انتهت العمليات العسكرية لعاصفة الحزم منذ يوم ،بعد قبول المتمردين الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح بقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ورضوخهما له خاضعين لا طائعين،والتي تقضي بنزع سلاح الحوثي بكل أنواعه وتسليمه للحكومة الشرعية برئاسة عبد ربة منصور،والصواريخ البالستية وغيرها ،والانسحاب من المدن وإنهاء التواجد الميليشياوي الحوثي فيها ،مع خروج امن للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وعائلته الى إثيوبيا ،وغيرها من القرارات السرية الغير معلنة والتي تنهي عمل الميليشيات الحوثية وتهديدها للمنطقة ودول الجوار اليمني ،والتي وقعت عليها جهات حوثية بحضور السفير الإيراني في اليمن ممثلا عنهم وعن الرئيس صالح، ألقربي الوزير الأسبق لليمن مع الجانب الآخر هو التحالف العربي بقيادة السعودية وبإشراف مجلس الأمن والأمم المتحدة ،هذا الاتفاق جاء بعد أن أنهت عاصفة الحزم الخطر الإيراني لها عبر الحوثيين ،والذي كان يشكل تهديدا مباشرا لدول الخليج العربي ،فيما يعرف بالتمدد والتوسع الفارسي في المنطقة واحتلاله لعواصم عربية ،هم من اعترف بهذا قبل غيرهم وأعلنوا بغداد(خسئوا)عاصمة الإمبراطورية الفارسية ،عاصفة الحزم حققت جميع أهدافها السياسية والعسكرية بوقت قياسي ،معلنة ببدء تاريخ جديد للأمة العربية سيحسب لها الآخرون ألف حساب ممن يستضعفها ويتعامل معها على أنها لا تستطيع حماية نفسها ،واعادت كرامة وكبرياء الأمة العربية ،فيما قطعت عاصفة الحزم الأذرع الإيرانية التي تهدد أمنها ومستقبلها في المنطقة ،ولكن السؤال الملح الآن هو الى أين تتجه هذه العاصفة، بعد تحرير اليمن من براثن الميليشيات الإيرانية الحوثية التي عبثت بأهل اليمن ،وكيف تحافظ على بريق نصرها هذا ،وتبقي الجماهير مشدودة لها ومناصرة لانجازاتها ،وما هي الخطوة القادمة لها ومن هو الخطر الآخر الذي يهدد الأمة حاضرا ومستقبلا ،وللجواب على كل هذا لنقرأ المشهد العربي الآن لكي نعرف بوصلة العاصفة إلى أين تتجه،بكل تأكيد هناك أكثر من سيناريو ستقوم العاصفة بتنفيذه استكمالا لواجبها القومي،
وإبعادا للخطر الداهم الآخر لها وهو يشكل ذراعا مهما من الأذرع الإيرانية ،وكلكم رأيتم التصريحات الهستيرية اليائسة، والهجوم الوقح على السعودية، وانفلات الأعصاب والدفاع المستميت عن المتمردين الحوثيين ،والتدخل الإيراني المباشر في اليمن خاصة والمنطقة عامة ،واقصد به حسن نصر الله زعيم حزب الله ،الذي تقاتل ميليشياته في العراق وسورية واليمن ،بشكل علني ويتباهى هو بذلك ويعد بإرسال عشرات الألوف منهم إذا احتاجت هذه الدول ،وكل هذا من اجل عيون المرشد الفقيه وللتمدد والتوسع الإمبراطوري الفارسي،وليس من اجل شعوب هذه الدول المسكينة التي تكتوي بنار الميليشيات الإيرانية وميليشيات حسن نصر الله كل يوم ،بحجة مواجهة إرهاب داعش وخطره على المراقد المقدسة ،وهل في اليمن مراقد شيعية مقدسة.؟؟، لكن إرضاء ودعما للمخطط الإيراني ،إذن ومن نافلة القول لا نقول إن الهدف الثاني هو استهداف حزب الله اللبناني بشكل مباشر ،ولكن اعتقد سيتجه السيناريو نحو سوريا هذه المرة لتغيير نظام بشار الأسد وقطع اذرع إيران هناك وأولها ميليشيا حزب الله ،و(ربما) ستشمل العاصفة حزب الله نفسه في عقر داره ،لان ما أعلن مؤخرا وقبل أسبوع عن وجود مخطط لتحالف مدعوم أمريكيا(من اوباما شخصيا)
