يتساءل كثيرون ربما, لماذا أغلب الثورات السياسية, تنتهي بأعدام القادة, أو كما يسموه ألانقلاب العسكري سابقاً, وثورات الفصول الأربعة, العربية حالياً, التي جاءت بسيناريو جديد, أعطى بعض الأحترام للقادة, المنقلب عليهم, من خلال محاكمتهم في أوطانهم, وبطاقمٍ دفاعيٍ مميز, يتولى تبرير جرائمهم, ضد شعوبهم, وفرصة ذهبية, لكي”يتعنتر” القائد المخلوع, ويخطُب بأسم الشعب, وللشعب, خطابات لا يرجو بها الحياة, إلا من الأموات!, هل لأن قتل الأفعى, مرهون بقطع رأسها, أم هو إنتقامٌ بطريقة سياسية, بالقصاص من الرموز الحاكمة, ولِما كانت تمارسهُ, من سياساتِ إقصاء, وتكميم الأفواه.
في العراق إندثرت هذه السياسة, باعدام الطاغية المخلوع, ولا أعرف السبب؛ هل لأن السادة رؤوساء الحكومات المتعاقبة, منذ 2003, وحتى يومنا هذا, كانوا زملاء, وأصدقاء في المنفى, ويعملون من منطلق (إعفي عني أعفو عنك)؟ أم هي شطارة المتلاعبين بالقانون, والدستور, الذين يتفنون بصياغة قوانين, تحمي حيتانهم, لتبتلع فقراءنا؟ أم لأن كل فترة حكمهم المتتالية, كانت تخلو من أي إخفاق, وتنعمَ الشعب بخيراته, ونسينا الظلم, وإستغنينا عن المظالم, ففي حكمهم حقاً؛ نام الحمل في أحضان الذئب؟!.
مع بداية فترة حكم جديدة كالعادة, ورغم ما مرَّ بنا, من محنٍ وصعاب, وحروب تحريرٍ وإحتلال, وصفقات سلاحٍ, وفساد, إكتفت الحكومة, بتبديل أدوار رؤوس العملية السياسية, و كأنها لعبة شطرنج, رئيسُ وزراءٍ سابق, نائباً لرئيس الجمهورية الحالية, ونتائج التحقيقات, في كل الجرائم, باتت تشير لتورط, رئيس الوزراء السابق, بشكل مباشر, وغير مباشر, في تلك الجرائم, ولكنها اشارات خجلة, تمزق لحمة بني جلدتي, لتحمي اللحمة الوطنية.
منها الجريمة المخجلة، التي أرتكبها القائد العام, للقوات المسلحة، بصمته المشين, على وجود آلاف الجنود الوهميين ، ومثلهم, وربما ضعفهم, من المنتسبين لقوى الأمن الداخلي، وهي قضية لم تحصل في أي بلد آخر, غير بلدنا المنكوب، ولكن أتضح أنها لا تقتصر على الجيش والشرطة فحسب، بل أنها داء إستشرى بكل مفاصل الدولة، بعلم رئيس الوزراء السابق، وهكذا نرى انه أرتكبها بالعنوانين الكبيرين الذين يتمنطق بهما، الأول عنوان القائد العام، والثاني عنوان رئيس الوزراء..فهل أبقى شيئا؟!
صلاحيات مجردة, وتحركات مقيّدة, وفخامة فارغة, كل ذلك, في سبيل الحصول على حصانة, من الملاحقات القانونية, فبعد ان كان يتصور نفسة القائد الأوحد, المغوار, نجد إن غروره قد تسبب في تمزيق البلاد, وتفريق العباد, وقتل, وتهجير, ودمار, وضياع الاموال, وفساد المؤسسات, زعيم المنبطحين من غيره, الميت حكما, ولم يكرمه أحد بالدفن, فمن يتفضل ليكرمه بأعدام؟.
نحن بانتظار, الأمر بتشكيل محكمة, ليثأر المظلومين, من ظالمهم, وليصدقوا إن للحق صولات, قد تتأخر, ولكنها ستأتي, وإن الراعي الميت, لابد أن يحاكم عن ظلمه لرعيته, ولا بأس من إعدامه, تكريماً, وتمجيداً, آخر يضاف الى, مجده المزعوم, ليتغنى به أتباعه, وفرصة ذهبية, ليصبح “عنتر” زمانه.
تكريمه بالأعدام, وتفتيت لمؤسساته, التي أعتاشت على دماء الأبرياء, فباتت تخلق الأزمات, وتعمل بمبدأ التسقيط, للرموز والشخصيات, الوطنية المخلصة, ليموت معه حلمهم, وهوسهم, بأعتلائه رأس الهرم من جديد, وليكتفوا بتوزيع الثواب, والترحم على ما فات.