يبدو ما حدث في جلسة مجلس النواب التي تم فيها استجواب وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي مثيرة للجدل من نواحي كثيرة :
الأولى: تحول فيها من وزير للدفاع الى وزير للهجوم .
الثانية: حدث من الناحية السيكولوجية حالة من تطهير الذات .
الثالثة: الجرأة لدى القائد العسكري الوطني بلفظ الأسماء والحوادث المخالفة، هي كما يعرفها العراقيين عند الأبطال فقط بعد طول سكوت.
الرابعة: اعتبرت الجلسة بالنسبة لبعض البرلمانيين نصرا مؤزرا لهم على الطائفة الأخرى، بينما هي خروج من التكتل الطائفي.
لم يكن مجيء العبيدي بمحض الصدفة أبدا، يحمل شهادات عليا بمجال اختصاصه وفاز بالانتخابات..لكن إخراج المسألة بهذا الوقت هو :
خدمة لكل الدواعش وسحب الوزير من موقع عمليات الموصل لأمور لا يعلمها إلا الله.
لكن، من طبيعة الأحداث السياسية التي جرت في المنطقة العربية، عند تهيئة شخصية أخرى والوصول بها الى سدة الحكم، ان اغلب المسئولين يتم مكاشفتهم بأمور فساد مالي وإداري واجتماعي يربك الوضع الحكومي ويفجر الوضع الشعبي المحتقن مع إزالة العتمة عن أعين الجماهير.
الشعب صاحب المظاهرات والتي قمعت من قبل الحكومة الحالية والسابقة هو أول من شخص الفساد والمفسدين وحمل صورهم وذهب ضحية هذه الجرأة عدد كبير من الناس ووصل بهم الأمر الى دوس مقاعد النواب بسخط وكراهية واحتقار.
ما حصل هو جرأة الوزير المكتسبة من الثقة العالية بالنفس و الجماهير. لوحظ انضباطه العسكري العال، واستقراره النفسي قبيل تحرير الموصل على اعتبار ان وزارة الدفاع وصلت الى مراحل جيدة من العدة والعدد وغيرها.
مر الوزير ومن معه أمام الخط الأول في البرلمان كأنه إشارة الى(سلم لمن سالمنا) وعندما جلس على المنصة والى جانبه كبار العسكريين(حرب لمن حاربنا). تشفير متقن؛ انني ولست وحدي هذه الرتب من كبار العساكر ورائها المراتب والجنود معي، انها اذرع وأجنحة استطيع التحليق بها خدمة للوطن، مما جعل الجلسة ساخنة أعطت الدولة عطلة لمدة يومان قلقا من الحالة.
خرج الوزير منتصرا بإثباتات أو بدون إثباتات فهذا ما تريده الجماهير وفي اليوم الثاني تجول في مناطق الشيعة والسنة توضيحا لمسعاه و ردا على النائبة عواطف وأمثالها التي قالت ما معناه:(عندما تفجر الكاظمية يجب تفجير العظمية).
نادت الجماهير (علي وياك علي) وهي رمزية الشيعة المستضعفة بوجه الطغاة ومناداة السنة (العبيدي بطل ..بطل العبيدي).
الجماهير لمست ان هذه الطغمة الحاكمة صعب إزالتها ولا بد من منقذ، رأت في العبيدي رجل المرحلة القادمة من داخل المؤسسة العسكرية حتى لا يسمى انقلاب، ومثلما حصل في مصر، هذا أيضا يرضي الأطراف الدولية لسحق الأحزاب والمليشيات المتنفذة.
ما فعله العبيدي بمعلوماته الدامغة على الرؤوس، فعلته الجماهير حين داست ب(القنادر والنعل) قاعة البرلمان وكراسي النواب ممثليهم والرئيس، تتحد لتكون مغزى واحدا هو يجب مسح البرلمان من الأرض، لأنه لا(بر)ولا(آمان)فقط ما يسيطر على الشخصية العراقية سلطة عسكرية قوية.