7 أبريل، 2024 7:58 ص
Search
Close this search box.

إقرأ ! فهل أنت بقارئ ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

مذ صار الدين مؤسسة ، صار فيه من المظاهر أكثر مما فيه من الدين ، ولطالما حرص الأوائل على فصل المظهر عن الجوهر ، كانوا يرون إن التدين الذي لايثمر في الحياة تديّنا مشلولا ، تماما كما سأل سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن رجل ما إذا كان أحد من الحاضرين يعرفه ، فقام رجل وقال :
انا أعرفه يا أمير المؤمنين .!
فقال عمر : لعلك جاره ، فالجار أعلم الناس بجاره يرى طبائعه ويخبر أخلاقه ؟
فقال الرجل : لا ، يا أمير المؤمنين . !
فقال عمر : لعلك رافقته في سفر ، ففي الأسفار تتبدى الطبائع وتظهر الأخلاق ؟
فقال الرجل : لا ، يا أمير المؤمنين . !
فقال عمر : لعلك تاجرت معه وعاملته بالدرهم والدينار ، فعند الدراهم والدنانير يُعرف أبناء الدنيا من أبناء الآخرة ؟
فقال : لا ، يا أمير المؤمنين . !
فقال عمر : لعلك رأيته في المسجد يهز رأسه قائما وقاعدا ؟ !
فقال الرجل : أجل يا أمير المؤمنين . !!
فقال عمر : إجلس فأنت لاتعرفه .. !
كان عمر منذ اكثر من ألفٍ واربعمئة سنة يحذر من المظهر على حساب الجوهر .. فأذا رأيت رجلا يحمل سواكا فلا تتسرع وتقول : هذا صاحب سُنّة ، فاحيانا يغدو السواك مِسنا نشحذ به أسناننا لنأكل به لحوم الآخرين ، وأحيانا تغدو اللحية زي عملٍ لا أكثر ! كما يحصل اليوم في عالمنا العربي عموما وفي العراق خصوصا ، والدليل مانراه اليوم من معممين وملتحين خرّبوا الدين بالجشع والطمع وأكل مال اليتيم والمتاجرة بأسم أهل البيت الكرام . .. فما فائدة المساجد يا أخوتي مادام الصف الأول لا يكتمل في صلاة الفجر ؟ السنا بحاجة الى بناء الإنسان أكثر من حاجتنا الى بناء المساجد ؟ وما الفائدة من الجهاد إذا صار ( المجاهد ) قاطع طريق ؟ ما قيمة التديّن أذا لم يلحظ في الناس فرقا بين سلوك المعلم المتدين والمعلم غير المتدين . ؟ بين التاجر المتدين وغير المتدين ، بين الطبيب المتدين وغير المتدين ، بين الإبن المتدين وغير المتدين ؟ مصيبة ان لايكون لنا من حجنا إلا السبح وسجاجيد الصلاة وأخذ صور ( السيلفي ) في الحرم المكي .. وبذات الوقت نسهر ( صباحي ) نكلم فلانة وعلانة على الخاص في فيس بوك ونسمعها مالذ وطاب من كلام منمق مرتب ؟
فالتدين الذي لا يعكس أثرا في السلوك هو تديّن اجوف .. ختاما أبعث بسلامي الى المتدينة فلانة الفلاني التي تخرج من الملهى في الساعة الرابعة فجرا متوجهة الى المسجد القريب لتؤدي صلاة الفجر بخشوع .. ومثله إلى الشيخ المتصابي ( المتدين جدا ) الذي لم يترك شفة واحدة من الشفاه إلا ووضع بصمته عليها زيادة في التقوى .. ومثله إلى وعاظ السلاطين من المعممين والملتحين والمسبّحين بالدرهم والدينار والدولار والتومان .. ألا تبا لكم وسحقا . فهل أتعظتم الآن ام أنكم بحاجة الى ضرب القنادر على رؤوس رؤوسكم مرة اخرى ؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب