23 ديسمبر، 2024 12:31 ص

إقليم كوردستان والإصلاح الحكومي المتواصل

إقليم كوردستان والإصلاح الحكومي المتواصل

في کتابه “علم النفس السياسي” المنشور عام 1910 يقول الطبيب والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون، بأن “معظم القواعد والقوانين الخاصة بحکم البشر وقيادتهم والتي استخلصها ماکيافيلي لم تعد صالحة منذ زمن طويل. وعلی الرغم من مرور أربعة قرون علی هذا الرجل العظيم فأن أحداً لم يحاول إكمال أعماله”.
وفي کتابه المشهور والمنشور عام 1895، “سیکولوجية الجماهير” يقول لوبون ، “أن دخول الطبقات الشعبية في الحياة السياسية وتحولها التدريجي الی طبقات قائدة يمثل أحد الخصائص الأكثر بروزاً في عصرنا، عصر التحول…”.
الشعب، کما یراه هذا المؤرخ، لايختار مؤسساته، مثلما لایختار لون عيونه أو شعرە، والشعوب ليست محکومة طبقاً لنزوات لحظة ما، وإنما طبقاً لما تملیه طباعها و خصائصها.
حکومة إقلیم كوردستان، التي تستمد قوتها من إرادة الشعب الكوردستاني والمؤسسات الرسمية والقانونية، قامت برزمة من الإصلاحات تهدف من خلالها تبني العدالة وبما تخدم مصلحة شعب إقليم كوردستان. يترکز مشروعها بداية على إدخال إصلاحات في التقاعد والرواتب والمخصصات والمنح والامتيازات ضمن برنامج عمل الحكومة الجديدة في الإقليم، بعدها تسعی الی تعديل قوانینها لتنتقل من مرحلة مقيدة ببنی تقليدية نحو مرحلة تؤمن ببنی محدثة لمواکبة العصر ومتغيراته من مضامين تدفع نحو بناء المواطنة القانوني المرتبط بالإنتماء الی إقلیم كوردستان والولاء لنظام الحکم فیه، وذلك بخلق ربط المواطن بالإقلیم من خلال قنوات تواصل تلبي الاحتياجات والمتطلبات السياسية والاقتصادية، في سبيل بلوغ الغایات والأهداف التي من أجلها ناضل أبا‌ءنا مایقارب قرن من الزمان.
هدف الإصلاح هو العمل علی عصرنة المؤسسات وعقلنة البنى وتعزيز الإدارات المتخصصة، وإعتماد مقاييس الكفاءة من أجل فاعلية الحکومة في بيئتها المحيطة داخلياً وإقليمياً ودولياً.
أما التأکيد المستمر للسيد الرئیس مسعود بارزاني علی تفعيل قدرة شعب كوردستان من أجل الوحدة والتنسيق المشترك لإغتنام الفرصة التاريخية والفرص السانحة لتغيير فعلي ونقلة نوعية في حیاة هذا الشعب وإعادة صياغة الإنسان الكوردستاني على أسس حديثة تستجيب للقيم الحضارية الانسانية التي تعتمد العقلانية والمنهجية والعلاقات الانسانية بين ابناء المجتمع، فهو خير دليل علی أهتمامه الكبير بعملية الإصلاح الحكومي بأعتبارها “خطوة مهمة” من شأنها أن تعمل على تطور إقليم كوردستان وتقدمه.
أن تجسيد ثقافة توفير الخدمة العامة العادلة والفاعلة للأعمال في منأی عن التقديرات الجزافية والتدخلات هو هدف من أهداف الحکومة الحالية للترکيز علی المضمون بدلاً عن الشکل.
إننا إذ نبارك هذه الخطوة لحکومة إقليم كوردستان نعلم بأننا اليوم أحوج مانکون الی القيام بإصلاحات شاملة في بنیة الواقع الكوردستاني وذلك لتجسيد روح المواطنة واشاعة العدل والمساواة بين مواطني كوردستان دون تمايز.
أما الإنفتاح الكامل للحکومة علی الشعب الكوردستاني في كل السياسات والممارسات ، لإبداء الرأي بتلك السياسات فهو من أهم الخطوات نحو الديمقراطية ، بە يولد الشفافية والمساءلة.
علی الأحزاب السياسية الفاعلة دعمهم المستمر للحکومة والتخلي عن السعي الی دفع المجتمع الكوردستاني نحو خضم صراعات ومواجهات تضعف من قدراته على مواجهة التحديات الجسیمة كحربنا ضد التنظيم الإرهابي الدولي داعش والتصدي للعوامل الأخری المؤخرة لتقدمه وتطوره. علیها نشر ثقافة الدیمقراطية بين أفراد المجتمع الكوردستاني والتي تعني احترام آراء الاخرين وحقوقهم في التعبير عنها في اطار من المساواة والتكافؤ ومکافحة العصبية کرابطة إجتماعیة سیکولوجیة ، شعورية ولاشعورية.
نحن واثقون بأن التنمية لا تحصل بالتمني بل لابد من أن تتوفر الإرادة لدی الجهات المسؤولة لإصلاح الوضع الراهن و لابد من أن تتضافر الجهود للنهوض بالمجتمع إلی مکانة تقتضيها طبيعة العصر الحديث.
وختاماً نقول: “لإجتیاز إمتحان المعرفة والديمقراطية والتنمية ماعلینا إلا أن نمارس هويات عابرة وأن نتعامل مع معدننا كتراث لا كمتراس وأن نتصرف على مستوى إقلیمنا الکوردستاني لكي تكون هويتنا عابرة منتجة مبدعة خلاقة، حتى نتمكن من المساهمة فى منجزات الحضارة الحديثة.”