عند النظر الى المشهد العراقي، وتصرفات اغلب القادة العراقيين، يتبادر الى الذهن، شخصية ” سي السيد” او احمد عبد الجواد, كما ظهرت في مسلسل بين القصرين، للكاتب الكبير نجيب محفوظ!
كان الرجل يتعامل مع اسرته بصرامة وقسوة في أحيان كثيرة، أما عند ذهابه الى غانيته” زنوبة”، يصبح مطيعا خانعا ذليلا، لا يخجل من فعل الأشياء المشينة التي تحط من قدره لارضائها، مثلا يمسك الطبل او الصنج بأصابعه، ويطبل لمعشوقته.
أغلب سياسينا يتعامل مع شعبهم بطريقة “سي السيد” وكلا منهم يبرز عضلاته على الأخر، ولا يخجل من تعطيل دولة كاملة ان اصطدمت مع مصلحته، بل لا يتردد في سفك دم من يختلف معه، او حتى ممن لا علاقة له بالموضوع من عامة الناس.. لذلك تجد الشعب غالبا يخشى انتقادهم، او الحديث عن فسادهم، وان فعل فيجب ان يكون تحت اسم مستعار، أو حساب وهمي.
لكن “سي السيد” هذا ما أن يعبر الحدود ليزور سيده، حتى يتحول من الغول المخيف والوحش الكاسر، الى حمل وديع، او كلب مطيع لسيده، لا يعرف سوى هز ذيله، ترحيبا بما يملى عليه سيده، حتى وان كان فيه ضياع البلد.
يقال ان العرب قبل الإسلام، كانوا يصنعون الهتهم من التمر والحجارة، ومتى ما جاعوا، أكلوا إله التمر، ورغم أن ألة الأجداد لا تضر ولا تنفع، كما حدثنا القران الكريم في سورة “إبراهيم” لكن على الأقل تسد الجوع بوقت الازمة المالية..
الهتنا اليوم تصنع في الخارج، تضر ولا تنفع “فهي تقتل وتبتز وتستولي على مقدرات شعب كامل، وتقدمها قرابين الى الآلهة الكبرى” ومساحتها محدودة جدا، فهي إله عراقي فقط، يتبع إله خارجي هو الامر الناهي وامره مطاع.
إلهة ليس بيدها قرار، فمن الممكن ولخلاف بسيط، ان يستمر لأشهر، او يتحول الى صراع يسفك فيه دم الأبرياء، وممكن جدا، لمجرم خطير بين ليلة وضحاها أن يتحول الى ولي حميم، ويمسك مفاصل مهمة في الدولة، ان حصل على تزكية من الالهة الكبيرة.
إذا كانت الهة الأجداد صخر وتمر، فأغلب الهتنا اليوم مر وعلقم، بل ان بعضها كاتم ورصاصة.. تخترق رأس كل من يحاول انتقادها، او يؤشر على إلههم الكبير.
لا ندري متى يعي كثير من السياسيين، أن الاله واحد هو خالقنا عزوجل، يوهو الأحق بالإتباع، وان باقي الإلهة لا تضر ولا تنفع.