23 ديسمبر، 2024 8:21 م

إعجابي ، بِصراحةِ الفتلاوي !

إعجابي ، بِصراحةِ الفتلاوي !

دعوة السيدة النائبة حنان الفتلاوي الى ضرورة تحقيق التوازن في عدد القتلى الذين يسقطون مابين الطائفتين المسلمتين الشقيقتين المتقاتلين السنية والشيعية، التي عبرت عنها في حوار تلفزيوني،كانت صادمة لدى البعض منّا وبعثت فينا شعورا بالخيبة.
وإضافة الى كونها دعوة صريحة لتبرير جرائم القتل الطائفية المتبادلة،واستمرارها،بدلاً من البحث عن سبلٍ واقعية للتعايش والاحترام ــ وهي كثيرة ـ فيما بين الاطراف المتقاتلة، فهي تعكس مدى البؤس الذي يعشعش في عقلية طاقم سياسي يرسم مصيرنا.
بنفس الوقت تثير دعوتها هذه تساؤلات عدة:- فأنْ يصدُر هذا الكلام على لسان امرأة،أمرٌ يدعونا لاعادة النظر في مفاهيم أساسية كرستها ثقافة انسانية  تؤكد على أنَّ المرأة رمزٌ للحنان ! !. وأنا لم أجد ايَّ علاقة مابين الأسم والمُسمى.
بنفس الوقت أشعر أن السيدة حنان لاتستحق ألإدانة ولاألشجب على صراحتها مع نفسها،ولاعلى تفكيرها بصوت عالٍ بكل ما يحرص آخرون أشد الحرص على اخفائه في دواخلهم ــ من ساسة ونواب ــ من افكار وقناعات راسخة،قد يكون بعض تلك الافكار المَخفية في قلوبهم ورؤوسهم،سواء من هذا الطرف أو ذاك أشدُّ تطرفاً وقسوةً ووحشيةً مما قالته الفتلاوي،لكنهم لايمتلكون وضوح وجرأة الفتلاوي ليعلنوها أمام المَلأ.
فنحنُ أحوج مانكونُ إلى المواجهة مع النفس لمكاشفتِها وكشفِها دونما كذبٍ وخداعٍ لأنفسنا وللاخرين،لكي نختصرَ رحلة طّعنٍ من الخلف،لطالما مارسناها،ضد بعضنا،وماعترفنا بها.
كلانا يعلم جيداً أننا نُعلن غير مانُخفي،فالحبُّ قناعٌ للكُرهِ،والثقةُ قناعٌ للرِّيبة والأحترامُ قناعٌ للسخريةِ والتديّن قناعٌ للرذيلةِ والعلمانيةُ قناعٌ للتقديسِ والشيوعيةُ قناعُ للطائفيةِ والقوميةُ قناعٌ للتعصبِ والفضيلةُ قناعٌ للسرقة ِ والقناعة قناعٌ للعجز والرَّحمةُ قناعٌ للقتلِ والأخوّةُ قناعٌ للعدواةِ.
الأمثال عادة تضرب ولاتقاس،ولأنني أؤمن بحكمة صينية تقول:” شيطانٌ واضح،أفضلُ من قدّيس غامض”.لذا أُعلن إعجابي بصراحة السيدة حنان الفتلاوي.