عادة ما تُطلق صفَّارات الإنذار في أيام الحروب لتفادي خطر الضربات الجوية والصاروخية التي ليس بالإمكان معالجتها في السابق , صوت يبعث على ضياع الأمل في زحمة الصراع , وسرعان ما تستجيب له النفوس وتلبي رغبتها في مواصلة الحياة عِبر الأختباء تحت الأرض خشية الفناء فوقها , تترك المدن في وحشة مضجرة وكأنها مقبرة لفها النسيان .
تعتبر تلك الحالة أجراء وقائي يسبق زمن وقوع الحدث بوقتٍ يسمح للناس مغادرة الأماكن المستهدفة ..لا تنطلق تلك الأصوات عن فراغ , إنما وفق معلومات تكاد تكون مؤكدة وقبل وقوع المحذور.
اليوم , تعرضت بغداد لحفلة تفخيخ جديدة وتحت أنظار , جهاز كشف المتفجرات , و بعد أن تقطّعت الأشلاء أستشعرت قواتنا الأمنية الخطر وقامت بفعلٍ شجاع .. ثمة صوت جديد يُحذّر المواطنين من وجود عدد آخر من السيارات المعدة للتفجير وعليهم أن يحموا أنفسهم ! لكن هذه المرة المصدر هو سيارات الشرطة والأجهزة الأمنية المعنية برفع الروح المعنوية للشعب ومحاربة الإشاعة التي يبثها ( الطابور الخامس ) .. كيف يمكن أن يكون شعور الأنسان عندما تعلن الدولة عجزها وضعفها أمام الإرهاب ؟.. أنا على يقين أن صوت الأنفجار لا يوّلد ذعراً بقدر هذا الإعلان الذي يتجرّد أصحابه من المسؤولية التي أختاروها طوعاً .. الأمن شعور , ومن لا يعمل وفق مبدأ (الأمن بدلالة الطمأنينة ) فهو فاشل .
اليوم تنازلت الحكومة بشكل شبه رسمي عن منجزها الوحيد خلال ثمان سنوات , رغم فقدانه منذ زمن , إلا أنها ظلت مكابرة وتتعكز على النجاح في هذا المجال . علينا كشعب أن نساعدهم في أن يتجاوزوا غرورهم ويفيقوا من مرض إدمان السلطة قبل فوات الأوان وإلا سنتحمل وحدنا تداعيات أي تأسيس جديد , فيبدو أن العراق لا زال مختزل برجل الكرسي الأول , فأن ذهب تهاوى معه كل شيء !