7 أبريل، 2024 11:46 م
Search
Close this search box.

إقتداءً بالعالم المتقدم / 2 أهوار العراق.. فينيسيا شرق الإهمال

Facebook
Twitter
LinkedIn

ينطفئ حزني غرقا، في مياه “البندقية – Venezia” كلما زرت إيطاليا؛ حسرة على أهوار جنوبنا التي ينفرط جمالها الثر.. متسربا من بين الأصابع؛ جهلا أو كفرا بالنعمة السابغة التي منّ الله بها على العراق…!

الايطاليون يتغزلون بفينيسيا: “ملكة البحر الأدرياتيكي” ونحن نطم أهوارنا، بدلا من إستثمارها سياحيا في بعث روح النشوة لدى المواطن المحلي، وإستقطاب السائح الأجنبي، بكل ما يمثله ذلك من سمعة حضارية طيبة، ومصدر رزق للدولة وأبناء المنطقة، الذين يمكن لتلك البيئة ان ترتقي بهم معيشيا، وتغني الموازنة المربوطة للنفط وحده لا مصدر معين يدعمه،…

الآن.. وقد درجت الاهوار على لائحة التراث العالمي، بكل ما يعنيه ذلك من أهمية كونية، هل ستستجيب الجهات الحكومية المعنية بهذا الشأن، لشروط اليونسكو، ملبية المواصفات المطلوب إلتزامها؛ كي تستمر كفالة المنظمة الاممية لهذا الموقع الحضاري!؟

وزارات السياحة والبيئة والخارجية والداخلية والموارد المائية والحكومات المحلية الثلاث في المحافظات المتشاطئة من حول الاهوار.. العمارة والناصرية والبصرة، لم تحرك ساكنا، والوقت يمر، واليونسكو على وشك شطب الاهوار؛ فهل تهتز شعرة في رأس رايس!؟

الكل معني بإنتهاز السانحة؛ كي يثري.. من فساد او سواه.. لافرق عندهم، الفرق لدى المواطن الذي يتلظى حرقة لاجل وطن يفقد فرص النمو البشري والمالي والجمالي؛ حين يرى أمما تصنع من ذريرة وعي لا ترى بالعين المجردة، شاهدة تبهر العالم ويقف لها الذوق الثقافي في حضارات الكون إحتراما لارادات شعوبها.

فمن يعنى بإنتشال فينيسيا الشرق من الاهمال، معيدا الثقة للفرد العراق بجمال وطنه، وحمله على المساهمة في تعزيز هذا الثراء السياحي، من خلال إشراك رأس المال الاهلي.. محليا وأجنبيا، في الاستثمار الى جانب الدولة او بإشرافها.

إذ لا يتعذر على العقول السياحية والهندسية العراقية، على التفوق في بناء هيكل حضاري جاذب للاستثمار والسواح ونشر المشاعر المتفائلة بهجة.. الافلام العالمية تجد لها “لوكيشن – موقع تصوير” مثالي، والعائلة العراقية تركن الى مرفأ إستجمام يريحها خلال عطلة الاسبوع التي تمتد يومين ونصف اليوم، من ظهر الخميس الى صباح الاحد.

نُعَمُ اللهِ التي لا نحيط بعدها إذا أحصيناها، تتكدس في العراق، متبددة لغياب العناية بها.. فالكل مشغول بمنعطفات الهباء، من دون أن يدري الى أين يسوق البلاد التي خرب فطرتها، ولم يعنَ بإستحداث بديل معرفي عن جمال الطبيعة التي أتلفها عمدا او جهلا.. لا فرق ما دامت النتيجة واحدة!

فلننتبه الى الفرص التاريخية للاقتصاد العراقي، الكامنة في الاهوار ونظيراتها من المعالم الحضارية.. الاثرية والتراثية والطبيعية والعمرانية المتجددة؛ كي نفي للماضي ونخدم الحاضر ونؤسس للمستقبل، إسوة بفينيسيا الغرب، والا نتخلف راكسين في المقولة الهمجية: “كلنا في الهوى شرق” ولنكن غربا بالوعي شرقيي الانتماء…

هل ثمة حاجة لوصف سحر المسطحات المائية التي تربط الارض بالسماء، على صفائح من زرقة مهولة تمتد من العمارة الى الناصرية فالبصرة، محتضنة أسماك “تازة” و”خريط” و”كاط” و”مناظر تعيد للمجنون صفاء حكمته وللعليل عافية أبدية.. وجاموس وقصب وبردي و… تتآكلها عشبة النيل التي تعمد النظام السابق إطلاقها آفة تدمر الأهوار بعد ردمها.. تنكيلا بمعرضيه.. الى الابد! لأن التالين عليه غير معنيين بمعالجة الكوارث التي خلفتها الديكتاتورية الآفلة.

فيا لضياعنا ونحن نبدد ثراء ما وهب الرب من سطوع يضيء ظلام المكان والزمان!؟ نذروا ذكريات أسلافنا السومريين الذين شدوا وثاق البردي سفنا عابرة للمحيطات، ونحتوا من القصب مضائف عامرة بالترحاب.. باركها الإله فتباركت، الى ان سطت كآبتنا على الهور.. تسد السبيل اليه وتطفئ جذوة الشوق: “من يوقف النزيف في ذاكرة المحكوم بالاعدام قبل الشنق!؟”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب