5 مارس، 2024 4:53 ص
Search
Close this search box.

إعلامان متلونان متضادان و” كفشة شعر” جونسنية صفراء واحدة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو أن رئيس وزراء بريطانيا الحالي والقيادي الأبرز في حزب المحافظين بوريس جونسون ، على سبيل المثال لا الحصر قد حقق انجازا كبيرا على المستوى الدولي أو الاوربي فإن الاعلام الشرقي سيطبل للحدث ويطير فرحا قائلا “مرحبا وأهلا، كيف لا يحقق جونسون من الانجازات الكبرى ما يخلب الالباب ويثير الدهشة وجده لأبيه هو من اصول تركية وجذور اسلامية “، بخلاف ما لو تورط جونسون ذاته بملفات فساد وعنصرية وتحرش جنسي وماشابه فإن نفس الاعلام الذي اثنى عليه خيرا في الموقف السابق ونظم بحقه قصائد المديح والغزل والثناء سيقول ” بعدا بعدا ، كيف لا وجده لأمه هو حاخام ارثوذكسي من اصول ليتوانية !!” .
وما يصدق على الاعلام الشرقي في هذا التلون المقيت وتلكم الصفات القمئة يصدق على الاعلام الغربي حرفيا، فلو أن جونسون هذا قد احسن صنعا لقال الاعلام الغربي وبالأخص إعلام حزب المحافظين الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء البريطاني”كيف لا وجده لأمه حاخام ليتواني كذلك فإن زوجته كاري سيموندز ، بريطانية ووالدها هو احد مؤسسي اعرق الصحف اللندنية – الاندبندنت – فضلا عن ان ثقافة جونسون وجنسيته وهويته ودراسته ونشاطاته وولاءه كلها بريطانية 100% ، علاوة على كونه ممثلا ومرشحا عن حزب المحافظين صاحب الاصل والفصل والسمعة العريقة والارومة الطيبة !” ، بخلاف ما لو أن جونسون – ابو كفشة – قد أساء واختلس وتصرف تصرفا غير لائق بما يضر بسمعة بريطانيا فسيقال حينها لاسيما على لسان حزب العمال البريطاني المعارض ” مؤكد ذلك ومتوقع منه، لأنه من اصول اسلامية تركية ولأنه مرشح الخصم اللدود حزب المحافظين ، ألم نقل لكم انتخبونا نحن فقط لاغير وسنخدمكم ، ونمثلكم ، ونحافظ على سمعتكم ، ونحقق لكم مطالبكم !” وكلاهما متلون .
وعلى ذات المنوال وعلى سبيل المثال لو أن الامارات فتحت باب الاستثمارات مع تركيا اردوغان كما حدث مؤخرا فإن اعلام المعارضة المصرية المقيمة في تركيا سيطبل ويزمر لهذه الخطوة وهو المعروف بشتمه وشيطنته للامارات ونظامها الحاكم صباح مساء ، مبررا الاتفاقات التركية – الاماراتية ،بأنها تصب في الصالح العام وأنه “لاعداوات ولاصداقات دائمة في السياسة ،وانما مصالح دائمة ” بالمقابل فإن اعلام السيسي الذي يتغزل بالامارات ليلا ونهارا قد عد مثل هذا التقارب ومثل هذه الخطوة المفاجئة بأنها مجرد مناورة على الاعراف والمواثيق فرضتها ظروف المرحلة الاستثنائية لاسيما وان زيارة مستشار الامن القومي الاماراتي الى تركيا قد تزامنت مع زيارة الرئيس الاثيوبي ، ابي احمد ، الذي استقبل استقبال الفاتحين في انقرة ولما تزل معضلة سد النهضة مع كل من مصر والسودان قائمة ولم تحل بعد !
