23 ديسمبر، 2024 2:29 م

إلى الشيخ فيصل الكاظمي: لا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم

إلى الشيخ فيصل الكاظمي: لا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم

استمعت قبل فترة إلى حديث للشيخ فيصل الكاظمي في قناة آفاق هذه المرة، وليس العراقية كما كان يفعل سابقا، وهو يتحدث عن الحياة في الغرب وينتقد الحياة في بلدان العالم العربي وخصوصا في العراق وهو محق في ذلك على الأقل… ولكن، ابتداء، أقول إنه ليس من الإسلام بشيء أن يقول المرء ما لا يعلم، بل هذا حرام والشيخ يعرف ذلك وقد مرت عليه وصية الإمام علي (ع) لأبنه الحسن: يا بني لا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم.

يقول الشيخ الكاظمي إن الشركات الغربية عندما ترى شخصا (لوذعيا) فهي تأخذه وتعرض عليه فيلا وراتب ضخم وامتيازات وجواز سفر. وإن سلمنا أن بإمكان الشركات الغربية أن تعطي رواتب ضخمة وربما فلل أيضا رغم أنها لا تفعل ذلك، ولكن متى تعطي الشركات الغربية (جواز سفر)؟؟؟ وهل جواز السفر هو في أيدي الشركات أم الحكومات؟ هل يعلم الشيخ الكاظمي أن هناك مليونيرات عرب لم يحصلوا على جواز السفر ورفضتهم السلطات الغربية رغم كونهم (لوذعيين) وأثرياء وينفقون الملايين بل والمليارات في البلدان الغربية؟ وبينهم الملياردير المصري، محمد الفايد….

ردد الشيخ مقولة طالما سمعناها من البسطاء وهي عادة يرددها الناس الذين يجهلون الحياة في العالم الغربي ومفادها إن بعض المسلمين ذهبوا إلى إحدى المدارس في دولة غربية وأرادوا أن يستثنوا أبناءهم من دروس السباحة المختلطة وتعلم الجنس وما إلى ذلك وعندما طرحوا الموضوع على مديرة المدرسة كانت المديرة (تهز رأسها) طوال حديثهم، فتساءلوا عن سبب (هز الرأس) هذا فقالت لهم: إن جيلكم لن يكون معنا، وأبناءكم سيكونون معنا بنسبة 50% وإن أبناءهم سيكونون معنا كليا! وقد امتدح الشيخ عمق تفكير المديرة تلك وكيف أن الغربيين يفكرون دائما بعمق وينظرة بعيدة. والقضية هنا هي ليست صحة هذه القصة من عدمها، والحقيقة هي إنني شخصيا سمعت ذه القصة مرات عدة وبأشكال مختلفة مما يعني أنها مختلقة أو محرفة، وأكاد أجزم أن من المستحيل ان تقدم مدرسة غربية مثل هذا التحليل لآباء جاءوا بخصوص قضية دينية، لكن السؤال هو لماذا يردد الشيخ قصصا غير دقيقة ويبني عليها أحكاما ويثقف الناس بهذا الاتجاه؟ ألا تقع عليه مسئولية التأكد من صحة ما يقوله قبل إطلاقه هكذا على الملأ؟ ومن المؤكد أن الناس ستصدق بهذا الكلام لأنها سمعته من شيخ معمم يجلس على منبر رسول الله! 

