17 نوفمبر، 2024 1:58 م
Search
Close this search box.

إلا بالتقوى

لم يولد الإنسان وهو مخيّر بين لونه ونسبه ,العنصرية رافقت البشرية منذ بداية الخليقة فالتاريخ خلّد لنا روايات عكست سلوكيات معادية لذوي البشرة السمراء إبتداءا بالصحابي بلال بن رباح ليكون مؤذن الرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .. كان بلال من المستضعفين و عبدا لقريش قبيل دخوله الإسلام ولكن لصبره وتجرعه سياط سيده أمية كي يحيد عن دخوله دين الإسلام جسّد لنا تمسكه بفكر الإسلام وصلابة موقفه ورباطة الجأش التي وهبها إياه الله تعالى ..فلكل أصناف الخلق صفات تُميز هويته والمتعارف للجميع إن ذوي البشرة السمراء حبّاهم الله بالقوة والصبر والعزيمة .

ومفردة العبد كانت الشرارة الأولى لإشعال وقود العنصرية التي ولّدت الكراهية والطبقية وفرض الأنا من قبل ذوي البشرة الملونة ..

المواقف لاحصر لها في مقال أو مجلد أوحتى تنديد مستمر ،كثيرون وقفوا بوجه العنصرية والعنصريين وقد كلّفهم دفاعهم عن حرياتهم حياتهم فكانت مطالبهم تتلخص بوقف التميبز العنصري ضدهم والتي رسم سياستها المناضل الاميركي من أصول افريقية مارتن لوثر كينغ الذي أغتيل عام 1968 بعد تنديداته المعلنة للسلوكيات

اللا إنسانية تجاه الأفارقة وتهميشهم في المجتمع الاميركي وبقية البلدان التي تنبذهم إجتماعيا فكراً وشكلاً .

اقصاء السمر لا يتوقف بممارسة العنصرية والتهميش فقط بل تخطى عدم الإنصاف بمنحهم حقوق الموُاطنة والعدالة الإجتماعية..

ولازالت كلمات هؤلاء القادة تُكتب على الجدران وتُحفر في نقوش الذاكرة ومنها المقولة الشهيرة للزعيم الافريقي نيلسون مانديلا ( ليس حراً من يُهان أمامه إنسان ولا يشعر بإهانة )..

وعودة الى ذاكرة السينما التي وظّفت أبرع الافلام التي حاكت معاناة ذوي البشرة السمراء ومنها الفيلم الشهير

الى أستاذي مع التحية – المحبة ..الذي مازال عالق في ذاكرة الشعوب التي عايشت الصراعات النفسية لأستاذ الثانوية الذي أدى دوره بواقعية متناهية الممثل سيدني بورتير والفيلم انتاج مشترك بريطاني .اميركي.استرالي عرض عام 1967 والذي يعتبر أول الأفلام التي عالجت القضايا الاجتماعية والعنصرية في المدارس البريطانية والتي أطلقت العنان لتسليط الضوء على قضايا المراهقين وفوضوية المجتمعات في الغرب..

بالرغم من تصدي المنظمات الدولية لظاهرة التمييز العنصري ضد السمر بمعاهدات ومواثيق دولية لكنها تقف مكتوفة الأيدي تجاه سطوة دول الإستكبار بسبب هيمنة هذه الدول على المنظمات والتحكم في إداراتها عندما تعصف بهم الأزمات الكبرى .

وما حدث مؤخرا في ولاية مينيسوتا بتعمد قتل شرطي للمواطن الأسمر جورج فلويد الذي خُنق بسلوك وحشي

ولا إنساني لينكشف للعالم تارة أخرى زيف شعارات الديموقراطية ووقف التمييز التي تصدّرها أميركا الى البلدان المُستضعفة ومن تحت هيمنتها ومنها العراق..

في ندوة سابقة تحدثت عن النسيج الأجتماعي العراقي وأتذكر جيداً كيف أستعنت بعيّنات من مجتمعنا إنموذجا للتعايش السلمي من ذوي البشرة السمراء في محافظة البصرة التي تتصدر بقية محافظات العراق بالنسبة السكانية لمواطنينا السمر وكيف هم متساوين بالحقوق والواجبات رغم التشكيك من بعض المحرّضين بعد حادثة إغتيال احد النشطاء والتي قُيّدت الاولى من نوعها في العراق ضد السمر ، رغم استمرار مسلسل الاغتيالات التي طالت مئات النشطاء ودُعاة الحرية والمساواة ، ويبقى ثمن الحرية باهض ومميت في أغلب أرجاء العالم..

لنتخيل فيما لو حدث هذا المشهد في زمن الرئيس السابق باراك أوباما ماذا ستكون ردة فعل مناصريه وكيف ستتصرف إدارة البيت الأبيض ؟

إذا لم تحترم الخَلق ..فإحترم الخالق

أحدث المقالات