23 ديسمبر، 2024 12:06 ص

إقطاعات توزع على العائلة المالكة، سابقا وحاضر!!.

إقطاعات توزع على العائلة المالكة، سابقا وحاضر!!.

الاستئثار أن يخص الإنسان نفسه وذويه وقرابته وحاشيته وينفرد بأمور تأتي مخالفة لموازين المنطق والعقل والفطرة والعدالة والأخلاق والشرع ، وهو من أخطر الخصال التي تفتك بالقيم وتسحقها، وله تبعات كارثية لا تقتصر على الجانب الفردي الأخلاقي فحسب، بل تضر بالمجتمعات والأوطان، لأنه يجر إلى الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي وغيره، يقول الإمام علي عليه السلام: الاِستِئثارُ يوجِبُ الحَسَدَ ، وَالحَسَدُ يوجِبُ البِغضَةَ ، والبِغضَةُ توجِبُ الاِختِلافَ ، وَالاِختِلافُ يوجِبُ الفُرقَةَ ، وَالفُرقَةُ توجِبُ الضَّعفَ ، وَالضَّعفُ يوجِبُ الذُّلَّ ، وَالذُّلُّ يوجِبُ زَوالَ الدَّولَةِ وذَهابَ النِّعمَةِ .
وتزاد خطورة الاستئثار، حينما يمارَس تحت مظلة الدين، وعلى يد من يشغل أخطر المواقع الدينية كالخليفة والفقيه، وبالرغم من أن الشارع المقدس قد نهى عن هذه الصفة الذمية إلا أنها كانت ولا تزال حاضرة وبقوة في سلوكيات من يدعي التدين، والتاريخ الإسلامي ينقل لنا الكثير من مظاهر الاستئثار التي فاقت حد التصور والخيال ، ومنها على سبيل المثال، ما كشف عنها المحقق المهندس، نقلاً عن ابن الأثير في كتابه الكامل، خلال سرده لسيرة الْمَلِكُ “الْعَادِلُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَيُّوبَ” كما يصفه، حيث قال المحقق: قال ابن الأثير: }}وَكَانَ الْعَادِلُ قَدْ قَسَّمَ الْبِلَادَ فِي حَيَاتِهِ بَيْنَ أَوْلَادِهِ. فَجَعَلَ بِمِصْرَ الْمَلِكَ الْكَامِلَ مُحَمَّدًا، وَبِدِمَشْقَ، وَالْقُدْسِ، وَطَبَرِيَّةِ، وَالْأُرْدُنِّ وَالْكَرَكِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحُصُونِ الْمُجَاوِرَةِ لَهَا، ابْنَهُ الْمُعَظَّمَ عِيسَى، وهنا علق المحقق الإستاذ: ((هذه إقطاعات توزع على العائلة المالكة)) وَجَعَلَ بَعْضَ دِيَارِ الْجَزِيرَةِ وَمَيَّافَارِقِينَ وَخِلَاطَ وَأَعْمَالَهَا لِابْنِهِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مُوسَى، وَأَعْطَى الرُّهَا لِوَلَدِهِ شِهَابِ الدِّينِ غَازِي، وَأَعْطَى قَلْعَةَ جَعْبَرَ لِوَلَدِهِ الْحَافِظِ أَرْسَلَان شَاهْ ; فَلَمَّا تُوُفِّيَ ثَبَتَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي الْمَمْلَكَةِ الَّتِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ{{.
وأما في الزمن الحاضر فحدث ولا حرج فقد سيطر الاستئثار على كل مفاصل الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها وخصوصاً في العراق، استئثار في الحكم والسلطة والإدارة والقرار والأموال والخيرات والثروات والبنايات والمؤسسات وغيرها، فكل تلك الأمور استحوذ عليها الرئيس أو القائد أو الرمز الديني( اللاديني) وأبنائه وأقربائه وحاشيته ومن يدين له بالتبيعة والولاء والانقياد، ففتحت أبواب الفساد على مصراعيها حتى تصدر العراق قائمة الدول الأكثر فسادً بلا منافس، وكل هذا بسبب الاستئثار والمستأثرين…