المسكوت عنه والمقايضات والصفقات وتبادل المنافع, صفة للتعطيل ومصير القوانين وصرف الأموال, وفق آلية كيفية مرتفعة ولا تتناسب مع السلم الإداري التي ينالها المسؤولون, خلافات وإتفاقات تخرج من جوهر العمل الحكومي والقضائي والبرلماني, رواتب الرئاسات الثلاث ( الجمهورية والحكومة والبرلمان) والدرجات الخاصة وأعضاء البرلمان, طبقة سياسية تجمتع حتى تشرع لنفسها, تتفق لتنقض القوانين بما يتناسب مع مصالحها, تطال الطبقة السياسية بمعزل عن الأنظمة الإدارية وسلم الرواتب، تتجاوز المعقول المتداول في التجارب المماثلة عالمياً, الدستور دعوته واضحة الى تشريع قوانين ثلاثة تضمن اطاراً قانونياً لمرتبات الرئاسات الثلاث, في مواد مختلفة هي (المادة 63) اولاً التي تنص على ان “تحدد حقوق وإمتيازات رئيس مجلس النواب ونائبيه وأعضاء المجلس، بقانون” والمادة (74) التي تنص على ان “يحدد بقانونٍ، راتب ومخصصات رئيس الجمهورية” وايضاً المادة (82) ونصها “ينظم بقانونٍ، رواتب ومخصصات رئيس وأعضاء مجلس الوزراء، ومن هم بدرجتهم. المطالب الشعبية ارتفعت وتيرتها من كم الرواتب الهائلة والرواتب التقاعدية للرئاسات والبرلمان والدرجات الخاصة ومجالس المحافظات.
رواتب أعضاء هيئة الرئاسة تتراوح بين 53 -51 الف دولار شهرياً، رئيس الجمهورية يبلغ 53 الف دولار شهرياً، يزيد على الرئيس الأميركي باراك اوباما بثلاثة عشر الف دولار, بينما مخصصاته 45 الف دولار، موزعة كالأتي: 15 الف دولار مخصصات نقل، و 30 الف دولار مخصصات ضيافة, نائب الرئيس الراتب الإسمي يبلغ 6667 دولار والمخصصات 45 الف دولار شهريا, وكذلك رئيس الوزراء والبرلمان والدرجات الخاصة ومجالس المحافظات, لا تتناسب مع الخدمة الوظيفية, في وقت تشير تقارير عراقية ودولية الى نحو خمس سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر
تصاعدت الجدلية مع إقرار موازنة 2011م, بعد المطالب الشعبية في حينها لخفض رواتب المسؤولين, تم قراءة قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة والبرلمان, صادق مجلس الوزراء على القانون ونشر في الصحيفة الرسمية ولم ينفذ, رئيس الوزراء في حينها قال في مؤتمر صحفي ان التخفيض مطلب شعبي استجابت له الحكومة. المحكمة الاتحادية العليا نقضت القانون رقم ( 27) لسنة 2011، معتبرة إياه غير دستوري, جاء بعد رد أمانة مجلس الوزراء على استفسار المحكمة:((ليس لمجلس الوزراء ما يضيفه على مشروع القانون الذي إقترحه بموجب قراراه المرقم [58] لسنة 2011 ولا يوجد مانع دستوري او قانوني يحول دون تجميع رواتب الرئاسات الثلاث)), قررت المحكمة في جلستها المؤرخة 27/1/2013 الوقوف على رأي مجلس الوزراء, مؤكدة إنه “ثبت للمحكمة إن القانون رقم [27] لسنة 2011 لم يقدم كمشروع قانون من مجلس الوزراء كما لم تتم الموافقة على إقتراح القانون الذي أعده مجلس النواب وارسله الى مجلس الوزراء والمعد من إحدى لجان مجلس النواب”.
وإنه شرع دون إتباع السياقات، لذا فإنه مخالف الدستور وحكم بعدم دستوريته وإلغائه, حمل رد المحكمة الاتحادية توقيع رئيسها مدحت المحمود وعدد من أعضاء المحكمة المشكلة للنظر في الدعوى.
غضب شعبي كبير من ارتفاع الرواتب والتقاعد, عززته مطالب المرجعيات وتنازل كتل عن تقاعدها في البرلمان ومجالس المحافظات, تظاهرات متكررة لإلغاء التقاعد وتخفيض الرواتب وإيجاد سلم عادل يتناسب مع قانون الخدمة المدنية, يعطي المخصصات أثناء تأدية العمل الوظيفي فقط, ورداً على ذلك صدر قانون يلتف على قانون التقاعد الموحد, يضمن للدرجات الخاصة والرئاسات التمتع بتقاعد عالي يختلف عن المواطن, بعد ذلك وافقت المحكمة على إلغاء تقاعد البرلمان, يعني إنتظار الحكومة طرح قانون يخفض رواتبها, وهذا من غير المتوقع وإن قدم من البرلمان سوف يطعن في مصدر تشريعه, الحكومة والمحكمة الإتحادية وافقت على إلغاء رواتب البرلمان ومجالس المحافظات ولكن رواتب الرئاسات والدرجات الخاصة من القوانين المسكوت عنها, تنتظر مكرمة الحكومة وتفضلها للتنازل عن هذه الرواتب والتقاعد الهائل.