21 مايو، 2024 7:58 م
Search
Close this search box.

إلى السيد رئيس الوزراء … حان زمن التضحية

Facebook
Twitter
LinkedIn

العراق على شفا وادي عميق الغور, ومنزلق خطير ووسط عاصفة سوريا الصفراء  والتي أذا ما تصاعد غبارها أعلى مما هو عليه فانه المتوقع  أن يقلب عاليها سافلها ,أن لم تتخذ الضمانات اللازمة لتخفيف من أثرها المرعب …..والضمانة الأكثر أهمية أن  يتفق الفرقاء السياسيون على تشكيل حكومة , لا أقول قوية ولا وطنية ولا شراكة بل حكومة أزمات تضع في سلم أولياتها  تفاقم ألازمه السورية وأثرها الخطر على وحدة واستقلال العراق وسلامه ما تبقى من أبنائه ..

لا أتكلم هنا عن حكومة تلبي طموحات الشعب العراقي بالرفاهية والازدهار والعدالة الاجتماعية بقدر ما أتكلم عن حكومة تستطيع الوقوف بوجه التهديدات الأمنية التي تواجه هذا البلد المظلوم …

وأول ما على من تبقي من المخلصين  التفكير فيه هو عدم أمكانية  تأجيل إعلان  نتائج الانتخابات بالوقت الذي لا يمكن تأجيل تشكيل الحكومة كما اجل تشكيلها في الدورة السابقة .فبغض النظر عن خزعبلات الفراغ السيادي والقانوني والأمني  الذي تنعكس أثاره من عدم وجود حكومة دائمة .. لا يمكن تأجيل تشكيل الحكومة بعد انسحاب الضامن الأمريكي والذي كان عراب العملية السياسية في العراق وحاميها في تلك الدورة ..

لكننا اليوم بدون ضامن ودول الجوار تتطلع إلى قلب الطاولة على رؤوسنا من أي منفذ يمكن أن تنفذ منه …ولا حاجه إلى الحديث عن ضمانه الجيش العراقي الذي  أنهكت قواه وهو يخوض حربا استنزافيه ضد الحركات التمرد والإرهاب ولم يستطع أن يحسم الموقف لصالحه…

المشكلة الأكثر تعقيدا في تشكيل الحكومة هي فوز ائتلاف السيد رئيس الوزراء بالمركز الأول بحسب النتائج المسربة وبالتالي فان هذا الفوز لن يكون سهلا لغرماء المالكي ..بعبارة أخرى التنافس الانتخابي في العراق ليس تنافسا من اجل مصلحة الوطن والمواطن ,وليس تنافسا كما يقولون شريف بقدر ما هو تنافس من اجل السلطة  بكل ما تعني السلطة من تنافس, وفي ضوء هذا الواقع لا يمكن أن يشكل الفرقاء السياسيون حكومة متناغمة أو حكومة شراكة قوية ما دام هدف الجميع المناصب والكراسي والنفوذ …

والخيار الحكيم أمام السيد رئيس الوزراء هو التنازل عن رئاسة الوزراء لصالح مرشحا آخر فهذه خطوة مهمة وأساسية في اتجاه أخراج العراق من دوامه الإعصار القادم ..وليذهب شعار الأغلبية السياسية إلى الجحيم بعد أن استنفذ غاياته في فترة ما قبل الانتخابات  وحان الوقت للعودة إلى الواقع ورؤية الأمور بعين البصيرة وبطبيعة الحال ائتلاف السيد رئيس الوزراء لديه الكثير من مبررات  فشل  شعار تشكيل حكومة الأغلبية السياسية لتقديمها إلى جماهيره ..

يوجد احتمالين  لتشكيل الحكومة  القادمة ولا ثالث لهما ..

الاحتمال الأول تشكيل حكومة من تحالف النجيفي والأحرار والمواطن ..وسينضم الكردستاني إلى هذا التحالف لأنه الأقرب إلى منح الكرد تنازلات ومكاسب هذا بعد أن يتيقن الإخوة الكرد من إصرار هذا التحالف على المضي في تشكيل الحكومة …هذا التحالف سيأخذ بزمام المبادرة أذا ما أصر المالكي على الترشيح لمنصب رئيس الوزراء وبالتالي سيكون هذا التحالف أول مكون سياسي نيابي كبير تشترك فيه كل الطوائف والأعراق العراقية ..

وقد يكون هذا التحالف خطوة في حرق الطائفية في العراق لو كان من اجل أشاعه روح المواطنة لكنه بالواقع تشكل للثار من السيد رئيس الوزراء وإرغامه على الجلوس في مقاعد المعارضة وبالتالي توجيه ضربه قوية للجمهورية الإسلامية وإعادة النظر في الموقف العراقي من القضية السورية فهو وان كان موقف مبدئي لكنه لا يصب بمصلحة السعودية وقطر والغرب الطامحون إلى لعب العراق دورا مهما في إسقاط بشار الأسد والذي يعني ما يعني في تغير المنطقة ..

الاحتمال الثاني ..أن تشترك كل القوائم الفائزة في الانتخابات  في الحكومة وإعادة استنساخ تجربة  ما يصطلح عليها حكومة الوحدة الوطنية  أو حكومة توافقية على قاعدة ( خذ وأعطني )  ومشاركة ائتلاف السيد المالكي في هذه الحكومة يعني أعادة تشكيل التحالف الوطني وإلغاء فكرة التحالف المزمع تشكيله ,وإذا ما تحقق ذلك فانه يعني تشكيل حكومة على شاكلة الحكومة الماضية بدون رئسها الكبير …لكنها ستضمن للعراق وحدة شكلية قدر المستطاع وموقف من القضية السورية لا يدع العراق ينزلق في دوامته أكثر من انزلاقه في الانبار والفلوجه …

أن موقف مستقبل العراق يتوقف على السيد رئيس الوزراء المنتهية ولايته من ترشيحه للمنصب دورة ثالثة ..ففي موقفه ستحدد طبيعة التحالفات البرلمانية القادمة ,وفي ضوئه سيحدد موقف العراق من القضية السورية على مدى الأربع السنوات القادمة ,وفي ضوئه كذلك يمكن أن ينزع فتل ألازمه التي افتعلتها الجماعات الإرهابية في محافظات غرب العراق ..

أن أعادة انتخاب السيد رئيس الوزراء لدورة ثالثة يعني سقوط العراق في وادي الضياع ..ومن اجل ذلك لا بد من التضحية بهذا المنصب على الرغم من الفوز الكاسح الساحق الذي سجله السيد رئيس الوزراء فهو يعلم أن اللعبة الديمقراطية في العراق لا تدار بأصوات حصل عليها ائتلاف أو بمؤسسات شكلية بقدر ما تدار بقرار خارجي وقوى تستطيع فعل أي شيء  أذا ما وقف أمامها مانع من الوصول إلى ما ترمي أليه  …

فمن اجل أبناء العراق ليقف الجميع وقفه مسئولة أمام الله تعالى

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب