الشيعة في العراق غير متفقين على عنوان واحد يلتفون حوله ، فهم يتصرفون دائما كردة فعل على فعل وليس هناك في الأفق أي علامة على اتفاق يمكن أن نسميه مصيري جامع لحاضرهم ومستقبلهم .
أفراد و جماعات وأحزاب شيعية لا تملك المشروع لكنها تراوح بين التمسك بالسلطة ( رئاسة الوزراء ) وبين الإخفاقات المدوية منذ استلامهم الحكم التنفيذي في العراق ولحد الان ، الأحزاب السياسية التي فازت أخيرا في الانتخابات والتي تشكل قوة كبيرة في البرلمان وفي الحكومة لم تتفق حتى اللحظة على رئيس حلفها السياسي ، دليل قاطع على المراوحة والتخبط ..
من الرئيس وما هية البرنامج قضية مهمة تجيب على أسئلة مهمة أيضا، منها ماذا يريد شيعة العراق بالضبط ؟
لا احد يعرف ماذا يريد شيعة العراق بالضبط ، حتى كاتب هذه السطور الشيعي لا يعرف ، ولا توجد هناك دراسات وإحصائيات يمكن لها أن تجيب عن هذا السؤال ، لكن لا ضير أن نكتب ونحلل استنادا الى نتائج السنوات الماضية ، اي منذ وصول شيعة العراق الى حكم بغداد عام 2003 ، وحتى الان .
هناك من يريد إقليم شيعي على شاكلة إقليم كردستان ، استنادا الى ما نص عليه الدستور من ناحية ، والى ما حققه إقليم كردستان من انجازات على الأرض من ناحية ثانية . إقليم شيعي للمحافظات الشيعية وليس انفصال عن العراق الواحد . وحاول دعاة هذا المذهب الى أطلاق تسمية إقليم سومر عليه حتى لا يقول عنهم رافضو الإقليم انهم طائفيون .!!! بينما ذهب البعض الى أقامة إقليم لكل محافظة منهم على سبيل المثال وليس الحصر نشطاء البصرة ودعوتهم الى أقامة إقليم البصرة حصرا ، وهي دعوة ليست جديدة بل يمكن أن نقول أن عمرها يمتد الى عشر سنوات ، لكن في الآونة الأخيرة وجدت من يحركها ويدعمها لأسباب ليس وقت تفصيلها الان .
هناك رأي آخر يدعو الى أقامة دولة شيعية للخلاص من الأوضاع الكارثية خصوصا الأمنية منها بسبب رفض الشركاء الآخرين خصوصا السنه العرب لوصول الشيعة الى الحكم في بغداد ، هذه الدولة الشيعية يعتقد هؤلاء هي في الأصل العراق التاريخي ، بعيدا عن الحدود التي صنعها البريطانيون عام 1920 .
لكن يبقى السؤال لماذا يراوح هؤلاء في مكانهم اذا ما عرفنا أن النص الدستوري النافذ معهم ؟؟
الجواب بكل بساطة انهم ردة فعل وليس لديهم مشروع واضح يمكن أن يتحرك من مكان الى آخر ، هم نفسهم رفضوا بشكل قاطع أن يقيم السنه إقليما لهم في صلاح الدين ، كلنا نتذكر كيف وقف اغلب أن لم اقل جميع الأحزاب الشيعية ضد طلب أهالي محافظة صلاح الدين القانوني والدستوري في أقامة إقليم لهم .
الحقيقة الأكثر إيلاما أن إقامة الإقليم ليس في صالحهم ، اقصد الإقليم الشيعي لعدة أسباب منها :
1- الخوف من ماذا بعد أقامة الإقليم ؟ من يسيطر على من ؟ من يستولي على مقدرات الإقليم ؟ من يصبح رئيسا للاقليم ؟؟
2- عدم وجود الاستقلال السياسي ، التبعية السياسية لإيران ، كيف إقامة إقليم شيعي وإيران تدعو الى وحدة الشيعة والسنة وقيادة الأمة الإسلامية ؟؟؟
3- موقف المرجعية في النجف الاشرف التي تعتقد أن التوقيت غير صحيح وربما يؤدي الى تقسيم العراق ، او قل انها لا تريد أن يكتب التاريخ أن تقسيم العراق قد حدث أيام قوة المرجعية وسلطتها الروحية والأخلاقية على الشيعة في العراق .
4- اعتقاد البعض انهم قادرون على السيطرة التامة والكاملة على العراق بالتالي لا داعي للتوقف عند الإقليم الشيعي .
5- تخوف الأغلبية الصامتة من قيام الإقليم خصوصا أن سنوات الفساد الحكومي مازالت ويلاتها واضحة وليست بحاجة الى شرح على المتون . هؤلاء الفاشلون أضاعوا فرصة تاريخية في أعادة بناء العراق بل عشر دول مثل العراق من خلال الأموال التي ضاعت خلال السنوات الماضية ( 1000 مليار دولار أمريكي ) . كيف لهم حكم الإقليم الشيعي .
يبدو من الواضح أن القضية العراقية خرجت من زمان من تأثير وسيطرة العامل الداخلي وأصبحت بيد العامل الدولي والإقليمي ، الراعي الأول ، الولايات المتحدة مازال مقتنعا بوحدة العراق أرضا وشعبا لكن ضمن معادلة لا غالب ولا مغلوب ( شيعة ، سنه ، كرد ) وعلى هؤلاء الاتفاق واللعب ضمن هذه المعادلة ، في المقابل يجد العامل الإقليمي أن وجود عراق ضعيف منهك هو أفضل الحلول حتى الان لأسباب عديدة لسنا في معرض طرحها بهذه العجالة ، وان الصراع الإقليمي على ارض العراق أفضل بكثير من أن يكون في مكان آخر بعيد ( إيران – السعودية – تركيا ) .
عليه ، لن يكون هناك إقليم شيعي ولن يكون هناك تقسيم ولا حتى إقليم سني ، لان خطة إلغاء دول وإعادة تشكيلها ليس بالأمر الهين ، سوريا مثالا ، خطة تقسيم سوريا لم تنجح لحد الان على الرغم من التدمير الشامل الذي لحق بها ، ما جرى في سوريا وما نتج عنها من ظهور الحركات الإرهابية الجديدة التي تنتشر بشكل غير منضبط مع أحداث اليمن يدعو اللاعب الكبير الأمريكي أن يعيد الحسابات ويعمل على خطة جديدة وهي السيطرة وضبط إيقاع الشرق الأوسط والحفاظ على مصادر الطاقة . ماهية الخطة وكيف ذلك هذا موضوع آخر .