وهو التحالف السعودي التركي القطري، لدعوة اوباما للعرب وإعطائهم الضوء الأخضر لتغيير نظام الأسد ،فأعلن عن هذا التحالف ،فما هي مؤشراته،أولى مؤشراته هو استدعاء اوباما لقادة مجلس التعاون العربي للاجتماع في (كامب ديفد)،والآخر هو استدعاء حيدر ألعبادي رئيس وزراء العراق ،وتوجيهه نحو دعم هذا السيناريو الجديد،وشاهدنا تصريحات ألعبادي في واشنطن وهجومه على إيران وتدخلاتها وعلى قاسم سليماني في تصريحات غير مسبوقة ،وهذا مؤشر على تخلي ألعبادي عن الدعم الإيراني تنفيذا لطلب أمريكي،ناهيك عن تداعيات نظام الأسد وخسارته لمدن ادلب وغيرها وتحقيق انتصارات للمعارضة السورية هناك بدعم أمريكي لجيش الحر وغيره ،إذن كل الأنظار تتجه الى سوريا كمحطة ثانية وبدعم أمريكي وغربي غير محدود،كما حصل مع الحوثيين وصالح في اليمن،أما الموقف الروسي فقد وصفناه في مقالنا السابق بأنه(موقف ضعيف وهزيل ومنافق)،حصرته عاصفة الحزم في زاوية ضيقة ،أدت الى تهميشه في مجلس الأمن ،حيث ظهر بدون دور ولا رأي يذكر كما عبر بذلك وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف في حينها ومرر قرار مجلس الأمن كما إرادته قيادة التحالف العربي وانصاع لها السفير الروسي في المجلس ،هذا في وقت تحركت حاملة الطائرات الأمريكية روزفلت إلى خليج عدن ببوارجها الحربية وسفنها التسع ،لمراقبة أي تهديد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاص باليمن ومراقبة الأساطيل الإيرانية ومنعها من التدخل بعد التهديدات التي تلقتها إيران مباشرة من إدارة اوباما،والتي تحذرها من أي رد او تدخل في شؤون المنطقة وتهديدها لها،المنطقة وبعد انجاز عاصفة الحزم لمهماتها القومية وإبعاد الخطر الإيراني عليها ،وقطع اذرعه في اليمن تمهيدا لقطع اذرعه الأخرى في العراق وسوريا ولبنان ،تنتظرها سيناريوهات معقدة وتحالفات جديدة تغير فيها أمريكا اللعبة ،لذلك هي غير متسرعة لذلك ،وهدفها إنهاك العدو وإفقاده الصبر وكشف مخططه تمهيدا للقضاء عليه،فمن معركة سوريا الى معركة القضاء على داعش في الموصل الى معركة القضاء على اذرع إيران الميليشياوية في العراق تحتاج (صير استراتيجي)،لتحقيق هذه الأهداف على مراحل وليس دفعة واحدة كما يريدها الآخرون،الصبر الاستراتيجي،والنفس الطويل هو احد ثوابت الساسة الأمريكية في العالم والمنطقة تحديدا ،لتنوع اتجاهات العدو وتفتيت وتفكيك قوته وإنهاكه للقضاء عليه ،تماما كما حصل مع العراق أبان الحصار الاقتصادي الظالم عليه قبل غزوه،إذن وبكل تأكيد أيضا تتجه أعمال عاصفة الحزم في المنطقة العربية وحول العراق تحديدا،ولا نستبعد إيران في نهاية المطاف إذا خرجت من الطاعة الأمريكية وارتكبت حماقة ما ضد السيناريوهات الأمريكية ومشاريعها وأهدافها في المنطقة ،وما دعم التحالف العربي من قبل أمريكا والدول الغربية الا مؤشر واضح لوضع إيران في حجمها الحقيقي بعد أن عبرت الخطوط الحمر في المنطقة،عاصفة الحزم تتجه نحو هدف ما في المنطقة وبإصرار أمريكي وغربي ،في ظل تصاعد التهديدات والتصريحات العنجهية الإيرانية من خلال أصواتها النشاز واذرعها في المنطقة دون ان تحسب حساب هزيمتها في اليمن والدرس الذي لقنته لها عاصفة الحزم هناك…