9 أبريل، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

إلى السياسيين المنافقين

Facebook
Twitter
LinkedIn

أهدي هذه القصة ، وهي من مجموعتي القصصية الجديدة ( صوت الجرس ) .
المنافق
عرفته في شبابه . كان مليئا بالحيوية والنشاط . أخلاقه مصلحته ،
ودينه ديناره ، أما ملبسه ومظهره ، فهي انعكاس لتوجهاته . في
ذلك الوقت كان اللون الأحمر ميزته التي لا تفارقه ؟!
فقميصه وبنطاله أحمر ، وكذلك قلمه ، بل وحتى قبعته التي على
رأسه ، كانت أيضا حمراء ؟! ثم رأيته بعد بضع سنين ، فارقته
فيها، بسبب سفره إلى إحدى الدول العربية ، لإكمال دراسته .
كان يمرر يده على شاربه ، أو بالأصح بقايا شارب، لا يتعدى
عقدة الإبهام، ماسحا عليه، ومبينا من غير تصريح، بإنه يؤمن
بأفكار جديدة .غير التي كان عليها قبل سفره ؟!. بعد بضعة أشهر
مرّت على هذا اللقاء، انتقل مع عائلته إلى مسكن جديد ، في أحد
الأحياء المعروفة بأن سكانها هم من المترفين والاغنياء .
مرت سنوات أخرى على انتقالهما ، قبل أن التقيه صدفة ، في
أحد الأماكن العامة . كان يرتدي بدلة تعرف ب( السفاري ) وقد
أطال هذه المرة شاربيه ؟ و( ثخنهما ) حتى امتلأ بهما نصف
وجهه ؟! بل لوشاء أن يقف عليهما الصقر ، لوقف ؟!.
كان لقاء سريعا ، اقتصر على السلام والسؤال المتبادل عن
العائلتين . ولكنه لم ينس أن يشعرني بأنه أصبح من الذين يشار إليهم بالبنان؟. وقبل أن أودعه ويودعني ، أخرج من جيبه كرت
جميل مطبوع عليه اسمه ورقم هاتفه. وطلب مني الاتصال به
عليه، عارضا في الوقت نفسه خدماته، في حال حصول أي
ظرف طارئ لي أو لأحد من أفراد عائلتي . وخاصة إذا كان
الأمر متعلقا بمراجعة مؤسسات الدولة ودوائرها .
كان هذا هو اللقاء الأخير بيننا، إذ لم أره بعدها، بل وانقطعت
عني أخباره ، مع أني كنت من المتتبعين لها ، ولو من بعيد.
ثم علمت بعد ذلك من أحد أقاربه، بسفره إلى خارج العراق،
واستقراره في إحدى الدول الأوربية، بعد حصوله على جنسيتها،
من خلال زواجه بامرأة من تلك البلاد .
مر زمن طويل على ذلك الأمر . وفي يوم لا أنساه، صدح جهاز
الموبايل الجديد ، بنغمته الجميلة . كان المتحدث أحد الأصدقاء
والجيران القدماء . طلب مني أن افتح جهاز التلفاز على إحدى
القنوات الفضائية،المعروفة بالولاء والدعم للدولة والنظام الجديد .
فتحت التلفاز على القناة المطلوبة. كان يعرض فيها لقاء تلفزيوني
مع أحد رجال الدين . دققت النظر طويلا ، كان صوت وصورة
ضيف البرنامج ليسا غريبين علي . اقتربت من شاشة التلفاز ،
أمعنت النظر في الرجل ، استخدمت ( الريموت كونترول )
لإيقاف الصورة ؟ كان هو ، جفلت ، أصيب رأسي بالدوار ،
جلست على الأرض مستعينا بكلتا يدي . كنت محتاجا لبضع
دقائق ، لكي أستعيد توازني من هول المفاجئة ؟! بل الصدمة ؟
ومع ذلك لم أستطيع منع نفسي من صرخة ، جعلت كل من في
البيت يهب مذعورا نحوي؟ ومستفسرا عما اصابني من مكروه ؟.
كانت صورة الشاشة ماتزال متوقفة على صورة صاحبنا القديم ،
ولكن بحلته وهيئته الجديدة ، فقد حلق شاربه ، وأطال لحيته ،
قصر ثوبه ، وأمسك بيده مسبحة ، تكاد من طولها أن تلامس
حذائه…………………………….؟!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب