بداية ولفهم معايير قوى الدولة ، يجب معرفة ماهية تلك القوى.. ببساطة هي تلك القوى التي لاتتكئ على قوة الدعم الخارجي، ولم يكن خطابها السياسي يوما بتوجيه وأملائات خارجية، وليس لها فصائل مسلحة، أو سلاح خارج أطر الدولة لتثبت حضورها على الساحة السياسية، أو يمكنها من رصيد إنتخابي، ولا تعتمد على ألة أعلامية، تختلق تهويلا أعلاميا قائما على التحريف والتزييف والتبريرات وأختلاق الأزمات، لإستمالة وإلفات نظر بعض شرائح المجتمع اليها .
كذلك فأن قوى الدولة هي تلك التي تعتمد، الخطاب السياسي المعتدل والناضج في الحلول مع الواقع خصوصا الداخلي منه، مما يجعلها ترفض أي حلول خارج سور الوطن والوطنية.
هذه المعايير جعلت من قوى الدولة مرمى لسهام الخصوم، وفي رصد دائم لخطابها السياسي، وهي تخوض معترك أيدلوجيات وأستراتيجيات طارئة، مع قوى اللادولة وسلاحها المنفلت والمتربص في معالجة اغلب الأحداث، لذا كان المسار السياسي يشهد سيرا في إتجاه مخالف، الأمر الذي يعكس حجم العثرات على الواقع السياسي، لاينفك حتى يدخل في معترك سياسي وأزمات جديدة وتهويل إعلامي يجعل المواطن أمام قراءات خاطئة لمشهد ألأحداث، فبوصلة قوى اللادولة تؤشر للسير وفق ما أعد اليها من أهداف خارجية، بعيدة عن الأرادة الداخلية.
ومن الوقائع الثابتة التي لابد من التأكيد على ذكرها إن هذه المليشيا ( قوى اللادولة ) أنها تتعمد أسلوب القنص والإغارة على الخطابات المعتدلة، منذ ظهورها على الساحة بعد سقوط الصنم، ومما يجعلها في دائرة التشكيك أنها تتمتع بدعم غير مسبوق سواء كان هذا الدعم ماديا أو بالسلاح والأمكانيات الأخرى، وقد أتخذ بعضها الصراع الداخلي سواء مع القوات الأمنية أو مؤسسات الدولة أو جهات اخرى وبمواجهات مسلحة أودت بخسائر بشرية وبنى تحتية كأولى نشاطاته وأثبات وجوده الأجرامي على الساحة الداخلية، علاوة على ماتفتقر اليه من ضوابط وغياب المشروع لديها، وأغلب المراقبون يضعونها في دائرة التشكيك، والمسؤولية عن حوادث وجرائم الأغتيالات بغية فرض نفسها بالسلاح والقوة فهي ترفع شعار ( إن لم تكن معي فأن ضدي) بالأضافة أنها أيدلوجيات متغيرة.
هنا لابد من الأشارة الى مكامن الخطر في تلك القوى، أنها سعت بشكل تام في إضعاف المؤسسات الامنية، بعدما تسيدت وهيمنت على أغلب القرارات الحكومية، وأصابت جميع مفاصل الدولة بعدوى الفساد، وأشاعت لغة الأغتيال والجريمة في تعاطيها مع الخصوم، وغيبت الدستور عن فرص المعالجات، نتيجة صراعاتها فيما بينها في الاستحواذ والوصول الى اهدافها.
ومن هنا كان لابد لقوى الدولة من تأكيد خطابها السياسي كما أكدته سابقا، وتبنيها لمشروع وليد منظومات فكرية ثرية، يرفع تشوهات العملية السياسية وقادر على انتشال البلاد من مكامن الأخطار، ويحدد بوصلة النجاح من خلال أرساء مصالح العراق أرضا وشعبا، رافضاً أي تمحور أو أتفاق داخلي وخارجي أو سلاح منفلت يستهدف بناء الدولة ومؤسساتها، مهما كانت إنتمائاته وجهات تمويلها، وقمع أي إرادات تحاول تغير المسارات الصحيحة، إلا تلك الأرادات التي تأتي عبر صناديق ألأقتراع والأنتخابات.