17 نوفمبر، 2024 5:21 م
Search
Close this search box.

إغسلوا أيديكم ايها العراقيون

إغسلوا أيديكم ايها العراقيون

أعلن رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري، في بيان صحافي أمس أن هيئة النزاهة التي يرئسها ” ستكون أول من يلبي دعوة المرجعية في محاربة المفسدين واسترداد الاموال المنهوبة ”. وهذا دليل قاطع ونهائي على أنه كاذب ومنافق لا ينوي فعل شيء ذي قيمة في محاربة الفساد والمفسدين. فلو كان صادقا فيما وعد لحارب الفساد، ولجرى وراء الأموال المنهوبة، قبل ذلك بكثير. ولأنه كان في انتظار من يلكزه، ويضربه بالعصا على قفاه، لن يتحرك (إلا والعصا معهُ)، على رأي المتنبي العظيم.

مصيبتنا في هؤلاء المراوغين والمدعين بالنزاهة أنهم يعرفون الفاسدين، واحدا واحدا، ويلتقون بهم كل صباح وكل مساء، ويعلمون علم اليقين بحجم أمنوالنا التي نهبوها، وإلى أين وكيف هربوها، ولكنهم يصرون على استحمارنا واستغفالنا بالمواعيد التي لن تتحقق.

فقد عودتنا الأيام على مومسات يتحدثن عن الشرف، ولصوص عن الأمانة، وجبناء عن الشجاعة، وجزارين عن الرأفة والرحمة، وهم جميعا كاذبون.

من أول الحراك توهم كثيرون من العراقيين والعرب والأجانب، مثلي، بأن العراق على يديْ حيدر العبادي سينام ليلة واحدة فقط ليفيق صباحا وهو “سويد” جديدة أو “سويسرا” ثانية، أو أحسن منهما، ليس فيه مفخخات ولا طائفية ولا محاصصة، ولا خطف ولا كواتم ولا مليشيات، ينعم فيه المواطن بالحرية والكرامة، ويتساوى أمام القانون وفي فرص العمل عضوٌ في حزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري وفيلق بدر والعصائب وبين عضو في جماعة أسامة وأثيل نجيفي وكربولي أخوان وأحباب صالح المطلق ودراويش عزة الدوري، ويعود المهجرون واللاجئون والهاربون من داعش وماعش إلى منازلهم بأمان، وتفرغ السجون من ساكنيها الذين زج بهم المخبر السري، ومكثوا سنوات دون محاكمة، وينزع سلاح المليشيات والأحزاب والعشائر كلها، سنية وشيعية، ويقف المالكي وولده وصهراه ووزراؤه ومستشاروه أمام القضاء العادل المستقل، بعد رحيل مدحت المحمود.

نتمنى أن يخيب الأخ حيدر العبادي ظنوننا، وأن يحقق أحلام الجماهير الغاصبة، فيكون بطلا وطنيا حقيقيا يَخرج من بيضة حزب الدعوة، ومن ولاية الفقيه، ووصاية المرجعية، ويقرر، بشجاعة واستقلال، أن يكون رئيس حكومة جميع العراقيين، مُتحررا، برجولة نادرة هذه الأيام، من كل الموانع المحلية، والأقليمية، والدولية، وضوابطها الخانقة، فيدخل التاريخ وهو حبيب الشعب، وزعيمه الأوحد المفدى.

ولكنه، حتى لو أراد، من يسمح بشيء من ذلك؟. ومخطيء من يظن أن (الشلاتية) والمزورين والمختلسين الذين أمسكوا بالسلطة والمال، بعد جوع سنين طويلة، قد تستيقظ فيهم الوطنية والنزاهة والامانة والشهامة، فجأة، ويرمون مصالحهم الحزبية والشخصية

والعشائرية في أقرب سلة مهملات، ويعيدون قصور الدولة وأموالها، ويسمحون للعبادي بأن يفضح سرقاتهم واختلاساتهم وصفقاتهم وعمالة أحزابهم وخيانتها، وبأن يخون إخوته الفاسدين.

ومجنون من ينتظر من حيدر العبادي حكومة نزيهة ونظيفة وشريفة ليس فيها وزير من كتلة المواطن، أو الأحرار، أو الفضيلة، أو منظمة بدر، حتى لو كان أميا جاهلا لا يُفرِّق بين “فخامة” الرئيس و”ضخامة” الرئيس، أو آخر مفروض من “مرجعية” أو من مليشيا أو مخابرات شقيقة أو صديقة وافدة من خارج الحدود.

فمن رابع المستحيلات أن نجد وزيرا للدفاع، مثلا، كرديا خبيرا وطنيا عراقيا أصيلا، وللداخلية سنيا شريفا عادلا، وللمالية كلدانيا كفوءً أمينا، وللخارجية شيعيا مقنعا ومحترما ومثقفا وابنَ أصول، ورئيسا للمخابرات تركمانيا محترفا، وللتربية عالما صابئيا، وأن تقوم حكومة وحدة وطنية حقيقية على أنقاض المحاصصة ونظامها المتخلف البغيض.

ثم إن أسوأ انواع التفاؤل غير الواقعي وغير العاقل وغير المشروع هو أن نننتظر من شخص، أي شخص، أن يتمرد على البطن التي جاء من أحشائها.

ثم، من يقدر ومن يجرؤ على أن يتمرد على أوامر أحدى اللاعبتين الكبيرتين الآمرتين الناهيتين في عراقنا الديمقراطي الجديد، سفارة العم سام وسفارة الولي الفقيه؟. ومن ينتظر اتفاقهما على السماح لأهل الوطن بأن يصنعوا وطنهم دون تفاهم كليهما سينتظر أزمنة لا تنتهي.

ألم يتفق العالم كله على رحيل بشار الأسد، ثم عارضت روسيا وإيران فلم يرحل؟ وها هو العالم اليوم مُجمعٌ على دعم العبادي، وتأييده وتشجيعه على اجتثات رؤوس الفساد الكبيرة، ثم احتضن الولي الفقيه نوري المالكي ومدحت المحمود. فهل يستطيع العبادي أن يعتقله أو حارس قصره المنيف أم واحدا من صهريه العصيْين؟. وبدون رؤوس نوري المالكي ومدحت المحمود وباقي الجلاوزة والأفاقين لن يمكن أن يكون في العراق عدل ووطنية وإصلاح.

ألم تكن المشكلة السورية صغيرة ومحلية وبسيطة، وكان يمكن حلها ببضعة قرارات تعطي الجماهير بعض حقوقها، ثم تدخلت روسيا وإيران فاصبحت كارثة، لا على الشعب السوري فقط، بل على النظام كله، وعلى بشار وأهله ومستقبل طائفته كلها؟

هذه هي الحقيقية التي ينبغي ألا تغيب عن قادة الحراك، وأن يقطعوا أملهم في النظام كله، وأهله أجمعين. لا حل ولا مخرج إلا بوحدة قوى الحرية والديمقراطية كلها، في مواجهة ما يدبر الفاسدون.

أحدث المقالات