22 ديسمبر، 2024 11:45 م

إلى الرئاسات المحترمات … مسؤولية التغيير بالإصلاحات

إلى الرئاسات المحترمات … مسؤولية التغيير بالإصلاحات

القسم الأول
نحن إداريون مهنيون ، لاعلاقة لنا بأي توجه سياسي ، لا نطمع ولا نطمح فيما نكتب ، إلا بسماعكم لصوت خلاصة نتائج تجرتنا العملية إبتغاء الصالح العام ، لإيماننا المطلق بوجوب تغيير بعض الموروث من التشريعات والإجراءات . لأن التعقيدات الإدارية من الظواهر الأساسية التي رافقت العمل الإداري منذ ظهوره ولحد الآن ، وإن إختلفت في مقاديرها الكمية أو النوعية من زمن إلى آخر ، أو إختلفت باختلاف البلدان الحاضنة لها ، تبعا لإختلاف الأسس الفكرية والفلسفية لأنظمة الحكم القائمة وإلى حين زوالها ، كما إن تلك التعقيدات تظهر بصورة أوضح وتزداد بشكل مضطرد ، كلما توسعت الدولة في أداء الخدمات للمواطنين عشوائيا ، حيث يزداد الجهاز الإداري ويتسع من الناحية الكمية ، مما يفرض التوجه بالترشيد نحو التطور الأحسن والأفضل ، بإستدعاء من يضع الخطط المناسبة لتشخيص العقبات والمعوقات ، والعمل على تذليلها وإزالة ما يمكن إزالته منها وبالتدريج ، بصيغ التعامل الإداري الديمقراطي المتحقق من خلال عقد الإجتماعات الدورية واللقاءات المستمرة مع العاملين في أجهزة الدولة وعلى مختلف المستويات . لبحث ودراسة وافع الحال وإستنباط الحكم المناسب وإستخراج المتلائم بعد إجتهاد ومعاناة وتفكير وبحث . وليس كما هو وارد في مواقع التواصل الإجتماعي من الأقوال .

ولما كان ترك القواعد المنظمة لإنجاز الأعمال لإجتهادات الأفراد واللجان غير المختصة ، لا يؤدي إلا إلى الفوضى وعدم الإستقرار الإداري ، ومن ثم عدم الإحتكام إلى موازين الحق والعدل والإنصاف ، فإن النظام العام بمتغيراته الحتمية ، يرسم خط تسيير الإجراءات على وفق نسق متماثل مطرد وثابت في وقته وظرفه ، بما يضمن مصالح الشعب بالإستناد إلى قواعد قانونية يستهدي بها الأفراد في سلوكهم ويلزمهم إحترامها وتطبيقها ، وإذا كان القانون ضروريا لقيام المجتمعات ، فإنه ضروري لتحسين أوضاعها ورفع مستواها بالتجديد ، ولا يتحقق ذلك إلا بوجود قواعد سليمة ترسم خطة سيره التي فيها من أسباب الإرتقاء ، ما يجعله عند تقادم الزمان والمكان أكثر ضرورة للحياة والمجتمع ، وليكون وسيلة للحفاظ على النظام الإجتماعي ، وطريقا للخدمة العامة والأداء المتميز بنوعيته وليس بحجم كميته ، وسبيلا لتحقيق العدالة الإجتماعية للمواطنين . لأن النصوص القانونية تختلف بإختلاف الحالة المعروضة من حيث الأسباب والنتائج ، ومن الطبيعي أن تخضع لمتطلبات قوى التغيير المرافقة للتوجهات السياسية لحركة الحكومات المتعاقبة في الدول المتخلفة ، القائمة على مختلف الوسائل والأساليب اللازمة للتنفيذ ، وعلى وفق قاعدة ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) ، ولهذا نجد التخبط والتعقيد الإداري يظهر جليا ويزداد تشوها ، كلما أخفقت الدولة في ترشيد هياكل أجهزتها الإدارية ، وساقها توسعها غير المنضبط بحدود الحاجة الفعلية من الأجهزة والموظفين ، إلى تردي مستوى الخدمات للمواطنين .

ولأن قواعد القانون الخاص لا تصلح لحكم العلاقة الإدارية العامة ، فقد قضت محكمة التمييز بقرارها المرقم (375/ح/1965) والمؤرخ في 12/7/1965 ، بأن ( علاقة الحكومة بموظفيها ، هي علاقة تنظيمية عامة ، تحكمها القوانين والأنظمة ) ، فإن العاملين في القطاع العام في مركز تنظيمي ، يخضعون لقواعد قانونية متصلة بتنظيم الوظائف العامة ، التي تحدد المركز القانوني للموظف بما يضمن أداء الواجبات والحقوق في جميع الحالات والمجالات . وإذا كانت المناداة لتصحيح الإنحرافات الإدارية والمالية ، أو تقليص مراحل إنجاز معاملات المواطنين أمرا دعائيا ، ليس الهدف منه توخي المصلحة العامة وخدمة الشعب ، والقضاء على مظاهر الفساد العام أو تقليص حجم تأثيره ، فإن إبتعاد السلطات وتراجع دورها في تقديم الخدمات وإشباع حاجات الناس ، يعني تجسيد كل تلك المظاهر المدانة ومنها هدر كل إمكانيات الإصلاح والتغيير الحقيقي ، المتمثلة في كل عمل مخلص ودؤوب ، يشجع الدولة على تغيير مسارها ، ويعيد لها هيبتها بعد كبوتها ونهوضها من غفوتها ، لأن المسؤولية القانونية والإدارية ليست هواية يمارس فيها الحق والباطل على حد سواء ، إنما هي ميزان حكم رشيد عادل ومنصف ونزيه ، يغير توجهات المواطنين ويدفعهم إلى بذل المزيد من الجهد والمثابرة ، لتأكيد صفاتهم الحميدة التي تعلوا بها كل مواقع العمل التي نهضوا بأعباء مسؤوليتها ، وتحملوا إصر ومعاناة تداعياتها ، من أجل خدمة المتطلعين إلى دقة إنجاز معاملاتهم بأقل جهد ووقت وكلفة