وعلى ذات الشاكلة لو ان العراق انفتح على مصر والاردن والسعودية وربط الكهرباء وفتح الحدود على مصراعيها معها فإن الاعلام المؤيد سيقول ” مرحبا بالاشقاء العرب واهلا بعودة العراق الميمونة الى الحضن والحاضنة العربية ” بالمقابل فأن الاعلام المعارض لهذه الخطوة سيطبل ويجعجع ويشيع ، بأنها ” جزء من مشروع الشام الجديد الذي تباركه اميركا والبنك الدولي ويهدف الى تحييد ايران وازاحتها عن المشهد العراقي برمته وتقليم اظافرها في عموم المنطقة ، وان كهرباء الخليج لايصلح للعراق ، وان كهرباء مصر والاردن مجرد حبر على ورق ،وان البضائع المصرية لاتوازي الايرانية ، وان الكثير من البضائع الاردنية واجهات لشركات اصلها اسرائيلية بزعمهم ، وان العراق لن يحصل من هذا الاتفاق على شيء جدي يذكر مقابل نفطه الذي سيغدقه على كل من مصر والاردن ، اضافة الى تشغيل العمالة المصرية بدلا من العمالة العراقية التي تعاني من البطالة الحقيقية وان مشروع الشام الجديد هو الخطوة الاولى لما يسمى بالتطبيع مع الكيان ووو…جيب ليل واخذ عتابه !” بخلاف ما لو ان العراق قد انفتح على ايران برغم قطعها المياه عنه وتحويلها من ارض المنبع الى ارض المنبع ثانية بدلا من ارض المصب في عز ازمة المياه وشحها ، وبرغم حجبها الغاز اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية عنه الا بعد – دفع ما بذمته من ديون – في عز الصيف اللاهب حيث تجاوزت درجات الحرارة حاجز الـ 51 مئوية ، وفي ذروة ازمة الكهرباء الخانقة المتزامة مع التفجيرات المشبوهة واللئيمة والحاقدة لأبراج الطاقة الكهربائية ، فهنا سينقلب خطاب الاعلامين المتلونين 180 درجة وستسمع من الثاني كما هائلا من التهاني والتبريكات على توطيد العلاقات مع الجارة التي تربطنا واياها حدود جغرافية طويلة واتفاقات اقتصادية وجيو ساسية كثيرة ، فيما ستسمع من الاعلام الاول كما مماثلا وبنفس القوة ولكن بعكس الاتجاه وهو يكيل الشتائم ويسوق التخوينات !
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وبما اننا قد مررنا عرضا على ذكر جونسون فأتمنى من كل قلبي بأن “يسرحوا له شعره أو يحلقوه ، جله او كله ، لأنه وبخلاف الصلعة والشعر الأبيض طويلا كان أم قصيرا ، فإن – الكفشة والشعر المجنون – لاتليق بالرؤساء ورؤساء الوزراء والنواب بأي حال من الأحوال وبالتالي ورأفة بالذائقة البشرية وإحتراما لمشاعر الشعوب وليس حبا ببريطانيا التي تسمي نفسها بالعظمى ارجو من الملكة اليزابيث الثانية اصدار أمر ملكي عاجل وفوري واجب التنفيذ يقضي إما بتسريح وتصفيف شعر رئيس وزرائها بوريس جونسون ، أو بتغيير لونه الى الاشقر الغامق بدلا من الاصفر الفاقع ، او بحلاقته ، لأن سمعة بريطانيا صارت على المحك لاسيما حين يظهر هذا الشعر – المخربط -الشبيه بصفار البيض في مجلس الامن واجتماعات الامم المتحدة وحلف الاطلسي ، اذ من غير المعقول ان بريطانيا سعيدة بهذا الشعر المنفوش الذي يضفي بلاهة تدفع الى التفكه والتندر والسخرية على رئيس وزرائها الذي يمثلها ” لا اقول ذلك حبا به ولا ببريطانيا العجوز وانما لتتناسب الخصومة مع الخصم ، فعندما يقف هذا المخلوق ليتحدث عن العرب والمسلمين بعنجهته المعهودة اجد في شعره البريطاني المنفوش والمجنون اهانة لنا وقبل غيرنا ، لأن الخصومة شرف لاتمنح الا لمن يستحقها ” …علما ان تكاليف حلاقة أو تصفيف هذا الشعر أو صبغه او رشه بالسبراي او دهنه بالجل لمقاومة الرياح العاتية اثناء الخطابات – الهوائية – امام بوابات 10 داوننغ ستريت ،ولتشجيع اصدار مثل هذا القرار الملكي العاجل ، فإن ” فلوس التصفيف والصبع والحلاقة على حسابي “.
العجيب والطريف وللعلم والاطلاع فإن جده لأمه كان حاخاما أرثوذكسيا ليتوانيا، اما جده لأبيه فهو تركي مسلم يدعى علي كمال، كان شاعرا وصحفيا وروائيا وقد شغل حقيبة وزارة التعليم ومن ثم الداخلية في اواخر العهد العثماني حتى سقطت حكومة اسطنبول بيد الاتاتوركيين القادمين من انقرة آنذاك فالقي القبض عليه في احد محال الحلاقة قبل ان يكمل حلاقة شعره وذقنه وتشذيب شاربه الطويل وانهال عليه الجنود من اتباع اتاتورك ضربا بالهراوات حتى فارق الحياة عام 1922 …وعلى ما يبدو فإن جونسون الحفيد يرفض حلاقة شعره اما خوفا من الحلاق لأنه يذكره بنهاية مأساوية بشعة ختمت حياة جده لأبيه وفي قلبه حسرة …او انه قد عاهد نفسه على ان لايحلق ويظل هكذا – ابو كفشة – تأسيا بجده الذي لم يكمل حلاقة شعره وذقنه عند الحلاق قبل الرحيل والفراق !
