لمرّاتٍ عدّةْ , كتبنا عن ازمة الكهرباء , وتعرّضنا لها منْ زواياً مختلفة اشتملت ضمن ما اشتملت على البحث والتحليل والنقد والى ما يتبع ذلك . وقد حرصنا أن نشير في معظم تلكُم المقالات أنْ لا فائدة ترجى من الكتابة في الشأن الكهربائي .! , وقد استمتعتُ ” بصراحةٍ ” عن رسائل الأعجاب التي وردتني عن مقالٍ بهذا الشأن , وكان عنوانه : < تعودُ فلسطين ولا تعودُ الكهرباء > , بينما كتبَ لي أحد القرّاء أنه سجلّ اعجابه بمجرّد قراءته للعنوان ومن قبل إطّلاعه على التفاصيل .
لا ريبَ أنّ في مجمل ما كتبناه , وما ذكروه بعض الكُتّاب الصحفيين , ومن خلال ردود افعال المواطنين المختلفة سواءً في التعليقات او ” الأيميلات والمسجات ” وما الى ذلك , وخصوصاً في رصد ردود الأفعال الفورية التي تصدر بعد أيّ مقالٍ يتعلّق ” بأزمة الكهرباء ” والتي تُسمّى اكاديمياً في عِلم الإعلام بِ : < FEED BACK – التغذية المرتدّة > , فهنالك قناعة جماهيرية سيكولوجية وسوسيولوجية ملموسة ” على الأقل ” بأنّ معضلة الكهرباء في العراق هي مسألة ميؤوسٌ منها اولاً , وثمّ انها غدت كلغزٍ مبهمٍ ملفوفٍ بالطلاسم والأحجية لعددٍ من المواطنين ثانياً ..
الأهمُّ من كلّ ذلك , فأنَّ آراء وافكار وانطباعات الأغلبية العظمى من المواطنين وبمختلف مستوياتهم الثقافية والتخصصية , فأنها تُجمع في محصلتها على أنّ الأسباب الكامنة خلف قضية الكهرباء هي ليست بأسبابٍ فنية .! وبعكسه فأنّ ما جرى الصرف عليها طوال العشر سنواتٍ الماضية يزيد عن ميزانياتٍ لدولٍ عربيةٍ وغير عربية قد امسى حديثاً مكرراً و ممّلاً , وبالتالي فهنالك رؤىٌ واستنتاجاتٌ فكريةٌ مصحوبةٌ بتصوّراتٍ تترسّخ و انطباعاتٍ تتجذر في اذهان عموم المواطنين بأنّ هنالك جهة مجهولة ما في داخل وزارة الكهرباء هي الطرف المستفيد من ديمومة انقطاع الكهرباء < وبأمكان مراكز استطلاع الرأي التحقق من نسبة اعداد المواطنين التي تُجمع على هذا الرأي , وانها ستتفاجأ بالأعداد والأصوات التي تفوقه وتتفوّق عليه ! > ..
وبالعودة الى هذه الجهة المجهولة والتي لابدّ من وقوف جهاتٍ اكبر منها في تنفيذها لهذه المهمة الظلماء , وبالرغمِ من أنّ لا أحد يمتلك دليلاً موثّقاً للتعرّف على هذه الجهة المستفيدة , وما دام الأمر ومعه اصابع الأتهام العشرين تشير الى وجودها داخل اعماق وزارة الكهرباء ذاتها , فأنّ الحلّ الشبه تعجيزيٍّ الوحيد والمتبقّي للدنوِّ من فكِّ احجية ازمة الكهرباء , فأنّما يتطلّب استصدار قرارٍ رئاسيٍّ بمنع استخدام كلّ قادة وكوادر وزارة الكهرباء للمولّدات المنزليّة والعامة ” المناطقية ” بدءاً من الوزير ووكلاء الوزارة ومعهم المدراء العامين ومروراً بالمهندسين الكهربائيين وانعطافاً بمدراء المحطات الذين تنتشر الأقاويل والإشاعات بأنّ علاقةً ماليّةً ما تجمعهم مع اصحاب المولدات الكهربائية المتواجدة في كافة الأحياء السكنية , ومثل هذا القرار المطلوب بألحاح فلعلّه سيدفع بعضهم للتخلّي عن امتيازاته الغامضه مقابل اعادة الكهرباء الى اجهزة التكييف المنتشرة في بيوتاتهم .! , ومثل هذا القرار المفترض , يتطلّب ايضاً تدخّل اجهزة الأستخبارات والمخبرين السرّيين لمراقبة ايّ تشغيلٍ سريٍّ للمولدات في منازل القيادات الكهربائية العليا والسفلى .! , ثمّ قد يقول قائل ويسألُ سائل بأنْ ما ذنبَ عوائل كوادر وزارة الكهرباء في تحمّلِ حرارة انقطاع الكهرباء الوطنية ومنعهم من استخدام المولدات الخاصة والعامة .؟ وهنا : فأنَّ اجابتنا المشقوقة الى شقّين هي : –
A : – لا يمكن أن نغدو اكثر حرصاً على عوائلهم المحترمة اكثر من حرصهم عليهم ..
B : – إنه في أحدى أمثال تراثنا الشعبية مذكورٌ أنَّ : < الأخضرَ يحترقُ بسعر اليابس > .! وهو في المفهوم التنظيري الأشتراكي والشيوعي فأنّ مصلحة المجموع أولى من مصلحة الفرد .!
ثمّ , وبعد اللتي والُّلتيّا , وبعد كلّ الإفتراضات والكلمات والمقترحات , فهل في يومٍ ما < هجريّاً او ميلاديّاً , شمسيّاً او قمريّاً > هل من إحتمالاتٍ مفترضة لعودة هذا التيّار , ولو لدغدغةِ الآمال ولمداعبةِ الأحاسيس .؟
نستبقُ القولَ مسبقاً وبما لمْ تسبقه سابقة , بأنَّ داعش ستزول في يومٍ ما وتتلاشى من الوجود , ولا تعود لنا الكهرباء الوطنية كما في أيّامِ شبابها وحيويتها وانوثتها .! انسووووها , فدولٌ عظمى شاركت بغزو العراق واخرياتٌ لم تشارك بغزوه , قد عجزت عن اعادتها بعد عقدٍ ونيفٍ من الأحتلال , فهل يعيدوها مَنْ يثرون و يكتنزون من انقطاعها وتقطيعها إرباً إرباً ..!