اليوم ونحن نمر في عصر تعتمد فيه معظم الانشطة الانسانية في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والتجارة إعتماداً مباشرا على وسائل الاعلام بكافة ألوانها لما تمتلكه من تأثير كبير وملكات إتصالية وإعلانية ودعائية بالاخرين وفي نفس الوقت ينتقل ذلك بشكل مباشر وغير مباشر الى كافة جوانب الحياة
وهنا علينا ان نتوقف في حلقتنا الخامسة والأخيرة أمام ما يجري اليوم في مكاتبنا الاعلامية , دوائرنا الإعلامية العامة, ومكاتب الاستشارة الاعلامية حيث ان هناك تخصيصات مالية هائلة تنفق في حين نرى ان المردود الاعلامي والدعائي والإعلاني أقل ما يقال عنه إنه ( بائس ) بالشكل الذي يخرج الى المتلقي في الساحة العراقية
ولنستعرض جزءاً يسيراً من أعمال هذه الدوائر الإعلامية في وزاراتنا ومؤسساتنا وهيئاتنا الحكومية لنجد إن هناك احتفاليات يصرف عليها ما يقرب من مائة مليون دينار دون ان تؤدي الى الغرض الذي من اجله أقيمت هذه الاحتفالية أو تلك .
,
وهنا وبالطبع نقصد الاحتفاليات التكريمية لهذا الفنان أو ذاك التشكيلي أو ذلك لاعب كرة القدم أو غيرها من الاحتفاليات التي لا تمت بصلة لعمل الوزارة. حيث ان الاحتفاليات غالباً ما تكون بائسة , فقيرة في الاداء, رسالتها للمتلقي غير واضحة , جمهورها الحضوري ليس من جنس وفصيلة المحتفى به ويستعان بموطفي الدائرة للحضور قسرا ,وخلاصة الموضوع ان هناك عدة مستفيدين من هذه الاحتفالية وهم .
اولا..مجموعة من منتسبي الدائرة الذين أشتروا مستلزمات الاحتفالية ..حيث الخصومات والفروقات في الاسعار .توزع فيما بينهم
ثانياً ..أصحاب المطاعم الراقية حيث يتم حجز كميات هائلة من الاطعمة للمحتفلين وبأسعار عالية جداً وغالبا ما توزع ثلثيها الى .الحمايات والعمال ومنتسبي الدائرة
ثالثا..عملية فساد في مشتريات الحفل ..تصل في بعض دوائر اعلام الوزارات الى نصف الميلغ المصروف توزع بالتساوي احيانا على اللجان المشرفة
رابعا .ينتج غالباً عن مثل هذه الاحتفاليات عملية شراء ذمم لفنانيين ورياضيين وصحفيين ومنظمات مجتمع مدني وتعطى لهم مبالغ في ظروف خاصة وهو شيء قبيح جدا
خامسا..توزع الجرائد والمجلات والفولدرات الى المجتمعين في الحفل ..ومع الاسف انك تراها مرمية هنا وهناك دون ان يحملها معه الا القليل وهو أمر يدل بوضوح على ( تفاهة ) تلك الجرائد والمجلات التي تمتلئ بصور الوزير والوكلاء ومن الغلاف الى الغلاف
والغريب أنك تجد هذه الاحتفالية أو تلك ليس لها اية علاقة بصميم عمل الوزارة او الهيئة وان بالامكان الاستفادة من الاموال في اعمال اعلامية ودعائية كبيرة يكون نتاجها كبيرا وتكون الرسالة التي نرسلها للمستهدف وهو المتلقي مفهومة وواضحة ويسيرة الفهم .
قلنا مرارا إن الاموال الكبيرة تذهب لاعمال تقليدية محضة عفا عليها الزمن ولكن ( المسؤول الكبير) لايزال يتصور ان هذه الاعمال مؤثرة بسبب ضعف الصورة الاعلامية الحديثة لديه واطلاعه على الاعلام التقليدي فقط دون الاخذ بنظر الاعتبار ما يلعبه الاعلام الالكتروني والاتصالي والاعلام الطرقي والاعلانات والسبوتات التي يمكن عرضها في الفضائيات ..
والمشكلة الاكبر من ذلك إن المسؤول الاعلامي يرضخ بسهولة لطلب مسؤوله الاكبر دون ان تكون له مداخلة لافهام المسؤول الاكبر بخطأ هذا العمل وعرض عليه الاعمال الاعلامية الحديثة التي يكون تاثيرها أضعاف أضعاف ما يحققه العمل البدائي التقليدي الذي يصر عليه المسؤول الاول
أن الاعلام الورقي يتهاوى اليوم امام التقنيات الحديثة في الاعلام والدعاية والاعلان وعليه فاننا نتصور ان المبالغ المالية الهائلة التي تنفقها الوزرات على الاعلام الورقي المتثمل بالجرائد والمجلات والفولدرات والنشرات بات أمرا يجب اعادة النظر فيه وتقنينه ان لم يكن بالمقدور الغائه
ويمكن ان يكون البديل هو اللجؤء الى الاعلام الالكتروني وتخصيص مساحات اعلانية في الطرق والتقاطعات المهمة وعلى أسطح البنايات العالية في هذا المكان او ذاك مع التنسيق مع الفضائيات والاذاعات في انتاج سبوتات او اعلانات سريعة تقدر بالثواني ولمرات عديدة متكررة وفي اوقات الذروة وهو أمر ستكون مردوداته على المتلقي كبيرة جدا وهو أمر مجرب في العديد من البلدان ونجح نجاحا باهراً
إن تدريب مجموعة من الاعلاميين على الظهور في الفضائيات والاذاعات لتبيان خطط الوزارة واعمالها والرد على الاثارات التي ترد هنا او هناك وايضاح الموقف الحقيقي لهذه المشكلة او تلك مسالة مهمة جدا لا يمكن التغافل عنها وتركها هكذا
الخطط الاعلامية يجب ان توضع بشكل يتسم بالعلمية والمهنية الرصينة والاستعانة بكبار الاعلاميين العراقيين ونقابة الصحفيين وأقامة الدورات التدريبية المكثفة في الداخل والخارج