واكرر حذار من الاعلام الملون والمتلون فلقد اكتشفت وبمرور الزمن بأن العديد من الخصوم الذين سوقهم لنا الاعلام (الاصفر والاحمر والاخضر) طيلة الحقب السابقة واللاحقة لم يكونوا بالسوء الذي وصفوه لنا وليسوا من صنف الشياطين كما سيق لنا في كل وقت وحين ، بالمقابل فليس كل الحلفاء المزعومين ممن سوقهم ذات الاعلام الملون والمتلون كانوا من المحافظين والوطنيين والثوريين والمتقين والاولياء الصالحين !
واذا كنت جادا في البحث عن الحقيقة فلابد لك من اعادة دراسة وتقييم بعض ما لوثوا به عقلك ، شوشوا به فكرك ، أوغروا به صدرك حتى لاتظل تبني ما تراه وتسمعه حاضرا ومستقبلا على اسس متهالكة وقناعات سابقة متهافتة هي أقرب للباطل منها للحق ، وأقرب للخطأ منها للصواب ولا أريد هاهنا ضرب الأمثلة الواقعية على ما أقول على كثرتها لأن الخوض والنقاش والجدال والمراء البيزنطي العقيم وغير المجدي بشأنها سيطول ويطول كثيرا بما لاطائل من ورائه قط لاسيما مع شخص مغسول الدماغ ” قافل من الأبي”يظن واهما بأنه الوحيد على سطح هذا الكوكب الذي يحتكر الحقيقة المطلقة ويمتلكها وكل ما سواه جهال يعيشون حياتهم في الضلال المبين ، كل هذا ناجم عن تقديس التابع عامة للمتبوع الذي يجله ويهابه ويقدم له كل فروض الطاعة والولاء في العسر واليسر، في المنشط والمكره “زعيما،رئيسا،ملكا،أميرا ،سلطانا، قائدا، فقيها،مفكرا ..الخ ” فتراه يبرر لهذا المتبوع كل أخطائه وخطاياه ويسوغها ويضخمها ويباركها ويذيعها بين الناس صغيرة كانت أم كبيرة ، نفيسة أم خسيسة ،بالمقابل فإن المعارض عامة وعلى النقيض من الاول تراه يشيطن كل من يقدسهم غريمه حتى انك لتجده يشوه كل حسنة ويشكك بجدوى كل انجاز ويقلل من شأن كل نصر في اي مجال من المجالات وتجده يطعن بكل مشروع مهما كان ناجحا وكبيرا ومثمرا ويحرض عليه ، وبالتالي فقد انجب لنا إعلام التابعين الذي دنسه الخوف والنفاق والتملق الزائد والعشق الممنوع من جهة ، اسوة بإعلام المعارضين الذي لوثه الحقد والكره وتشويه الحقائق غير المشروع من جهة اخرى ولمختلف المذاهب والخلفيات والمشارب والايدولوجيات وقدموا لنا على الدوام انصاف حقائق مشوهة وارباع تحليلات ناقصة ما جعلنا نعيش اخماس وعي ،انصاف دهاء، اسداس ارادة ، ارباع احلام ، ثلاثة ارباع اوهام ، ولن نحسن قراءة الحقائق كما هي ومن غير رتوش وكما ينبغي لها أن تقرأ الا اذا تخلينا عن متابعة او على الاقل تصديق كل ما يقوله ” إعلام التابع المتملق العاشق المبهور ، وإعلام المعارض الكاره المتشائم الحذور ، لأن الاول يشبه الى حد ما الحمار الحنور، فيما الثاني تتطابق شائعاته وهرطقاته في كثير من الاحيان مع الكلب الممطور الذي واذا ما ابتل من المطر صار ينشر قذره ذات يمين وشمال ” ولن تجد تابعا او معارضا الا فيما ندر في الداخل وخارجه يبتعد كثيرا عن سياق هذه المعادلة وتلكم المتلازمة وينجو من شراكها الا ما رحم ربك .
وأختم بنصيحة اخوية من محب اضعها بين يديك إن شئت اخذت بها وإن شئت ضربت بها عرض الحائط وخلاصتها ” نصف إعلام التابع المُخَدَر كذب، ونصف اعلام المعارض – المكوك – كذب ايضا ” ولا استثني احدا منهم الا فيما ندر .اودعناكم اغاتي.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب