في جلسة جمعتني مع عدد من البرلمانيين و السياسيين شاءت الصدفة ان أجلس بجانب برلماني كان صديقي فيما مضى قبل ان يصبح من صنف البرلمانيين و من سكنة المنطقة الخضراء فكان بيننا كلام كثير عن الايام الخوالي و النضال ضد النظام السابق و جوع سنوات الحصار و معاناته و أثار تلك المحنة في نفوسنا و عقولنا و افكارنا و توجهاتنا و انه متابع لكتاباتي و نشاطي على مواقع الانترنيت و مواقع التواصل الاجتماعي و نصحني بضعة نصائح سياسية أحتوائية ثم همس في أذني ( فكو ياخة من شغلة الرواتب التقاعدية ) !! أتركونا بحالنا ,,
فقلت له لن نتركها حتى نلغيها باذن الله فقال : أن الغائها غير منصف , ايمكن لبرلماني كان يحاسب وزيراً ان يعود معلماُ في مدرسة ؟؟ يجب أن تحفظ شأنية البرلماني , و الا فلن يرشح أحد للبرلمان ,, نعم من المؤكد يجب حفظ شأنية البرلماني او الوزير او عضو مجلس المحافظة الاجتماعية و الاقتصادية
و لكن الا يكون حفظ شأنيته بـ 20 مليون دينار شهرياً بعد خدمة أربع سنوات لم يقدم أغلب اعضاء البرلمان ما هو موكل بهم من سن القوانين المهمة التي تمس حياة الناس أو رقابة دوائر الدولة أو محاربة الفساد المستشري في الدولة و الخاضع لقانون طمطملي و اطمطملك صاحب براءة الاختراع العراقية ؟ بل قضوا مدة خدمتهم في مناكفات و مهاترات سياسية أو في مزايدات و صراعات كتلوية تتسابق أعناقهم فيها الى منصة الكامرات و تتوزع أصواتهم المخلصة على مئآت المايكروفونات لتعلن أنها الاسبق في توفير السعادة و الرفاه لهذا الشعب المظلوم ؟
لقد تحول البرلمان العراقي من قاعة لخدمة المواطن الى ساحة للمزايدات بين هذه الكتلة و تلك و كلٌ يدعي إنه الأخلص و الأوفى لهذا الشعب و الشعب مازال يتسلم الضربات الموجعة على راسه واحدة تلوى الاخرى ,
إن رواتب التقاعد للبرلمانيين و الوزراء وذو الدرجات الخاصة و بهذه الضخامة هي أستنزاف دائم و مستمر للثروة الوطنية و الارقام تشير الى اننا بعد سنوات قليلة لن تكفي ميزانية العراق التي تعتمد على بيع النفط المستخرج فقط لتغطي هذه الرواتب و سيتحول العراقيون الى طبقتين فقط طبقة لديها رواتب فلكية و هم الاقلية و طبقة أخرى تعيش على ما يستهلكه أصحاب هذه الرواتب و هم الاغلبية و هنا تحركت الجماهير لاسترداد الحقوق و ارجاع الامور الى نصابها لأنها لو تركت على ما هي عليه فلن تجد حلاً لان الحاكم هو الخصم و لن ترتجي من الخصم عدلاً و لنا تجربة سابقة في قانون الانتخابات الذي فصل و خيط ليناسب كتل معينة و في عدم أقرار قانون الاحزاب تجربة أخرى و في غيرها من القوانين التي تخضع لسوق المصالح الحزبية الضيقة ,
و عندما أرتفع صوت الجماهير عالياً و بدأ الحراك يؤتي ثماره في الاعلام و في الشارع العراقي قفز البعض ليرتقي الموجة و اشتعلت بورصة المزايدات الاعلامية هذا يدعي أنه هو أول من طرح مشروع الغاء رواتب تقاعد البرلمانيين و ذاك اخذ يتنازل عن رواتب كتلته في التنفيذ و أخر يقول انه اضاف الوزراء الى كابينة من يجب ان يلغى تقاعدهم و أخر أدعى أنه يتبرع براتبه الى سكان المريخ وووو ……
و الشعب يسأل هامساً أمام شاشات التلفزيون .. اذا كنتم كلكم تتسابقون الى الغاء الرواتب التقاعدية في منصات المؤتمرات الصحفية و قادتكم كانت تحثكم على ذلك فلماذا لا تتفقون على اقرار قانون الغائها تحت قبة البرلمان و اتخلصونا ( رحمة لوالديكم ) ؟؟؟؟