تحدث الشيخ عن أن هناك ثلاثة آلاف عراقي بدرجة “كونسولت” (كذا) ولم نسمع بهذه الدرجة من قبل ولكن الشيخ أراد أن يجرب لغته الإنجليزية على مستمعيه، وهو ربما يقصد درجة كونسولتانت)، وأن العراق بحاجة إلى هؤلاء الأطباء وهذا كلام صحيح بل أذكّر الشيخ أن العرأق هو أحوج إلى الأطباء من أي اختصاص آخر وأن الكثير من هؤلاء يريدون العودة إلى العراق لخدمة بلدهم وأهلهم وكثيرون منهم تركوا وظائفهم المجزية في الغرب وهرعوا إلى العراق لكنهم اصطدموا بالبيروقراطية القاتلة والفساد والمسئولين الإسلاميين من أشباه الأميين الذين امتلأت بهم الدوائر دون وجه حق. والسؤال الموجه للشيخ هو هل يمكن أن يساعد على عودة هؤلاء وجود شخص مثل عادل محسن كمفتش عام لوزارة الصحة منذ عشر سنوات؟ هذا الشخص الذي نفّر الأطباء الموجودين في العراق أصلا بجهله وفساده وأساليبه السوقية واتهامه لهم بانعدام الغيرة وما إلى ذلك وجعلهم يبحثون عن وظائف في الخارج، كيف يمكن أن يستقطب الكفاءات الجديدة؟ هذا الرجل الذي صوت البرلمان على إقالته لكن السيد المالكي أصر على إبقائه رغم معرفته بأنه شخص غير كفوء وغير قدير وضرره على العراق أكثر من نفعه.

نحن نتوجه إلى الشيخ، وبحكم علاقته الوثيثقة بالسيد المالكي، أن يضع الشخص المناسب في المكان المناسب وأن يقدم الحوافز للأطباء العراقيين في الخارج كي يأتوا الى العراق لعلاج المرضى ويزيل أمثال عادل محسن الذي يضر ولا ينفع وينفر ولا يستقطب وهو طبيب فاشل حتى في الغرب وكان يعمل في مجالات التجارة أكثر من الطب. هناك مدراء صحة عاجزون وفاسدون في كل المحافظات العراقية ولم يتمكنوا من تحديث المستشفيات وجلب الأجهزة الحديثة لها بل ظلوا بجهلهم وفسادهم يؤخرون حركة تقدم الطب في العراق.

تحدث الشيخ أيضا عن ضرورة السفر وكيف أن الشاب النيجيري الذي التقاه في الشام شرح له أن في نيجيريا المرأة لا تتزوج الشاب إلا إذ كان قد سافر لبلدان عديدة! ومرة أخرى يجرب الشيخ لغته الإنجليزية على مستمعيه المساكين، ولا أدري لماذا يشجع الشيخ الناس على السفر والهجرة وكان قبل دقائق يشرح لهم أسباب بقاء العراقيين في الخارج ويطالب الآخرين بالتحمل والعودة إلى الوطن؟

هناك مسئولية تقع عليك يا شيخنا الجليل وهي أن عليك ألا تتحدث بكل ما يخطر ببالك وكل ما تسمعه من قصص تافهة وتعيدها على الناس لأن ذلك يتعارض مع الإسلام ومع منهج الإمام علي الذي تدعي السير عليه (تذكر قول الإمام: لا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم). عليك أن تركز على القضايا التي تعرفها وهي قليلة بالمناسبة فأنت غير متخصص حتى في الدين ولكن بإمكانك أن تنفع من خلال نقل الحقائق التي رأيتها في الغرب حول تنظيم الحياة واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق المسنين وحقوق الحيوانات وما إلى ذلك وتركز على ضرورة الابتعاد عن إضاعة الوقت في المشي إلى كربلاء واللطم على الحسين وضرب الزنجيل والقامة لأن هذه ممارسات غير إسلامية بل تتعارض مع الدين الحقيقي وأنت تعرفها جيدا لكنك تتردد في التصريح بها لأنك تخشى العامة قبل الله. عليك أن تحرص على الشيعة يا شيخنا الجليل فهم يضيعون وقتهم الثمين في توافه الأمور ويقدمون الجهلة على أصحاب الكفاءات والمتملقين على المخلصين والدجالين على قائلي الحق والحقيقة. هذه هي مسئوليتك يا شيخنا الجليل وهي مسئولية كبرى وأنت قادر على تحملها بكون قربك من أصحاب القرار وخصوصا السيد المالكي.