19 ديسمبر، 2024 12:27 ص

إعلام يراوح …ينتظر… في وسط العصف الرقمي !

إعلام يراوح …ينتظر… في وسط العصف الرقمي !

 الإعلام احد أبطال المرحلة التي طالت حياة العراق السياسية …وهو المتوالد والمتربع والمتسع دوماً ليغدوا مدلل التغيير،صحف وقنوات ومواقع.. إمبراطوريات إعلامية تتمدد بكل راحة وبأموال هائلة …وبقدرات أصبح ( بعضها) بفضل الفوضى إبداعات وأجناس من اللعب الصحفي الحديث .كمشارك خارج نطاق التأثير .
   وكلنا يعلم ما الذي ينطوي على وسائل الإعلام من وجهة النظر الديمقراطية والبلدان الانتقالية …وكيف يمكن ان يتحكم في تسيير اللُعب السياسية ،يعطي الأمن الديمقراطي والصحة السياسية والمشاركة ،والتنشيط وخلق الدوافع ،لشعب في السابق لم يعرف طعم حريات التعبير .خريطة التحكم في العراق يفترض ان تكون احد أركانها وسائل الإعلام …وهي التي من شانها ان تُهيكل مصانع  السياسية، وفرص التجريب التي استهويت السياسيين وأوقعتنا في مهازل الانتظار والترقب وحب المستقبل .
   ويبدو جلياً ان الكثير من قوى التحكم الإعلامي في العراق لم ترد ان تحظى بفرصة الدور الحقيقي …ولم ترد ان يُؤشر لها على إنها سلطة رابعة _ حقيقية وليست – أدبية اومقالية …فالمعانات والمشكلات الإعلامية، مركونة، مخفية وغير معلنة، كما هي دهاليز السياسية .وإذا كنا نتكلم عن الدور الواضح والحقيقي لوسائل الإعلام في العراق والتي نشأة وترعرعت في بيئة سياسية متناقضة ومتسرعة ، أوقع بعضها في فخ الدفاع و الحجب  والدعاية ومن ثم التبرير السياسي وهي التي تلحق الإحداث ولا تكشفها او تصنعها،  لذا فان بوصلة الربيع الإعلامي في العراق_ اذا ما بقى هذا المسار_  دوما ستكون ملاحقة الأزمات وملاحقة ماذا يُقال حول هذا وذاك …وما مواقف الكتل حول كذا ..ولكن حينما يكون السؤال الكبير لماذا تحصل الأشياء؟ او حصلت بهذا الشكل؟ وبذلك الكرم من المال والوقت والفشل؟ عند ذاك تختفي القنوات( الوسائل) الهاوية …والمسايرة …والمحتفلة ..بانتصارات لقاءات المسؤولين ونقل تصريحاتهم …وسائل الإعلام باختزال صنعت  للسياسيين مهارات في إدارة حلبات الصراع بالتصريح والحديث والحوار الذي يدور حول نفسه(في الأغلب ) …لا لون له او رائحة ….أو مصداق .
     وإذا كان تراكم الخبرة قد يُنذر _ او من المفترض ان يُنذر_ بحراك للفكر والتحكم الإعلامي  وفلسفة حراسة الديمقراطية بأفق وحوار ومضمون يُحرج السياسي ويدخله في دائرة الذنب السياسي والتاريخي لما حصل ويحصل .وهذا يتطلب ذاكرة ، وقاعدة بيانات ، ومهارات في فنون توظيف المضمون ، وعمق مهني تراكمي …(وان وجد هذا في قليل  من مساند الإعلام العراقي) .
    بطولات وسجالات وتصريحات كانت بعض وسائل الإعلام والرأي العام ضحايا هذا المسلسل مسلسل الفشل وإعطاء جرعات التنشيط والأمل، وربما التحريض الذي حينما يصبح الكلام بأسم الطائفة او المنطقة او التاريخ او الوطن . وكانت وعود المسؤولين بالكشف وحدها التي لم تدخل غرف التحرير(إلا ما ندر ) …لا أسماء …لا نتائج …لا أعداد …لا قرارات بالشكل الذي أصبحنا ( بلد اللجان ) بلا بُشرى… او كشف او شفافية لنهاية الأزمات الولود.
   حتى الذاكرة في أحيان دائمة.. تستحي مما سيغلق بعد أيام… لم ننعم بجمال الكشف الإعلامي لم ننعم بجمال وبهاء الاستقصاء الإعلامي،الذي تسير به كل شعوب الأرض لمحاسبة من يُقصّر ومن يُفسد ومن يُكذب  ووضعهم في ذاكرة الناس .ماذا يعرف الرأي العام …إي أرقام نحمل ، وماذا تعلم وسائل الإعلام حتى يمكن ان تنقل وان تنشر وتحلل كباقي قوى حراسة الديمقراطية …وإحدى سياط قوة الرأي العام بوجه المسؤول .هل حاسبت من كذب على العراقيين …هل حاسبت من لم يكشف …أرقام الضحايا …والأموال ونسب الفشل …إعلام بلا أرقام وبلا ذاكرة ،لا يمكن ان يحمي غير طقس سياسي سائر ومراهن على المضارع .
  خرجت قوات الاحتلال لكن أنين الضحايا لم يصمت …خرج الاحتلال لكن عيون الجائعين باقية تنتظر رد كبرياءها وأموالها وزمانها… الذي ضاع وسط المتاهات والفوضى والتأجيل .خرجوا …ونحن ألا نبدأ…متى نبدأ ..كيف يا إعلام نبدأ .هل نظل نُطعم الشاشات بصور وجوه تصرخ وتتوعد بأطنان التصريحات والتوافقات والتلازمات من باب التحريض والعنف ودائما باسم الراي العام والمصلحة العليا..الخ….وهل سنستمر في نقل الوعود الكاذبة …هل نستمر في التخدير …وفي كشف ما تعطيه الشوارع والضحايا والوعود ..هل نسبق الزمن ونطالب ونذّكر هذه المرة …أين …متى …كيف .لماذا …هل نغيّر بوصلة السياسة ونُريح الرأي العام …لأنه ملّ الوجوه… وملّ الوعود وملّ ان ننقل كلام من يكذب بإحتراف  .
* مركز حمورابي للأبحاث الإستراتيجية
[email protected]