18 يوليو، 2025 11:52 ص

إعلام ذي قار: منبر الحقيقة أم بوق السُلطة؟

إعلام ذي قار: منبر الحقيقة أم بوق السُلطة؟

لطالما آمنت بأن للكلمة قوة قادرة على إحداث التغيير وأن الإعلام في جوهره ضمير المجتمع وصوت من لا صوت له. كنت أكتب المقالات وأشاركها مع بعض الإعلاميين والمعارف في محافظتي ذي قار وأحيانًا أرسلها إلى صحف عراقية وعربية ظنًا مني أن الحياد والمهنية ما زالا يحتفظان ببعض المساحة في المشهد الإعلامي.
نصحني صديق بالانضمام إلى “گروبات” يضمّ كل منها المئات من الإعلاميين والإعلاميات من ذي قار بدعوى أنها فضاء حيّ للنقاش وتبادل الرأي. وفعلاً اشتركت في اثنين منها وكل واحد يحوي أكثر من 600 عضو رقم يوحي بحيويةٍ وتنوّع في الطروحات.
لكنني آثرت المراقبة لعدة أشهر قبل أن أشارك لأتلمّس طبيعة الخطاب الإعلامي فيهما. والمفاجأة أن 95% من المنشورات كانت تمجيدًا متكررًا لمسؤولين بمستوياتهم كافة من الوزير حتى أصغر موظف محلي. العبارات تتكرر: “زار الوزير” “اهتم النائب” “تفقد عضو المجلس” “أشرف القائممقام” “قرر المحافظ” وكأنها أوامر تقارير يومية في صحيفة ناطقة باسم الحكومة لا منابر مستقلة.
ولما سألت صديقًا من خارج الوسط الإعلامي عن سبب هذا التمجيد الجماعي أجابني بمرارة: “يُدفع لهم شهريًا لقاء هذه التغطيات إنهم ما يسمّون بالذئاب الإلكترونية”.
هذا هو واقع إعلاميي ذي قار اليوم أو على الأقل غالبيتهم. إعلام مؤجَّر مدجَّن يُطبل لمن يدفع ويصمت عن معاناة الناس ومشاريعهم المعطلة. إعلام تحوّل من ناقل للحقيقة إلى أداة في يد السياسيين يُجمّل الفشل ويطمس الفساد ويهمّش كل من يقول “لا”.
إن هذا المشهد المؤسف لا ينتمي لا إلى المهنية ولا إلى الشرف الإعلامي. بل هو انحدار خطير يجعلنا نتساءل: من سيقول الحقيقة إذا كان الإعلام قد باع صوته؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات