18 ديسمبر، 2024 9:41 م

إلغاء هيئة النزاهة من الكبائر

إلغاء هيئة النزاهة من الكبائر

~بدأنا نسمع هذه الأيام عن مسؤولين عبر وسائل الإعلام المتنوعة، صيحات هنا وهناك تطالب بتحجيم دور هيئة النزاهة أو إلغائها، بعض منها تبدو وكأنها صدى لأصوات مسمومة نخرها الفساد، تكرر وتعيد الصيحات تلك من دون علم.
إن وجود هيئة النزاهة ضمن الأجهزة الرقابية بحد ذاته كسب، لانها تُسهم في منع حصول حالات فساد ليس سهلاً أن نقدر قيمته، دعوني أن أعمل لكم مقاربة نشهدها يومياً في الشارع العراقي، فقد أشارت دراسة ميدانية بشأن المخالفات المرورية إلى أن المخالفات تنخفض إلى مستويات كبيرة مع وجود شرطي المرور، وترتفع وتيرتها بشكل ملحوظ حين يغادر عمله، ونرى الفوضى العارمة تعم الساحات بغيابه، ووجود هيئة النزاهة ضمن هيكلية الدولة وأهميتها كأهمية شرطي المرور في منعه وقوع المخالفات، لأنها تُسهم بمنع حصول جرائم فساد كبيرة غير منظورة، ولا توجد طريقة لقياس قيمته، لكن في مقاربتنا مع وجود رجل الأمن يمكن لنا أن نُدرك الصورة، فليس واجب هيئة النزاهة الوحيد هو القبض على المتهمين والتحقيق في ملفاتهم والتحري عن أموال المسؤولين في الحكومة العراقية، ونشر ثقافة النزاهة، بل عليها واجب غير منظور، لا يراه إلا من عمل بإخلاص داخل هذه المؤسسة، ويستثنى منهم أولئك الذين جعلوا مهنتهم للابتزاز، وأستغلال المنصب، وحياكة المؤامرات، وبنوا مافيات المال، واستولوا على العقارات بطرق شتى.
لابد أن نقف بشدة بوجه هذه الأصوات، ونلجم الأفواه التي تطلق صحيات أقل ما نشبهها نحن باصوات أشار لها الله عز وجل في كتابه ( بأنكر الأصوات)، تجلون عن ذكرها، ولو بحثنا في تاريخ اصحابها لوجدنا العجب منها، فضلا عن أنه ليس من السهل إلغاؤها لأنها دستورية، ولابد من تعديل الدستور، أولا قبل ذلك، وهذا محال وصعب المنال، لذا ستستمر هيأتنا بمتابعة الفاسدين اليوم أو غداً وربما بعد حين لأن حق الدولة، والناس لا يسقط بالتقادم.
ومن حقنا أن نطالب الدكتور حسن الياسري بإجراء إصلاحات كبيرة في الهيئة وفي مقدمتها، أعفاء من شاخ عقله وضميره وتوهم أنه خالد، ونسى بطش يد الله، وركن إلى شياطينه.
إذ أن ظروف الإصلاح متوفرة كلها، بدءاً من توفر المناخ العام، والتأييد الشعبي المطلق، ورضا الله تعالى، والكادر الكفوء، باستثناءات معروفة كانت واجهة للإدارة السابقة، تحول واجب بعضها اليوم إلى استنساخ الكتب التي تصدر من رئاسة الهيئة والاحتفاظ بها لعل عجلة الزمن تعود للوراء، قد تنفعهم في زادهم الأجاج.