قَبْل أن تنتهزوا وتَركَبوا مَوْجَ التغيير والإصلاح والقضاء على الفساد ، فلأكثر من ثلاثة عشر عاما الأمور بأيديكم من سيئ إلى أسوأ والكوارث والمآسي في ازدياد مطّرِد…)). و من هذا المنطلق فان الحري بالمتظاهرين أن تكون مناسبة زيارة المشي الأربعينية المليونية لمرقد سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) هي نقطة التحول الحقيقية في تطبيق مفهوم شعاره الخالد ((هيهات منا الذلة )) تطبيقا عمليا يضع الحد الفاصل لإيران و أتباعها و السيستاني و مؤسسته الدينية الكهنوتية التي متى ما تحرر منها العراق فانه يضع الخطوة الأولى في طريق الإصلاح و التحرر و التغيير الحقيقي نتمنى أن تكون المنطقة الخضراء هي وجهتهم هذا العام و فيها يكون طفهم و كربلائهم .