كثيرة هي العوامل التي منعت بلدا كالعراق له من مقومات النجاح ما ليس لغيره، من حيث الإرث الحضاري والموقع الجغرافي ووفرة الخيرات_منعته من الالتحاق بركب الدول المتقدمة.
تأتي الحروب التي مر بها هذا البلد في مقدمة تلك العوامل، لما تسببه من دمار للبنى التحتية واستنزاف القدرات والطاقات وتعطيل مشاريع التنمية، ناهيك عن إزهاق الأرواح وتشريد السكان، وظهور المجاعة وكثرة الأيتام والأرامل وبالتالي تفكك النسيج الاجتماعي، وانتشار الجريمة وبروز النزعة للانحراف.
هنالك عوامل أخرى لها ارتباط بما تم ذكره كتفشي الأمية وإنعدام الروح الوطنية لدرجة الشعور بالنقمة، على كل ما له علاقة بالطابع الرسمي للدولة، لاتهامها بالوقوف وراء سوء الأوضاع الأمنية والخدمية وغيرها.
هذا الأمر هو انعكاس لشعور العقل الجمعي إزاء كل الأنظمة التي حكمت العراق منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد الآن، تسبب بفقدان القدرة على التشخيص الدقيق للواقع الذي يفترض ان تكون عليه الحالة العراقية.
من الطبيعي والحالة تلك أن تضيع الجهود الخيرة والحريصة على مصلحة البلد بين ركام المفسدين وضجيج المحبطين ومكر الانتهازيين.
ليس من المعقول للعراق صاحب ذات التأريخ والحضارة أن يقف عاجزا من أن يفرض نفسه في المعادلة الدولية وينجح في إقناع الآخرين لاتخاذه أنموذجا يحتذى به في التعايش السلمي والتضحية وحسن الجوار.
التعاطي الإيجابي مع مشاكل المنطقة والعالم. محاولة واضحة لتغيير الحال، وخير دليل على ذلك هو الحراك الأخير لرئاستي الجمهورية والوزراء وجهودهما المعبرة عن الرؤية العراقية لحل مشاكل المنطقة.
حيث يحرص العراق على لعب الدور المؤثر في نزع فتيل الأزمة.، بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية كون العراق ونظرا لموقعه الجغرافي بين هذين البلدين سيكون أول المتضررين فيما لو حدث أي احتكاك، علاوة على أن إبعاد شبح الحرب هو كسر للارادات المحلية والإقليمية التي تدفع باتجاه وقوعها لجعل العراق ساحة صراع لا ناقة له بها ولا جمل.
إن تمتع العراق بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية تمكنه من استثمارها لتقريب المسافات والإطلاق من قاعدة المصالح المشتركة للجميع، حيث سيساهم ذلك في عودة الهدوء والاستقرار إلى جميع دول المنطقة خصوصا منطقة الخليج العربي الذي تعتبر الممر المائي الوحيد لتصدير النفط العراقي إلى الأسواق العالمية، وعلى الدبلوماسية العراقية أن تأخذ في حساباتها أن جميع أنشطتها التجارية ستصاب بالشلل التام، مع أول شرارة من مضيق هرمز مما يعني تعطل شريان الحياة في العراق وتوقف مصالح الشعب العامة، وأقل تصور عن تلك الأوضاع في ما لو حصلت هو، انفلات الأوضاع عن سيطرة الدولة وظهور عصابات الجريمة والسطو المسلح وتوقف المستشفيات وخروج جميع مؤسسات الدولة عن الخدمة الأمر الذي ستقف الحكومة عاجزة عن توفير رواتب موظفيها، وهذا ما لا يتمناه العراق.